قصة أزمة بين النائبة نوال عامر ومصطفى شردي “جريدة الوفد كانت سببًا”

دخلت النائبة نوال عامر التاريخ بصفتها أول امرأة تشغل منصب وكيل البرلمان المصري[1]، وذلك بعد مسيرة من النشأة أوصلتها لذلك، فهي ولدت سنة 1931م لأب يعمل محاميًا، وأسست أول جمعية خيرية في منطقة السيدة زينب لرعاية اليتامى، ثم دخلت العمل السياسي سنة 1959م من بوابة الاتحاد القومي.

أزمة نوال عامر في عام 1984 م بين الوفد والنيابة

كانت الدورة البرلمانية في انتخابات 1984م هو الأصعب في مسيرة النائبة نوال عامر، فقد بدأت بأزمة كبرى مع جريدة الوفد التي كانت تتخذ صف المعارضة لنظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.

كان طرف الأزمة هو الصحفي الوفد مجدي سرحان والذي اتهمته نوال عامر بأنه يضايقها ويشير لها بيديه من شرفة المجلس وأرسلت بلاغًا بهذا الادعات إلى رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب في 3 ديسمبر 1984م.

وفق رصد جريدة الوفد لتلك المشكلة، لم يتحقق المحجوب من صحة الإدعاء، الذي ثبت أنه كاذب بعد ذلك، اندفع إلى اصدار تعليماته بطرد الصحفي من شرفة الصحافة، وقام رجال الأمن بتنفيذ التعليمات بأسلوب مهين، وانقضوا على الصحفى الشاب وسط زملائه وانتزعوه وهو يؤدي تدوين وقائع الجلسة وسحبوا منه تصريح الدخول طبقا لتعليمات المحجوب.[2]

سارع مندوبو الصحف الذين كانوا في الشرفة إلى كتابة مذكرة عاجلة ووجهوها إلى رئيس مجلس الشعب قالوا فيها أن جميع الصحفيين بمختلف الصحف يحتجون على سحب بطاقة المجلس من مجدي سرحان، وفي نفس الوقت، كان مصطفى شردي رئیس تحریر الوفد وعضو مجلس الشعب قد علم بالموقف ووجه رسالة مكتوبة إلى الدكتور رفعت المحجوب يسأله فيها إذا كان قد أصدر مثل هذه التعليمات فعلاً ورد المحجوب بأن مندوب الوفد وجه من شرفة كبار الزوار ألفاظًا غير لائقة للسيدة نوال عامر عضو المجلس أثناء الجلسة وأنها طلبت الحماية.

كانت الحقيقة التي لم يعرفها المحجوب على حد وصف جريدة الوفد وهو على المنصة ثم عرفها بعد فوات الأوان وبعد اندفاعه إلى إصدار قرارات خاطئة[3] وأن الحقيقة تتمثل في أن نوال عامر التفتت أثناء الجلسة إلى شرفة كبار الزوار، فلمحت السيدة عواطف والي عضو حزب الوفد ، التي كانت تنافسها في الانتخابات الأخيرة بنفس الدائرة، فأثار ذلك سخط نوال عامر وأسرعت إلى المسئولين عن الأمن في المجلس وهي في ثورة عارمة تسألهم: كيف سمحوا بدخول عواطف والي إلى شرفة كبار الزوار، وحاول رجال الأمن إفهام نوال عامر أن جلسة استجواب الطاقة النووية جذبت عديدًا من الزائرين وأن الجميع دخلوا وهم يحملون بطاقات تسمح لهم بذلك.

عادت نوال عامر إلى قاعة المجلس وقد ازدادت ثورتها وجلست في مكانها وراحت تتلفت حولها في عصبية زائدة، وتصيح بكلمات عالية أثناء سير الجلسة وتشير نحو شركة كبار الزوار، حيث كانت تجلس السيدة عواطف والي التي لم تعرها أي اهتمام وانصرفت إلى متابعة وقائع الجلسة وأدى ذلك الإهمال إلى زيادة ثورة نوال عامر، وإلى أنها راحت تنظر إلى الشرفة وتشير إلى عواطف والي، وتصادف أن كان مجدي سرحان المحرر بالوفد يجلس إلى جوار السيدة عواطف والي، وانتبه فجأة في غمرة انشغاله بتدوين وقائع الجلسة إلى إشارات نوال عامر، وظن أنها تشير إليه أو إلى أحد بجانبه، فنظر إليها مستفسرًا عن الشخص الذي تريد أن تلفت انتباهه، وإذا بنوال عامر تعتبر هذه النظرة والاستفسار عدوانًا عليها، فقدمت شكوى فورية إلى المحجوب الجالس على المنصة واذا بالمحجوب يصدر تعليماته إلى أجهزة الأمن بطرد الصحفي دون تحقيق، إلى أن ثبت أن نوال عامر مخطئة.

تزامنًا مع ذلك كانت نيابة الأموال العامة العليا بدأت تحقیقات هامة حول حصول نوال عامر عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني الديمقراطي على المال العام بدون وجه حق، إذ كانت شركة بيع المصنوعات المصرية التي تعمل بها عضوة المجلس قد أعدت مذكرة إلى النيابة العامه في صورة بلاغ ضدها، ولم يسفر تحقيق النيابة عن شيء.

[1] محرر، نوال عامر.. أول امرأة تشغل منصب “وكيل برلمانى” فى مصر، موقع فيتو، 22 إبريل 2013م

إقرأ أيضا

لماذا لم يتم وقف إعلان دقوا الشماسي؟

[2] محرر، جريدة الوفد، عدد 6 ديسمبر 1984م، ص1

[3] المرجع السابق، ص9