رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
395   مشاهدة  

كيف لعبت المخابرات الأمريكية دور كبير في انتشار شلل الأطفال في باكستان؟

شلل الأطفال
  • ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



عندما أغارت القوات الخاصة البحرية على مجمع سكني في باكستان في مايو 2011 وقتلت أكثر الإرهابيين المطلوبين على مستوى العالم قائد تنظيم القاعدة الإرهابي، أسامة بن لادن، كان هناك مصدر إرهاب آخر طال أمده يواجهه أيضًا ويتم القضاء عليه في باكستان وهو مرض شلل الأطفال.

في وقت اغتيال أسامة بن لادن وبعد ما يقرب من نصف قرن من تطعيم الأطفال والبالغين في مختلف أنحاء العالم، حاصر العاملون في مجال الصحة الدولية أخيرًا فيروس شلل الأطفال في أماكن محدودة في شمال نيجيريا وأفغانستان وباكستان. وبالفعل كانت باكستان في طريق التخلص من المرض للأبد لكن اغتيال أسامة بن لادن غير كل ذلك وحتى يومنا هذا وبعد حوالي عشرة أعوام لا يزال شلل الأطفال مرض مستوطن في باكستان والمخابرات الأمريكية لعبت دور كبير في ذلك.

في ربيع عام 2010، بدأ بحث المخابرات الأميركية عن بن لادن في التركيز على فيلا معينة في أبوت آباد، حيث تم رصد رجل غامض في الطابق العلوي من تلك الفيلا. اشتبه عملاء المخابرات الأمريكية في أنه قد يكون بن لادن، ولكن كانوا بحاجة إلى التأكد قبل شن غارة.

لذك ابتكروا خطة خيالية للتعرف عليه حيث استعانوا بطبيب وممرضات باكستانيين للقيام بحملة تطعيم ضد التهاب الكبد يقوم فيها بالذهاب للمنازل في الحي لإعطاء التطعيم. كانت خطة المخابرات الأمريكية أنه بعد تطعيم الأطفال الذين كانوا يعيشون في الفيلا، سيتم تحليل الحمض النووي من الحقن المستخدمة لتحديد ما إذا كانوا على صلة ببن لادن.

وكان مسؤول الصحة الباكستاني الذي اختارته المخابرات الأمريكية هو الطبيب شاكيل أفريدي. أفريدي كان لديه المؤهلات المناسبة من وجهة نظر المخابرات الأمريكية. حيث كان من البشتون وكان يتحدث اللغة المحلية، الباشتو. كما قام بحملة تلقيح ناجحة قبل ذلك بالقرب من ممر خيبر، في شمال غرب باكستان. كما أنه عاش في كاليفورنيا لعدة أشهر قبل تواصلهم معه وكان لديه عائلة في الولايات المتحدة.

ويقول الطبيب إنه لم يعرف قط أنه كان يعمل مع المخابرات الأمريكية وأنه تم الاتصال به من قبل ممثل محلي لمنظمة أنقذوا الأطفال، الذين طلبوا منه أن يدير حملة التطعيم. لكن منظمة أنقذوا الأطفال نفت تمامًا وجود أي صلة لها مع وكالة المخابرات الأمريكية أو أي وكالة استخبارات، أو وجود أي دور لها في هذه الخدعة.

لم تنجح الخطة التي وضعتها وكالة المخابرات الأمريكية كما كان مخطط لها. فعندما حاول أفريدي دخول الفيلا، أجابت امرأة ورفضت السماح بتلقيح الأطفال في الداخل. بعناد طالب أفريدي رقم هاتف رجل المنزل حتى يتمكن من ترتيب لتلقيح الأطفال في وقت لاحق. رقم الهاتف الحيوي ذلك كان ثمينا للغاية للمخابرات الأمريكية، حيث كان ملك لإبراهيم سعيد أحمد الذي كان يعتبر اليد اليمنى لبن لادن. كانت تعرف وكالة المخابرات الأمريكية بوجوده لكنه لم يحددوا مكانه قط. كان أحمد بمثابة الصلة الوحيدة لزعيم القاعدة بالعالم خارج جدران الفيلا التي بلغ ارتفاع سورها ستة أمتار.

مطاردة رقم الهاتف ذلك أدى إلى انقلاب كبير في الحرب بقيادة الولايات المتحدة ضد الإرهاب حيث كانت المعلومة النهائية التي احتاجتها الولايات المتحدة لاغتيال أسامة بن لادن، ولكنها أيضًا عطلت الحرب على شلل الأطفال بشكل كبير.

في التسعينات بدأت الكثير من الشائعات عن حملة التطعيم في الانتشار بين الباكستانيين غير المتعلمين، من تلك الشائعات أن اللقاح مؤامرة غربية لتعقيم المسلمين وأن اللقاح كان مصنوعاً من منتجات الخنازير، التي تعتبر من المحرمات بالنسبة للمسلمين. والشائعة الأكثر غرابة والتي انتشرت على نطاق واسع بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان ، أن اللقاح كان يحتوي على بول الرئيس الأمريكي جورج بوش.

غذت الغارة التي شنتها القوات الأمريكية على بن لادن الغضب الذي شعر به العديد من الباكستانيين بالفعل بشأن المشاركة الأمريكية في البلاد، والكشف عن مؤامرة التلقيح السرية لوكالة المخابرات المركزية منح كل تلك الشائعات الجنونية مصداقية وتحولت من مجرد شائعات لحقائق في عقول الكثير من الباكستانيين.

ألقت المخابرات الباكستانية القبض على أفريدي بعد أقل من شهر من اغتيال بن لادن، وتعرض للتحقير في الصحافة الباكستانية.،عندما عُرف أنه كان يعمل مع المخابرات الأمريكية أصبح عامل التلقيح في باكستان موضع شك خاصةً على الجبال الواقعة على طول الحدود الأفغانية، التي كانت مناطق التي انتشر فيها شلل الأطفال ومعاقل طالبان والقاعدة على حد سواء.

كما اشتبهت طالبان في أن العاملين في مجال التطعيم ضد شلل الأطفال يجمعون سرًا معلومات استخباراتية لمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية لشن الهجمات الجوية على باكستان. لقبائل البشتون التي سكنت هذه الجبال، لم تكن هذه الفكرة بعيدة المنال حيث عاشوا في رعب تلك الهجمات طوال الوقت. وفقًا لمكتب الصحافة الاستقصائية، قامت الطائرات الأمريكية بتفجير تلك الجبال بـ 400 ضربة جوية من عام 2010 حتى عام 2014، مما أسفر عن مقتل العشرات من الأهداف المقصودة ولكن أيضًا المئات من المدنيين الباكستانيين.

إقرأ أيضا
بدلة الرقص

وفي 2012 بدأت طالبان في قتل العاملين في مجال التطعيم ضد شلل الأطفال بصورة منهجية. كانت طريقة طالبان دائما واحدة: حيث يقوم راكبان على دراجة نارية بالتسابق  إلى عامل التلقيح شلل الأطفال في الشارع ويطلقان النار عليه مرتين في رأسه. وعندما بدأت الفرق الطبية في استخدام حراسة الشرطة، أطلقت طالبان قنابل مخفية على جانب الطريق من شأنها أن تمحو قافلة بأكملها. كما أنه تم تفجير العيادات. ووقعت الهجمات في كراتشي وبيشاور وفي جميع أنحاء الحدود القبلية إلى أن أوقفت السلطات الصحية الباكستانية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الروتاري الدولية واليونيسيف جميع عمليات التطعيم.

السلطات الباكستانية أخذت خطوات جيدة نحو التخلص من شلل الأطفال للأبد حيث يتم محاكمة من يتهرب من تطعيم أطفاله لكن للأسف فشلت باكستان من الوصول لهدفها في التخلص من لمرض بحلول 2016 ومازالت تعاني حتى الآن حيث سجلت باكستان 206 حالة جديدة في 2020 طبقًا للمبادرة العالمية للقضاء على شلل الأطفال.

في 2014 قال مسؤول في البيت الأبيض إن وكالة المخابرات الأمريكية لن تستخدم حملات اللقاح كغطاء لعمليات التجسس مجددًا، مجيبًا على شكاوى خبراء الصحة من أنها أضرت بالجهود الدولية لمكافحة الأمراض.

الكاتب

  • شلل الأطفال ريم الشاذلي

    ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان