همتك نعدل الكفة
1٬124   مشاهدة  

ليالي الأولمبياد (1) .. حكاية الشعلة التي سرقها البشر من الإله

شعلة الأولمبياد
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



لم تكن أبدًا قطعة من المعدن تُنقل من يد لأخرى كطقس عادي من طقوس دورات الألعاب الرياضية ، ولم تكن فكرة طرأت على رأس أحد المديرين الرياضيين فتم إقرارها وتعميمها ، ولم تكن مثلًا في مقدار قدسية حفلات افتتاح بطولات كأس العالم لكرة القدم ، ولا هي ذات تاريخ سطحي يحكى في سطرين أو ثلاثة في زاوية رياضية من زوايا الصحف .. بل إننا أمام حكاية ولا حكايات أبو زيد ، بل هي فعلًا أعرق من حكايات أبو زيد .. تاريخ ديني مجتمعًا مع التاريخ المجتمعي والرياضي ، بل هي جزء من ضمير الحضارة الغربية ، أو قل جزء مأصّل من تاريخ العالم .. أيها السادة .. نحن أمام الشعلة الأولمبية .. فما هذا الطلسم العجيب ؟ !

الأسطورة الإغريقية
الأسطورة الإغريقية

أسطورة الشعلة والإله

تقول الأسطورة في الميثولوجيا الإغريقية (والميثولوجيا الإغريقية هي مجموعة من الحكايات والأساطير التى آمن بها القدماء الإغريق ، ومن ثم كثيرين داخل وخارج اليونان ) أن زيوس (وزيوس هنا كان إله البشر العظيم) كان يستحوذ على النار ، ويرفض بتاتًا أن يمتلك واحد من البشر لتلك القوة الرهيبة التي يمتلكها الإله المتمثلة في النار .. وكان للإله زيوس مستشارًا عملاقًا يدعى بروميثيوس لديه القدرة على التنبؤ بالمستقبل ، وكان هذا المستشار على خلاف دائم مع الإله وآلهة المواقد بشأن النار ، فكان بروميثيوس مؤيدًا وبشدة لفكرة إعطاء النار للبشرية لصناعة الحضارة والتقدم وبداية ركب المسيرة ، وكان الإله رافضًا تمامًا لتلك الفكرة .. حتى قرر بروميثيوس بسرقة النار .. وذهب متلصصًا إلى مقر هيفيستوس وهو إله الحدادة والنار في الميثولوجيا الإغريقية ، وسرق منها شعلة من النار ، وفي الأسطورة فإن كانت المعابد تعج بالشعلات التي لا تنطفئ أبدًا ، وكانت واحدة من هؤلاء هي غنيمة عملية السرقة الكبيرة التي كان بطلها بروميثيوس وأعطى شعلة النار للبشر كأكبر هدية في التاريخ البشري .

بعد أن اكتشف الإله زيوس تلك المصيبة قرر أن يعاقب بروميثيوس العقاب الأليم والأبدي ، وهو عبارة عن صلبه على جبال القوقاز وكان على موعد مؤلم في كل صباح حيث كان يأتيه نسر عملاق يدعى النسر آثون فينهش جزء من كبده ، وفي اليوم التالي ينمو هذا الكبد مرة أخرى ، فينهش منه النسر مرة أخرى ، وكان هذا العقاب الأليم الذي ناله برومثيوس جزاء فعلته .

برومثيوس
بروميثيوس

طقوس الشعلة

في جنوب اليونان ، وبالتحديد في معبد هيرا الواقع في مدينة أولمبيا ، وهو من أقدم المعابد في اليونان ، منذ عام 950 ق.م ،  ويسمى بالبقعة المقدسة .. يتم إشعال شعلة الأولمبياد من أشعة الشمس بواسطة مرآة مقعرة ، وذلك بعد فقرات مطولة من بعض الطبول والأناشيد ذات الأبعاد الدينية والتراثية في بلاد الإغريق ، والمشاركين من الأفراد في المعبد يرتدون بعض الملابس الدينية وما شابهها ،  ومن ثم تذهب الشعلة لعدة مواقع في اليونان ، من ضمنها مساكن اللاجئين ، لكن أبرزها ستاد باناثينايكوس، قبل تسليمها للدولة المضيفة ، والتي بدورها تكمل رحلة الشعلة بأيدي العديد من الأبطال الرياضيين ورموز البلاد المشاركة .

 

YouTube player

جزء من طقوس الشعلة الأولمبية

صناعة شعلة الأولمبياد

تختلف شعلة الأولمبياد منذ نشأتها حتى الآن ، لكن فكرتها ثابته ، وفكرتها الأساسية أن تظل شعلة النار متقدة لا تنطفئ ، وكان التصميم الأشهر للشعلة هو عمود من معدن الألومنيوم مثبت في أعلاه وعاء اسطواني  يحافظ على شعلة النار متقدة ، وكان لهذا التصميم عدة عيوب أبرزها أن وزنه كان ثقيل للغاية وكانت حرارة الشعلة تصل أحيانًا ليد الممسك بالجسم المعدني ، لكن التصميمات الجديدة جائت خفيفة إلى حد كبير حيث تم مراعاة حمل الشعلة من قِبَل الأطفال في بعض من الدول ، وبأسفله جزء عازل للحرارة كي لا تصل الحرارة ليد الممسك، كما أن هناك 8000 آلاف ثقب في جسم المعدن ، وعدد الثقوب هنا يحكي عن عدد حاملي الشعلة حتى تصل إلى نهاية الرحلة ، وفي أوسط الجسم أو أعلاه قليلًا يلصق اللوجو المتفق عليه والذي يختلف كل أربعة أعوام ، وهما الفترة التي تفصل كل دورة أولمبية عن التي تليها.. يُذكر أن أول تصميم رسمي للشعلة جاء في عام 1948 على يد المصمم رالف لافرس ، ومن ثم تناوبت على صناعتها بعض المصانع المخصصة للشعلة .

إقرأ أيضا
أنيسة حسونة
التصميم الجديد للشعلة الأولمبية
التصميم الجديد للشعلة الأولمبية

حكاية أول شعلة

على الرغم من بداية فكرة لعبة الأولمبياد في القرن الثامن قبل الميلاد حيث كانت تقام بعض المهرجانات الدينية والرياضية في حرم الإله زيوس في الأسطورة الإغريقية ، وبدايتها رسميًا ف عام 1894 ، إلا إن أول شعلة أولمبية لم تتقد في اليونان نفسها ، بل أشعلها موظفي في إدارة الكهرباء بملعب ماراثون في الملعب الأوليمبي في أمستردام بهولاندا عام 1928 ، وكان كارل ديم مديرًا للرياضة في ألمانيا النازية ، هو صاحب فكرة تثبيت الشعلة كتقليد رسمي لافتتاح الدورة ، وكان ذلك بعد تنظيمة للدورة الأولمبية عام 1936 .

كارل ديم
كارل ديم

 

الكاتب

  • شعلة الأولمبياد محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان