همتك نعدل الكفة
15٬172   مشاهدة  

ماذا حدث عندما حاول الميزان ضم ” الدحيح ” ؟ وأين ذهب في النهاية؟

الدحيح
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



طيب دعوني “أفضفض” في كلمتين عن حالي وغيري وأقول أن كل ما له علاقة مباشرة بالخلق مجازًا أو الإبداع في مصر “مأزوم” – يعني بالبلدي – في أزمة حقيقية – بسبب التحجيم من جهة وإضعاف المنافسة أو القضاء عليها تمامًا من جهة أخرى غير عدم فهم الصناعة وكثرة الفتي وتضخم ثقة الجاهل العالم ببواطن الأمور وصحاب الرأي الأوحد فيها للأسف أحيانًا، واعتقاده بامتلاكه وحده “الزتونة”، طبعًا هذا غير سلسلة طويلة من التعقيدات وقوائم الممنوعات وتحديد قوالب آمنة بعينها واقتصار تصاريح التصوير والنشر والإنتاج على كيانات وطرق محددة، كانت النتيجة آن خارت قوي المنافسين وتواروا بعيدًا ومعهم أي مستجد طامح ، وظهر عوضًا عنهم محتوى الابتذال الآمن – أبو بلاش –  ليحصد ملايين المشاهدات الرخيصة.

صدقني يا عزيزي ليس محتوى ثنائي أحمد حسن وزينب هو الأدنى على الإطلاق على الانترنت، فالأكثر مشاهدة على اليوتيوب تجاوزهما بكثير، لديك مثلًا  فيديو مليوني يحمل عنوان “رحت لحماتي وعملنا محشي” فقط – عذرا لن أضع الفيديو كي لا أساهم في نشر الابتذال -، لا أكثر لا أقل وهناك فيديو مليوني آخر لفتاة تتحدث عن آلام ليلة “الدخلة” وفض غشاء البكارة دون ألم، آه والله العظيم زي ما بقولك كدة، تتحدث من مقعدها القابع في غرفتها الضيقة في زاوية ما في مصر يسمعها ملايين الفضوليين دون أن يتذكرها أحد.

لذلك فخيارات المحتوى الذي يحقق المشاهدات الواعدة باتت واضحة، إما عنف أو ابتذال أو محتوى ساخر هزلي دون المستوى، وكلها دون تأثير غير ترسيخ الفراغ ودنو الثقافة والأخلاق وتبرير الوسيلة لتحقيق الهدف، وحيث أن المحتوى الهزلي يحتاج لموهبة بقدر أو قدرة على التقليد أو التهريج، لذلك احتدمت المنافسة في الانحدار والابتذال حتى اختلط على بعض ممارسيها الخيط الرفيع بين الانحطاط ومخالفة القانون فتورط الكثيرون من صناعه في قضايا أخلاقية لم يحسبوا حسابها أثناء رحلة حصد المشاهدات المنحطة الآمنة إلا من قانون الآداب.

وكل ما سبق لا يعد محتوى ذا أثر يحشد حوله جمهور يتنامى بالإنتاج ويزيد ولاءه بتقدم الزمن، حيث يتطلب المحتوي الأخير جهدًا وعملًا حقيقيًا وهو ما أحاول من خلال ما أكتب تصحيح المفهوم المغلوط حول صناعته حيث يعتقد البعض أن المحتوى المقدم للإنترنيت رخيص التكلفة طالمًا يمكنك أن تقدمه من خلال هاتفك المحمول دون تصاريح بث أودفع مبالغ باهظة لإشارة البث وموافقات أمنية عليا، لذلك تجد حتى الآن المبالغة في إنفاق مبالغ طائلة على المحتوى المقدم للتلفزيون والإحجام عن صرف ولو 10٪ بالمئة من الميزانية نفسها على الإنترنت بالرغم ولدهشتي الشخصية من الخوف الشديد من تأثير الإنترنت من جهة وإدراك انعدام السيطرة عليه من جهة أخرى.

لذلك يا عزيزي المهتم – لو كنت حقًا مهتم كنت عرفت لوحدك – أنه لا يمكنك أن تغزوا العالم بموبايل فقط – كما يغتقد كل من لا يفهم في صناعة المحتوى الديجيتال – وتستمر وتؤثر وتحصد مكانة ومشاهدات وولاء من المتابعين الذي يدوم ويسهم في التغيير، إلا إذا كان لديك ما تقوله ولا يعلمه غيرك، وهذا في مصر صعب الحدوث ولن أقول مستحيلًا، فالحكومة توجه في جميع الأزمات وغير الأزمات بالالتزام بالبيانات الرسمية وإلا تكون مخالفًا وضالعًا في نشر الإشاعات وتكدير السلم. إذًا لا يمكنك أن تستأثر دائمًا بأخبار تميزك عن غيرك والتي قد لا تكلفك غير قدرتك الصحفية ومصادرك القوية.

حتى أننا كمقدمين محتوى عبر الإنترنت لم يشملنا قرار الوزراء باستثنائنا من الحظر واقتصر نقيب الصحفيين الورقيين باستثناء صحافييه ولم يزعق لنا نبي! رغم أن الإنترنت هو الوسيلة الأولى في تعرض المصريين للأخبار وليست النسخ الورقية من الصحف التي يرعاها النقيب، لكني – قلتلك يا عزيزي محدش مهتم!

في الميزان موقعنا الناشئ الذي يمضي في شهره السابع منذ إطلاقه بتصفح تجاوز الـ 3.5 مليون صفحة في آخر شهر فقط والذي يتراوح عدد زواره يوميًا بين خمسين إلى ستين الف زائر بميزانية محدودة جدًا وعدد محررين لا يتجاوز الخمسة عشر شخصًا دون وجود قسم للتصوير أو الجرافيكس أو أي مقومات للصورة، ومع ذلك وبكل ثقة تقدم الميزان وطمح في ضم “الدحيح” أحد أهم وأنجح البرامج التي تم انتاجها للإنترنت خلال السنوات القليلة الماضية وتواصلنا مع شركته المنتجة بعد الإعلان عن انتهاء تعاقدهم مع موقع “كبريت” الذي يتبع مؤسسة الجزيرة وكنا قد قررنا إن نجحت مساعينا أن نضافر الجهود كلها لتأمين الميزانية اللازمة لضم “الدحيح” إلى منصتنا الإلكترونية دون تقييد أو تخفيض حتى تلقينا اعتذار أنيقًا من صاحب الشركة المنتجة معلنًا لنا تعاقدهم أو اتفاقهم مع “شاهد بلس” الذي أصبح منافسًا شرسًا لنتفليكس بعد أن كانت لاعبًا وحيدًا في محيطنا منذ إطلاقها،  مبروك لشاهد دوت نت، فكل مجتهد يستحق ونتمنى لفريق “الدحيح” دوام التألق والنجاح.

لو أنك تأملت البرنامجين الأكثر نجاحًا واستمرارًا وتأثيرًا – نتحدث عن محتوى تم انتاجه وعرضه خصيصا وحصريًا على الانترنت – فإنك لن تتذكر أو تذكر غير برنامج “البرنامج” لباسم يوسف الذي تحول لبرنامج تلفزيوني بعد ذلك بالشركة المنتجة نفسها وبرنامج “الدحيح” الذي قدمه أحمد الغندور مع شركته المنفذة أيضًا، ستجدهما لم يكونا يومًا بتكلفة إنتاجية منخفضة، بل وقفت شركة متفرغة مهتمة بمنتج فني واعي وراء كل منهما، وستجد أن فريق عمل البرنامجين يزيد عن أربعين شخصًا بتنوع وبتغير وفق الموضوعات المطروحة، للأسف لم يكن مجرد موبايل من زاوية غرفة فوق السطوح، بل فريق غزير من الباحثين والمبدعين وجلسات دون نوم لقدح الأذهان وعصف ذهني عنيف لا يخضعه خوف ولا رقيب ولا يحيط به مصاصو الطاقة المتحذلقون مدعو الفهم المستأثرين بالقرار والعلم دون غيرهم.

الدحيح
فريق عمل الدحيح

تكمن الأزمة التي بدأت بها مقالي في عدم الإدراك الجيد لصناعة وسيطرة المحتوى المقدم عبر الانترنت والذي يحتاج لتدقيق وتفاصيل أكثر من نظيره المقدم على التلفزيون الذي يكفيه في أحيان كثيرة عناصر الإبهار والاستعراض وطلة المذيعة الفاتنة التي يصلك مع ظهورها نفحات من عطرها الباهظ.

إقرأ أيضا
شارع الهرم

بينما يعتمد الانترنت علي الصور الواقعية المصنوعة بعناية وعلى المعلومات السخية كسيل المطر والتي تستلزم بحث غزير، حصريتها ودقتها وقربها من هموم المشاهد واهتماماته هي تأشيرة عبور ونجاح واستمرار، وهنا – أقصد على الانترنت لا مجال لمقدمي برامج مدفوعين بمعدل ذكاء محدود جاهزين للتلقين مثل الموجودين على الشاشات بوفرة، فالمشاهد أكثر حساسية لحضور وذكاء المقدم فذلك يتناسب طرديًا مع تأثيره ومصداقيته، خاصة أن محتوى الإنترنت هو الاختيار الطوعي شديد الخصوصية للمشاهد، حيث لا مجال لاضطرارك لمجاملة أسرتك أو أصدقاءك ومشاركتم ما يشاهدونه لذلك فإن اختيارك حر بدرجة تفوق بكثير ما يبث عبر التلفزيونات.

وإذا أخذنا مثالًا محتوى الطبخ الذي يعد من ضمن الأكثر مشاهدة على الإنترنت إلى جانب الفائدة التي يقدمها، لا يمكن أن تنج قناة يوتيوب للطبخ أو برنامج على منصات السوشيال ميديا دون استمرارية في الإنتاج بتدفق متزن ومواعيد محددة مع الاهتمام بعناصر الصورة الجمالية غير بحث وعلم المقدم بفن الطبق في حد ذاته، لذا لا تأثير واستمرارية بمجرد موبايل ويا سيدي .. اصرف صح تجد.

الكاتب

  • الدحيح رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
118
أحزنني
20
أعجبني
38
أغضبني
12
هاهاها
6
واااو
11


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان