مقلب كوميدي وراء إلغاء البغاء في مصر “نفذه صديق الشيخ الشعراوي”
-
أحمد حمدي
كاتب نجم جديد
لم يكن قرار إلغاء البغاء في مصر شيئًا سهلاً، إذ كانت الدعارة شكلاً من أشكال المجتمع المصري منذ العصر العثماني، ولم يستطع أحد أن يلغي وجودها، فمثلاً محمد علي باشا قرر إلغاءها عام 1837 ثم عادت بالقانون عام 1877 م، إلى أن جاء سيد جلال صديق الشيخ محمد متولي الشعراوي.
سيد جلال .. كيف نجح بشأن إلغاء البغاء في مصر
جمعت صداقة بين النائب سيد جلال والشيخ الشعراوي الذي لم يكن يمضي يوم دون أن يراه أو يلتقي به في شقة الحسين، ويروي الشيخ الشعراوي عن صديقه سيد جلال كيف دبر المقلب لوزير الشئون الاجتماعية في شارع البغاء، والذي انتهي بصدور قرار إلغاء بيوت الدعارة.
يقول الشيخ في حوار نادر مع الكاتب الصحفي سعيد أبو العينين والذي جمعه في كتاب «الشعراوي الذي لا نعرفه» «سيد جلال كان صاحب مواقف وطنية مشرفة فهو الذي ألغي البغاء الرسمي، الذي كان مصرحًا به من الحكومة فقد مسح سيد جلال هذه الوصمة عن مصر، استمر يقود الحملة لإلغاء البغاء عن مصر طوال ست سنوات، دون كلل، وكان تصميمه يزداد، وعزيمته تقوي يوما بعد يوم، حتى استطاع أن يسقط هذا العار ويمحو هذه الوصمة في سنة 1947».
قصة المقلب على لسان الشيخ الشعراوي
يروي الشيخ الشعراوي حكاية المقلب الذي دبره سيد جلال لوزير الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت وهو جلال فهيم باشا والذي أدي إلي إصدار قرار إلغاء البغاء في مصر، حيث يقول الشيخ «كان سيد جلال نائبا في البرلمان سنة 1945 عن دائرة باب الشعرية وهي الدائرة التي ارتبطت باسم سيد جلال على مدى سنوات طويلة، قبل الثورة وبعد الثورة أيضًا كان دائما هو نائب دائرة باب الشعرية، فالدائرة دائرته، وهو كان يعيش فيها، وكان يتمزق ألمًا وحزنا، كما يقول، وهو يرى منظر العاهرات وهن يقفن علي النواصي ورؤوس الطرقات، ويدعين الناس دعوات مفتوحة مفضوحة، ويتبادلن الشتائم والكلام المكشوف فيما بينهن، ويتسابقن لإغراء كل من يمر بالشارع، وجره إلى البيوت».
اقرأ أيضًا
الجنس في الدولة العثمانية “من الممارسة بالآيات حتى تقنين الدعارة”
انتهي بسيد جلال التفكير إلى تدبير مقلب لوزير الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت لإحراجه ودفعه دفعًا إلى العمل لإلغاء هذه الوصمة باعتباره الوزير المسئول الذي باستطاعته، لو أراد، أن يصدر قرارا بذلك، فذهب إلى جلال فهيم وقال له: إنه يعتزم إقامة مشروع خيري كبير، وأن هذا المشروع يضم مدرسة سوف يشرع في بنائها فورا، وأن موقع المدرسة قد جري تجهيزه وإعداده للبناء، وأنه يسعده أن يأتي معالي الوزير لرؤية الموقع الذي هو ضمن المشروع الخيري الكبير، وأن أهالي الدائرة سوف يسعدهم تشريف معالي الوزير، ويشجعهم على المساهمة في إقامة مثل هذه المشروعات الخيرية.
في اليوم المحدد جاء الوزير وهو يركب الحنطور الذي أعده له سيد جلال لكي يشاهده أهالي الدائرة ويخرجون لتحيته، وكان الاتفاق مع سائق الحنطور أن يدخل بمعالي الوزير إلى شارع البغاء الرسمي وهو شارع كلوت بك وأن يسير به على مهل، وفي شارع البغاء وبمجرد دخول الحنطور تصورت العاهرات أنه زبون كبير، فتدافعن عليه وتسابقن إليه، وأخذت كل واحدة تشده لتفوز به، دون أن تعرف شخصيته.
وجاهد معالي الوزير وهو يصرخ ويسب، حتي استطاع أن يخلص نفسه بصعوبة بعد أن سقط طربوشه، وتمزقت ملابسه، وامتدت الأيدي إلى جيوبه، واستمر يشتم ويسب ويلعن سيد جلال، واليوم الذي رأي فيه سيد جلال، لكنه قبل أن تمضي أيام كان قد أصدر قرار إلغاء البغاء في مصر.
بعد أيام فوجئ بسيد جلال يدخل عليه وهو يضحك ويشكره على شجاعته بإصدار القرار الذي مسح عار البغاء العلني والرسمي عن مصر و قال له : لقد فلت شيء عظيم سوف يذكره الناس لك، وهدأ الوزير وقال لسيد جلال «سيقول الناس أيضًا إنك أنت الذي دبرت المقلب الذي جعل الوزير يصدر هذا القرار».
الكاتب
-
أحمد حمدي
كاتب نجم جديد