مملكة أبليس لا ينجدها ولي

مملكة أبليس تبرر أفعال شياطينها الصغار والكبار، تضع أعرافًا تتناسب مع خطاياها، تعتقد أن كتم السر كفيل بإسكات ضمير الماضي، وإن استمرت المملكة على نفس الخطايا.

مملكة أبليس مسلسل  من إخراج المخرج المبدع “أحمد خالد موسى” وتأليف السيناريست الرائع “محمد أمين راضي“ ورسمه من خيالِ خصب لا ينتهي، جعلنا ننفصل عن عالمنا بما فيه من أحداث وأخبار غريبة، لعالم أغرب بشخصيات رغم غرباتها صدقنا أنهم من لحم ودم.

حواديت كثيرة ومتداخلة بخط درامي متماسك وبناء للشخصيات مذهل يجعلك تتابع المسلسل كمن يقرأ رواية مميزة، مسلسل يمكنك وصفه بأنه عمل أدبي وفني رائع.

إن كان نورك ينبع من القلب فإنك لن تضل الطريق أبدًا..هل يوجد الله في أضرحة ومقامات اتباع الديانات الإبراهيمية فقط؟!

إن كنت لم تشاهد الجزء الأول من المسلسل أو تتابع الجزء الثاني، فدعني أعرفك على هذه المملكة دون حرق للأحداث؛ مملكة أبليس هي حارة يصر أهلها على تسميتها بحارة الجنة رغم كل الشياطين بها، وكل الخطط التي يجب أن تنسب لأبليس نفسه.

مملكة أبليس حارة ملعونة، ورغم ذلك يتمسك بها أصحابها، وتتمسك كل عائلة بحقها بأرضها حتى لو خططت لأبشع الخطط فخلقت الخطط سلسلة من الظلم والشر المختلطان بالثأر المتوارث الذي لا ينتنهي.

بين كل حواديت الماورئيات بالحارة وخطط العائلات والثأر، يقع أهل الحارة الذين يؤمنون بالمخلص الذي يجب أن يظهر يومًا وينقذهم من دوامة الشر الملعونة.

يؤمن أهل الحارة أن كل ابن آدم خطَّاء إلا المخلص الذي يجب أن يكون بطهر الملائكة، وأن مملكة أبليس لابد لها من ملاك يتقمص دور النبي.

تنتظر مملكة أبليس دائمًا الولي، وعلى استعداد لقتله لو وقع بذنب أو خطأ!.. فيما تناسوا أن الملائكة لا يستطعيون أن يصبحوا أنبياء،  فاختار الله الأنبياء من بني البشر؛ لأنهم يتجرعون من نفس كأس المعاناة ويقعون في الذنب ليعلموا الناس الاستغفار والتوبة.

الولي يمكنه أن يوعظ الناس أو يدلهم على طرق مختلفة للوصول لله ومن ثم للوصول الحق والخير، ولكن لايستطيع السيطرة على الناس، كما يقع في الذنب بحكم أنه من بني البشر.

هل أنا محسود؟..أو كيف تتجنب الحسد

مشكلة مملكة أبليس أنها لا تريد الصلاح من داخلها، بل تعتمد على أوامر الولي، لا تريد الاجتهاد كي تتقرب إلى الله وتشعر بمحبته دون وسيط، ولا يريد كل فرد فيها الإيمان بأن حتى الولي يمكن أن يضعف بيوم من الأيام ويقع في خطأ ابن آدم.

إقرأ أيضا

نيرة ضحية المجتمع الذكوري وعود الكبريت

مملكة أبليس تريد أن تزيف الواقع لا إصلاحه وتغييره، تريد أن يصدق الناس أنها حارة الجنة برغم كل النار التي تأكل أرواح أصحابها وتنهش في حقوق أهلها، وتنتظر الولي لإخمادها، رغم أن الله يفتح أبوابه لكل عباده  مهما بلغت ذنوبهم دون وسيط أو شفيع.

تقول الكاتبة نيرفانا سامي:

“ابحثوا عن الأضرحة بداخلكم، نحن أصحاب مقام وهبنا الله شيئًا من روحه، ولكن الفرق بيننا أن هناك من يركز في طلب الرجاء جالسًا على صخرة روحه القوية، وآخرون لا يمتلكون الشجاعة لأصلاح أرواحهم؛ لذلك يبحثون عن صاحب مقام”