نعم الفنانة “سميحة أيوب “شخصية مؤثرة مصرية.. فلما الجدل!

عنها قال الرئيس السوري ” حافظ الأسد” :” أعمالك كلها تنويرية أنتِ رمز للفنان المثقف ، فأنت سيدة المسرح” ثم أعطاها وسام الاستحقاق في الفنون، وقال عنها الفيلسوف والروائي والمسرحي الفرنسي ” سارتر” وجدت إلكترا مصر”  كما قال عنها الأديب الكبير” إحسان عبد القدوس”:”  إنها شامخة مثل برج الجزيرة”، وأنت ماذا قلت حينما وجدت اسم الفنانة ” سميحة أيوب” ضمن منهج الصف السادس الابتدائي!.

صفحة الكتاب المدرسي الذي تداولها الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي وحملت اسم” الفنانة “سميحة أيوب” كأحد الشخصيات المصرية المؤثرة، لاقت سخرية واسعة، لفكرة تواجد ممثلة  ضمن صفحات الكتاب من ناحية ، إلى جانب السخرية من أعمالها السينمائية والدرامية والمسرحية.

ومن المستغرب هو ردود فعل المعلمين، حتى أنهم اعتبروا تواجد هذا الدرس في منهج المهارات ووقع الاختيار على ” سميحة أيوب لـ”نظرة مبعدية فزدقية أفقية حمصية” ، بالطبع السخرية من بعض المعلمين له مردود سلبي وكبير، وينم عن جهل واضح وضوح الشمس.

وهناك ردود فعل حملت الاستغراب من تواجد اسم الفنانة “سميحة أيوب” ضمن المنهج التربوي،  معللين ذلك بأن مصر لا يوجد فيها غير” سميحة” ويسألون أين الأطباء والمعلمين والأثريين والعسكريين والفزيائين والمفكرين وغيرهم…” .

الحقيقة أن ردود الفعل كانت صادمة، خاصة من المعلمين الذين يُدّرسون هذه المناهج، ذلك أن  الدرس يتحدث عن شخصيات مصرية مؤثرة في محور الفنون، ومنها المسرح، فمن العدل والإنصاف أن يذكر واضعو المنهج اسم الفنانة” سميحة أيوب” كونها سيدة المسرح العربي أولًا، ومن المطورين للمسرح القومي إلى جانب ثقافتها الكبيرة والواسعة في هذا المجال.

ولعل وجود مثل تلك الشخصيات لأمر عظيم في المناهج التعليمية، فنحن شعب لا يقرأ نكتفي بتلك المعلومات داخل الكتب الدراسية، لذلك يجب التنوع في التعريف بالشخصيات المؤثرة على كافة المستويات، لخلق جيلًا جديدًا بلا نمط فكري أحادي، فيا عزيزي ولي الأمر،  و يا عزيزي الساخط  اطلع جيدًا على المناهج ستجد نماذج لشخصيات مؤثرة أنت نفسك لا تعرف عنها شيء، فأنت سألت عن الطبيب فستجد نموذج مثل الدكتور” مجدي يعقوب” ضمن صفحات كتاب اللغة العربية للصف الرابع، و عالمة فلكية عربية مثل ” مريم الإسطرلابي”، وفي الدراسات شخصيات مؤثرة مثل الأديب طه حسين، والاقتصادي والمالي طلعت حرب، إذا المناهج ملئ بالشخصيات المؤثرة في كافة المجالات.

إن حالة الهشاشة التي يعاني منها المجتمع هي نتاج الفكر الأحادي، فبينما تحاول الدول وضع هويات خاصة بها حتى لو كانت مزيفة، نلفظ نحن هويتنا لنعيش في قوقعة قوامها الجهل والتدين المزيف، ونتاجها ما نحن فيه اليوم من سوداوية معتمة وانعدام  الثقة بما تقدمه القوى الناعمة ومنها الفن.

سميحة أيوب، هي فنانة مثقفة هي في حد ذاتها مرجعية ثقافية مهمة، وإن كنت ساخط على وجودها ضمن الشخصيات المؤثرة فيجب عليك أن تعود وتقرأ عنها، ولعل قول ” بول سارتبر ” حينما جاء إلى مصر ليشاهد عرض مسرحيته” الذئاب”  قال أخيرًا وجدت الكترا بمصر مشيدًا بأداء سميحة أيوب” هذا من الناحية الفنية، أما على صعيد اللغة فلن تجد مثل “سميحة” يمتلك لغة عربية سليمة ليس بها عيوب من ناحية الصوتيات ومخارج الحروف، وقوة الشخصية والحضور، والثقافة الكبيرة والواسعة.

سميحة أيوب تلك الفنانة التي قدمت للجمهور 170 عملًا مسرحيًا، من بينها أهم الكلاسيكيات العالمية والعربية مثل “السلطان الحائر” لتوفيق الحكيم، و”أنطونيو وكليوباترا” لأحمد شوقي، و”كوبري الناموس” و”سكة السلامة” لسعد الدين وهبة، و”الناس اللي في التالت” لأسامه أنور عكاشة، و”دائرة الطباشير” لبريخت، و”الوزير العاشق” لفاروق جويدة، و”حبيبتي شامينا” لرشاد رشدي، و”ست الملك” لسمير سرحان،  هذه الأدوار المسرحية من شأنها  تحريك وتطوير الثقافة الشعبية، وهو ما حدث بالفعل، كما أن هذه الأدوار من شأنها دفع الإنسان نحو  الرقي الفكري.

إقرأ أيضا

مع ارتفاع أسعار الورق .. ناشرون للميزان: مسمار أخير في نعش صناعة الكتب

سميحة أيوب ليست مجرد ممثلة عابرة، بل هي قوة من قوى مصر الناعمة التي وثقت مراحل عديدة في تاريخ مصر عن طريق أعمالها الفنية، في النهاية ثقف طفلك اطلعه على كل شيء حتى يستطيع أن يتقبل كل الثقافات وكل الأفكار، كما أن التربويين واضعي المناهج التعليمية هم أدرى بمتطلبات الزمن الذي نحن نعيش فيه، وهم أدرى بالمحتوى العلمي المُقدم للطلاب.