رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
300   مشاهدة  

يرويها زكوة ..الحلقة الرابعة 

دكتور


وقفت خلف أحمد عبدالوارث الذي جلس على كرسي بمنتصف خشبة مسرح المعهد العالي للفنون المسرحية في مواجهة كراسي خالية إلا من باقي زملائنا بينما في أقصى يمين الخشبة جلس دكتور نبيل الألفي على كرسي آخر يراقبنا ثم أشار لنا لنستأنف فدرت حول أحمد و هو متقمص شخصية المتهم و أنا أؤدي دور المحقق في مشهد مسرحي مقتبس من رواية الجريمة والعقاب.

 

أنت مدين بمال عليك أن تدفعه ، هناك سند تتعهد فيه بسداد الدين عند المطالبة به.

 

أتقن أحمد دوره فأخذ يتلفت إلي بملامح يبدو بها مفزوعاً ، في تلك اللحظة دلف من الباب الخلفي للقاعة دكتور علي فهمي و بصحبته ثلاثة بينهم شخص أجنبي بشعر أصفر و بشرة بيضاء و آخر لا أعرفه أما ثالثهم فبدا لي مألوفاً ، درت حول المتهم و أنا أغالب فضولي في تخيل سبب قدومهم فلمحتهم يجلسون في الصف الأول و أنا أكمل.

 

و عليك الآن إما أن تدفع كل شيئ بما في ذلك النفقات و الغرامات ، إلخ و إما أن تحدد كتابة الموعد الذي ستكون فيه قادراً على دفع المال و أن تتعهد بأن لا تغادر العاصمة و بأن لا تبيع أمتعتك.

 

فجأة تذكرته و هو يؤدي شخصية ( بدير ) في فيلم لا وقت للحب و تمثيله لدور الصديق الوفي لسعيد مهران في فيلم اللص و الكلاب ، هو بلحمه و دمه صلاح جاهين ، تماسكت و أنا أنهي حواري كمحقق محنك يتصف بالحزم.

 

– و أن لا تخفيها قبل سداد الدين ، أما الدائن ففي وسعه أن يبيع أمتعتك و أن يلاحقك وفق القانون.

 

قام دكتور نبيل فصفق زملائي بحماس تحية لي و لعبدالوارث و رأيت على وجوه دكتور علي و رفاقه ملامح إعجاب فقاومت رغبة في الإنحناء لرد التحية بينما أعلمنا دكتور نبيل بما سيتم في المحاضرة القادمة ثم سمح لنا بالإنصراف ، فإستأذن دكتور علي من زميله دكتور نبيل و إستدعاني ، هرولت تجاههم و هم يخرجون من الصف إلى الممر . مد صلاح جاهين يده تجاهي.

 

– صلاح جاهين

– و هل يخفى القمر يا أستاذ 

– سلم يا أحمد على دكتور أحمد عبدالحليم و على الهر أرفين لايستر ( قال دكتور علي ) 

فعلت دون أن أنطق مستعيناً بإبتسامة أخفي بها إرتباكي من وجود أجنبياً بينهم لن يفهم لغتي .

– إحنا بنحضر مسرحية ضخمة إسمها ( القاهرة في ألف عام ) كتبها عبدالرحمن شوقي و هايخرجها دكتور أحمد هو و مستر أرفين و أنا يا سيدي هاكتب كام أغنية و هاختار باقي الأغاني من التراث .

 

 إقرأ أيضًا…
 صورة العسل وتشوه التخيلات الجنسية عند بعض الرجال!

 

باركت له في مودة دون أن أحول بصري تجاه الآخرين منتظراً أن يخبرني عن سبب إطلاعه لي على تلك المعلومات متوقعاً إختيارهم لي مع آخرين من طلاب المعهد للحصول على فرصة تدريب كمساعدين إخراج بالمسرحية فبدأت أتخير بين أكثر من طريقة أعتذر بها و أوضح رغبتي الوحيدة في التمثيل .

– دكتور علي قالنا تعالوا إتفرجوا أنا عندي ولد مريض في سنة أولى ( قال صلاح ) 

إضطربت بينما وضع دكتور علي فهمي يده فوق كتفي و قال :

– مريض جداً

كيف عرف عميد المعهد أنني أصبت بالبلهارسيا صغيراً و ما الذي دفعه بسبب ذلك المرض ليدعو صناع المسرحية إلى هنا و يجمعني بهم ؟ أيبدو المرض بوضوح على قسماتي ؟ هل أخبرهم أنني تعافيت لإلتزامي بتناول حبوب دواء الفؤادين أم ألتزم بالصمت فربما يريدونني لتأدية شخصية مريض في المسرحية ؟ بان من ملامحي ذلك الخليط بين القلق و الحيرة .

إقرأ أيضا
غزة والحرب

– يا واد ما تحتاسش كده ، مريض يعني مجنون بالتمثيل ( طمأنني صلاح ) 

إبتسمت فأدركوا ما دار بعقلي من ظنون و ضحكوا لكن المخرج الألماني ظل ينظر لي بتركيز بالغ دون أن يربش . 

– إبننا أحمد .. إنت مترشح لدور البطولة في المسرحية ( فاجأني دكتور علي ) 

– ده إختيار مجنون ولازم تبقى أد الجنان ده …. ماهو يا يطير بيك لسابع سما يا إما تقع على جدور رقبتك ( نبهني صلاح ) 

بجدية مبالغ فيها طلبت منهم نص المسرحية لأطلع عليه و لأحفظ دوري .

– بكرة لما تجيلنا مسرح البالون … عارفه ؟ 

أجبت على سؤال دكتور أحمد عبد الحليم فأخبرني بالتوقيت ، صافحونا ثم غادروا و تأبط دكتور علي ذراعي و سار معي خطوات قليلة و هو يوصيني على إستيعاب معنى حصولي على الدور الرئيسي في عمل ترعاه الدولة ثم تركني و أكمل طريقه في إتجاه الخارج ، في تلك اللحظة حاولت إستحضار شعوري عندما أقف في مقدمة خشبة المسرح بعد نهاية أول يوم عرض للمسرحية أمام الجماهير و هي تصفق بحرارة إحتفاءاً منهم بموهبتي فأنحني لهم متصنعاً التواضع لكن زميلاتي و زملائي إندفعوا نحوي يهنؤنني فرحين بما فزت به من فرصة عظيمة ، لمستني محبتهم فشعرت بإمتنان ، طالبوني بدعوتهم للإحتفال ، أشرت لهم تجاه المقاعد فاتجهوا إليها و جلسوا بينما إرتقيت خشبة المسرح ، استدرت في مواجهتهم ، إلتقطت شهيقاً .

– بلاش العتاب … ارحمني من العذاب … القلب العاصي تاب ( غنيت ) 

صفروا مستنكرين ، توقفت عن الغناء و عدوت ناحية الكواليس ، هرولوا خلفي .

– وربنا ما هانسيبك إلا لما تعزمنا ( صاح مصطفى متولي ) 

ضحكت و أنا مستمر في الهروب و كأنني أحاول اللحاق بقطار غادر الرصيف و يستعد لزيادة سرعته .

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان