أبو شعير عشما “بطل من المنوفية أذل الحملة الفرنسية وابتهج قادتها لموته”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لمحافظة المنوفية حكايات وحكايات مع أي محتل أجنبي، لكن تبقى قصة أبو شعير عشما هي إحدى فصول البطولة في تاريخ هذه المحافظة الذي يشتهر فقط بقصة دنشواي المأساوية.
اقرأ أيضًا
إنسانية رغم الدمار “مصريون أنقذوا ضباط الحملة الفرنسية من الموت”
صدفة قدرية تجمع قرية دنشواي وقرية عشما، فكلتا القريتين في مركزٍ واحدٍ الآن وهو مركز الشهداء، وكلاهما لهما تاريخ مع الاستعمار، فدنشواي تقترن مع الاحتلال البريطاني بالحادثة الشهيرة، أما عشما فاقترنت بعهد الحملة الفرنسية، الفرق أنها لم تكن في مأساوية دنشواي.
نقد تاريخ الجبرتي عن حكاية أبو شعير عشما
بعكس المصادر الفرنسية، فلا توجد معلومات كاملة في المراجع التاريخية المصرية عن قصة أبو شعير عشما سوى ما ذكره عبدالرحمن الجبرتي في الجزء الثالث من تاريخه في أحداث يوم 18 جمادى الأولى سنة 1213 هـ الموافق 28 أكتوبر سنة 1798 حيث قال «ضربوا كفر عشما وقتلوا كبيرها المسمى بن شعير ونهبوا داره ومتاعه وبهائمه وكان شيئًا كثيرًا جدًا وأحضروا اخوته وأولاده وقتلوهم ولم يتركوا منهم سوى ولد صغير جعلوه شيخًا عوضًا عن أبيهم».
تعرضت رواية الجبرتي للنقد من قِبَل المؤرخ عبدالرحمن الرافعي في الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر» إذ قال «ويلاحظ على رواية الجبرتي أنه جعل تاريخ الواقعة في 28 أكتوبر والواقع أن مهاجمة كفر عشما كانت ليلة 20 أكتوبر ويدلل على ذلك رسالة الجنرال لانوس الذي هاجم المنوفية إلى نابليون بونابرت، بالإضافة إلى أن اسمه أبو شعير».
قصة أبو شعير
ألحق أبو شعير هزائم متتالية منذ الأسبوع الأول للحملة الفرنسية في مصر، إذ هاجم الثكنات والتجمعات العسكرية في كل ربوع الوجه البحري متخذًا من المنوفية قاعدة لتحركه.
اقرأ أيضًا
حينما هدم نابليون بونابرت قصر صلاح الدين الأيوبي في مصر
إزاء انتصارات أبو شعير قرر نابليون بونابرت إقالة الجنرال زايونشك من منصب قومندان المنوفية وجعله في بني سويف، وعين الجنرال لانوس قومندانًا للمنوفية، وكانت مهمة لانوس مهاجمة كفر عشما وإنهاء أمر زعيمها أبو شعير.
في 20 أكتوبر من العام 1798 تحرك كتيبة عسكرية بقيادة لانوس وبتكليف من نابليون إلى كفر عشما في تمام الساعة الثانية منتصف الليل، وكانت الخطة تستهدف تطويق الكفر من الجوانب وليس مهاجمة مباشرة تفاديًا للكمائن التي فعلها أبو شعير.
وصل لانوس إلى قصر أبو شعير الذي كان مدججًا بالسلاح، وهناك دارت مقتلة استغرقت عدة ساعات، انتهت بهزيمة أبو شعير، الذي أعلن المقاومة وتسلق أسوار قصره واتجه إلى ترعة خلفية وقرر أن يعوم حتى يصل إلى الشاطئ الآخر ويتحرك بمقاومته من هناك، لكن الفرنسيين رصدوه وأطلقوا عليه طلقة أردته قتيلاً.
أبو شعير عشما شهيد المنوفية والدلتا في عيون الفرنسيين
كانت مسألة قتل أبو شعير أمرًا ضروريًا بالنسبة للفرنسيين، ويدلل على ذلك رسالة الجنرال لانوس إلى نابليون بونابرت والتي أعطت جوانب عن شخصية الرجل، منها أن أبو شعير تسبب في أذىً للجيش الفرنسي، كذلك فهو لم يتعامل مع العثمانيين أو المماليك في طلب المساعدة وإنما هو واسع الثروة وله مزارع كبيرة في 20 قرية يمتلكها، وله مالا يقل عن 1200 مقاتل في كفور المنوفية بأسرها، وكل هذا جعل مسألة إلقاء القبض عليه أمرًا صعبًا.
ولم يغفل لانوس مسألة المباغتة في قتل أبو شعير، إذ قال «لولا مفاجئتي لأبي شعير في قريته لما استطعت أن أنتصر عليه، فلو كان علم بمقدمنا لكان أصاب منا الكثير وألحق بنا الأذى».
يرى الفرنسيين أن أبو شعير عشما ارتاح بالطلقة التي أخذها فأرادوا الانتقام منه ميتًا، فاستولوا على كل ما في قصره من أموال وبهائم، وألقوا القبض على 7 من أفراد اخوته وأولاده فقتلوهم جميعًا وجعلوا أصغر أنجاله حاكمًا على كفر عشما.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال