أسامة الشاذلي…الرجل الذي علمني أن أكون نفسي
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يقولون أنني كاتبة جيدة، أعرف كيف استخدم الكلمات للتعبير عن مشاعري بكل وقت وعن أي شيء يسعدني أو يؤلمني، ولكن هذه المرة تعاندني الكلمات وتغلبني الدموع.
لم يكن أسامة الشاذلي بالنسبة لي مديري الذي أتلقى منه الأوامر، بل كان أبي وأخي وصديقي والشخص الذي أراقبه كي أتعلم منه الكثير من الأشياء.
لم يكن يناديني سوى بإصرار، و اعتمد الاسم كي يدعمني بعد كل فترة انتابني فيها قلق أو اكتئاب، وكان هذا اللقب قد أطلقه علي صديقي أكرم البزاوي والفنان محمود البزاوي وزوجته الرائعة هالة السعدني، ولكن كان من أسامة غير، عندما يناديني يا إصرار اسمعها بصوته وبحرارة مشاعر الإخوة تجاهي وإيمانه وثقته بقدرتي على التميز بالعمل.
كنت في العشرينات من عمري عندما تعامل معي أسامة بحفاوة كبير قبل بدء العمل معه. قال لي: انتِ موهوبة يا إسراء.
كان يحب أسامة مناداة كل موهوب بكلمة يا موهوب يا موهوبة، وكلما أعجب بعمل فني قال عنه “عمل بديـــع”
استقبلني أسامة الشاذلي عام 2017 بموقع المولد؛ الحلم الذي جمعنا سويا أنا وزملائي على قلب كاتب واحد، وكان لي الشرف كوني من أول خمسة أفراد في هذا الموقع .
استقبل أسامة فتاة تعرف كيف تكتب ولكن لا تحترف الكتابة؛ فعلمني كل شيء عن الصحافة وعن طبيعة العمل بــ (السيو) وجعلني أحب النقد الفني حبًا جمًا، وكان أول مقال لي باليوم السابع لفت انتباه أسامة وكان فاتحة الخير علي وسبب عملي معه عن المخرج داود عبد السيد.
قال لي أنه قرأ المقال وأحبه ويريدني معه في فريق المولد، انتابتني فرحة كبيرة وشعرت أنني وجدت الفرصة التي أبحث عنها، وظل أسامة في فترة ما مديري اللطيف الطيب الذي أتعلم منه الكثير.
في السنوات الأخيرة تغيرت طبيعة العلاقة، خاصة بعد انتهاء تجربة المولد. لم ينقطع الوصل بيننا، وكنت أرى في الثنائي أسامة الشاذلي ورشا الشامي الحلم الذي أحب أن أراه متحققًا.
أحب صورهم سويا، أحلامهم سويا، وجودهم معًا، وعلاقتي بهما أخذت تتطور بالوقت لنصبح جميعًا كالعائلة، فكان يردد أسامة دائمًا أننا لسنا مجرد زملاء عمل، ولكنه يحب أن نكون أسرة واحدة.
عندما انتهت تجربة المولد ظللنا على تواصل وهذا ما جعل العلاقة الإنسانية أقوى. كان يدعمني ورشا الشامي في كل خطوة بحياتي. كل خطوة لدراسة شيء جديد، خطوة نشر أول كتاب لي، ثم انضممت مرة أخرى لفريق عمل الميزان معهم من جديد.
لم تكن علاقتي بأسامة الشاذلي تتطور لدعمه فقط لي بالعمل وخطوات تحقيق النجاح، ولكن لدعمه لي لأكثر شيء جعلني صادقة بالحياة، وهو أن أصبح نفسي.
كل خطوة كانت تقربني إلى نفسي كان أسامة خلفها بكلمة، بنصيحة. كان يردد أنني طفلة..يكررها طوال الوقت:
طفلة…طفلة.
وكنت أتصرف في حضوره كالطفلة بالفعل لأنني لا أظهر هذه الطفلة سوى عندما أشعر بتقبل الشخص لي كما أنا، وتقبل هذه الطفلة العفوية التي تقول ما تشعر به بغض النظر عن العواقب.
اكتشفت بعد رحيل أسامة أننا كنا نتشارك أشياء كثيرة؛ حبنا للطعام، كرهنا للعرقسوس، حبنا لفنانين بعينهم، مقتنا للكذب والنفاق. كان يقولي عني أنني شجاعة، فيما كنت أراه اشجع الأشخاص الذين عرفتهم بحياتي، حيث كان يأخذ قرارته بعزة نفس الأحرار.
اقرأ أيضا…هند عبد السلام ملاك ومر من هنا
لا أعرف ماذا أضيف من بين دموعي، أسامة شارك في إحياء نفسي، شارك في كوني إصرار، شارك في أن اتصالح مع حبي لكل شيء صنعني، جعلني أحب حكاياتي وكان يقول:
إسراء أصلا أديبة…في يوم هيبقى لها كتب وروايات.
كان يشارك في علاجي من القلق اللعين بأن فرد لي سلسلة بعنوان يوميات القلق، وأمرني أن أكتب عن قصصي الإنسانية بالحياة.
جعلني أعشق العمل معه وأعشق الكتابة سلاحنا ضد الكآبة-كما تقول الشاعرة جيهان حسين-وجعلني أتنفس كتابة وجعلها لي طريقا للحرية.
رحل الرجل الحر الطيب صاحب كلمة الحق وصاحب شجاعة الاعتذار في زمن ندر فيه من يعتذر عن أي شيء، وشجاعة قول الحقيقة بغض النظر عن العواقب…..رحل أسامة الشاذلي أخي ومديري وصديقي ولكن ترك بداخلنا جميعا شيء من روحه نعيش به إلى الأبد لنكتب عنه حتى أخر نفس حتى اللقاء.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال