رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
479   مشاهدة  

هند عبد السلام ..ملاك ومر من هنا

هند عبد السلام
  • إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



“اوعديني لو مشيت تجمدي… تنجحي… تعافري… تكملي”

وعدتها، رغم استغرابي إصرارها هذه الليلة أن أعدها بالتماسك فور رحيلها. أخذت الكلام على محمل الجد، رغم الغصة التي كانت تستقر في قلبي بكل مرة تؤكد فيها أنها سترحل.

“باحبك وهفضل أحبك بعد ما أمشي..

إسراء لو مشيت خليني دايما على بالك زي ما أنا دايما على بالك”.

كنت دائما أجيبها: أن لا أحد ينسى روحه، وقد كانت هند عبد السلام صديقتي، وأختي، وأمي الثانية، وروحي.

رحلت هند، ولم أحب أحدًا قط كما أحببت هند، كنت أبكي لوجعها، وأكن شحنة غضب تستطيع حرق الكوكب كله لمن يظلمها.

كانت هند عبد السلام تستحق الحب، وتعيش للحب، وتنشر الحب، حتى لو لم يتحقق كما تمنت.

روح شفافة محبة للخير؛ حتى أنها قبل الوفاة بساعات أوصتني أن أعامل من ظلموها برفق، لعل الرفق يصلح حالهم، وأنه ليس شرطا أن من ظلموها -بالضرورة- أشخاص سيئون مع الجميع.

كانت هند تضع نفسها مكان كل البشر، بقلب يتسع للعالم، حتى أنها كانت ترفض الحكم على أي شخص، أو الخوض في حديث عن المشاهير، وتحليل تصرفاتهم الشخصية، وتقول دائما: “ربما يوما ما كنا مكانهم، ولا نعرف ظروف الناس”.

كانت هند رغم كل ما عانته بالحياة من ابتلاء بفقد المحبين والفراق؛ تعطي… تعطي من قلب مكسور، ولكن يحمل من المحبة ما يمكن أن يفيض على الإسكندرية كلها وما حولها.

لا تدع محتاجًا إلا وساعدته بكل ما استطاعت من حب ومال واهتمام.

أقرأ أيضا…محمد خميس الذي علمني العطاء وأن أهزم الخوف

بمشهد لا ينسى، جمعتنا كي نذهب في زيارة لدار للأيتام، وجمعت من المال ما تستطيع لهم، فدخلت غرفة المعاقين، ووقفت أنا وصديقتنا أميرة عبد الشافي خارج الغرفة بدموعنا، لم نستطع الصمود أمام أطفال فقدوا أهاليهم، وفقدوا أيضا الحركة.

كانت هند وحدها تذهب لكل طفل منهم تضحك له وتلاعبه وتقول له إنه جميل، وإنه مميز.

..كنت أراقب هند بكل موقف كهذا متعجبة، كيف لهذا القلب الرقيق الصمود وسط هذه المواقف؟

دائمًا ما كانت تدهشني  بقدرتها على الصمود وعلى تخطي المواقف الصعبة، وحتى الآن تدهشني بقصص أسمعها من أصدقائها ومعارفها حول اهتمامها ورعايتها لكل من حولها.

شيء إلهي… رسالة ربانية… نسمة وسط صيف أغسطس، أو ملاك متخفي؛ هكذا كانت في عين كل من عرفها.

تتصدق ولو كانت تحتاج المال، تحب ولو كانت تحتاج الحب، تمارس الجدعنة كما قال الكتاب ولو خذلتها أيادٍ لم تستحق لحظة من حياتها.

هند كانت تأمل في الغد ولو كان مثل الأمس، تبشرني ولو كانت تحتاج لنور من قلب العتمة، تضحك ولو روحها تتمزق من الآلم.

كانت هند عبد السلام بالنسبة لي قدوتي في الحياة ، أقولها وأنا جادة، فتضحك ضحكتها العالية التي كانت كشمس كل صباح، وتقول بتواضع جم أن أبحث عن قدوة أخرى، فلم تنفع نفسها كما يجب أن يكون-في رأيها- فيما أجد أن الحب الذي تركته هو أكثر ما نفعها بعد الرحيل.

كانت هند حكاءة رائعة، فنانة استثنائية حُرم العالم من فنها، ومنعها الحزن من الإبداع والإنطلاق، وقبل الرحيل كنت أخطط معها لعمل فيديوهات للحكي، لم تمهلها الحياة أن تبدأ، كما لم تمهلها دائمًا تحقيق كل ما تمنت.

إقرأ أيضا
قطار

بالنسبة لي كانت هند  ملاكي الحارس الذي يحتضنني بوقت الشدة والقلق والشعور بالمرارة والمصيبة، فعرفت المصيبة الحقيقية بعد رحيلها.

كررت “عايزة اشوفك” وانتظرت مجيئي من العُمرة واحتضنتني واتصلت بي بعد منتصف الليل لتؤكد أنها تحبني وتحب عائلتنا الصغيرة؛ أصدقائنا الذين اخترناهم بعناية، وأخذت في وصف حبهم لي جميعًا وكأنها تقول لي أنها ستتركني لعناية الله وبقية المجموعة الطيبة، ثم ساعات وفارقت الحياة بسلام وبلا آلم.

“يا ملاك

يا جنية

يا ست الحسن”

لا تيه بعد الآن، لا دموع، لا آهات، فقط السلام الذي طالما تمنيتيه.

“عايزة أمشي يا إسراء في سلام”

كانت أمنيتها الأخيرة والوحيدة التي تحققت، فاللهم ألحقها بالصالحين، وألهمنا الصبر.

الكاتب

  • هند عبد السلام إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان