أشياء غير مروية عن خطاب جمال عبدالناصر في الأزهر أثناء العدوان الثلاثي

كان يوم الجمعة 2 نوفمبر 1956 هو موعد خطاب جمال عبدالناصر في الأزهر أثناء العدوان الثلاثي وألقى كلمة به استغرقت 19 دقيقة لكن هناك جوانب أخرى عن تلك الفترة لم يهتم بها الكثيرين.

أشياء مجهولة عن خطاب جمال عبدالناصر في الأزهر

لم يكن خطاب جمال عبدالناصر في الأزهر واحدًا، وإنما ألقى خطبتين في الأزهر وقت العدوان الثلاثي أولهما يوم 2 نوفمبر 1956 وثانيها يوم الجمعة 9 نوفمبر من نفس العام، لكن الخطاب الثاني هو المجهول.

اقرأ أيضًا 
شائعات عن جمال عبدالناصر والأزهر “حين تؤدي ويكيبيديا إلى الكذب”

اختيار الزمان والمكان لهما دلالات فقد اختار جمال عبدالناصر يوم الجمعة التالي للعدوان ليلقي كلمته من الجامع الأزهر إلى العالم العربي والإسلامي بصفة خاصة والعالم بأسره بصفة عامة، ويوم الجمعة له قدسيته وصلاة الجمعة دعوة مستمرة لتضامن المسلمين؛ وكان مجرد تحرك ركب جمال عبدالناصر في يوم الجمعة إلى الأزهر لإلقاء كلمته مظاهرة مصرية إسلامية حقق من وراءها ناصر جزءًا من هدفه حيث التضامن لمواجهة الأزمة.

أول خطاب لجمال عبدالناصر في الأزهر

بلغت عدد كلمات الخطاب الأول لجمال عبدالناصر 1513 كلمة في 19 دقيقة و18 ثانية، شرح من خلاله تفاصيل المؤامرة منذ الإنذار البريطاني الفرنسي ورفضه، ووجه ناصر رسالة طمأن فيها الشعب قال فيها «إن الموقف اليوم – أيها المواطنون – أحسن مما كان منذ يومين؛ لقد كانت المؤامرة الكبرى تنحصر فى سحب قواتكم المسلحة إلى الحدود لتشتبك مع إسرائيل، وترك مصر بدون جيشها؛ حتى يستطيعوا أن يفعلوا ما يريدون».

ولم يخفي جمال عبدالناصر خسائر مصر وإسرائيل حيث قال «قامت قواتنا الجوية يوم ٣٠ و٣١ بالسيطرة على أرض المعارك فى سيناء، وفى القتال يوم ٣٠ و٣١ أسقطنا ١٨ طيارة من إسرائيل؛ تلت السلاح الجوى الإسرائيلى.. وكان أفراد القوات الجوية يعملون ليل نهار.. أفراد القوات الجوية.. إخوانكم فى القوات المسلحة كانوا يعملون باستمرار كانت الطيارة تطلع.. ترجع تملأ بنزين.. تطلع، وكان الطيارين مسيطرين على أرض المعركة، خسرنا طيارتين، استشهد اتنين من طيارينا فى هذا القتال، ولكن وفقنا الله واستطعنا فى يوم ٣٠ و٣١ ان احنا نسقط لإسرائيل ١٨ طيارة، ونسيطر على أرض المعركة».

كرر جمال عبدالناصر كلمة سنقاتل في هذه الخطبة 5 مرات وكلمة نقاتل 5 مرات، ونفى الشائعة التي رددها الإستعمار بشأن هروب أسرته حيث قال «أنا هنا في القاهرة ضد أي غزو سأقاتل معكم.. أنا هنا موجود في القاهرة، ولادي موجودين معكم في القاهرة، ما طلعتهمش بره، ومش حاطلعهم بره، وأنا موجود معكم هنا في القاهرة .. حنقاتل – زى ما قلت لكم امبارح – لآخر نقطة دم.. لن نسلم أبداً، بنبني بلدنا.. بنبني تاريخنا.. بنبني مستقبلنا».

ثاني خطاب لجمال عبدالناصر في الأزهر

أما ثاني خطاب للرئيس جمال عبدالناصر في الأزهر فكان يوم 9 نوفمبر سنة 1956 واستغرق ساعة وثلث ساعة وبلغت عدد كلماته 6532 وهو أهم الخطابات التي حضر لها الرئيس جمال عبدالناصر جيدًا.

كان خطاب 9 نوفمبر هو أول ظهور للرئيس جمال عبدالناصر علنيًا بعد24 ساعة من قبول مصر لقرار الأمم المتحدة وقف إطلاق النار، ومثل هذا انتصارًا سياسيًا ساحقًا للرئيس، وجهز واختيار الأزهر لإلقاء الخطاب وحضر لهذا الخطاب جيدًا.

تشير أوراق ناصر الخاصة أن ناصر جهز 5 ورقات كـ مسودة لهذا الخطاب حيث تكلم عن حال العالم بعد قرار وقف إطلاق النار وكان شعار ناصر «فرض علينا القتال ولكن لن يفرض علينا الاستسلام»، بالإضافة إلى استعراضه لخسائر العدو السياسية والعسكرية، وأشاد ناصر بمقاومة بورسعيد.

أجاب ناصر عن سؤال سبب قبول وقف إطلاق النار بقوله «ليه قبلنا إيقاف القتال؟ احنا حينما استنكر العالم كله – العالم الحر – العدوان فى ٢ نوفمبر.. أما استنكر العالم العدوان، وأخذت الأمم المتحدة؛ الجمعية العامة، قرار بإيقاف القتال، مصر اللى بتنادى بالسلام وافقت على إيقاف القتال؛ لأن معنى هذا أن فرنسا وإنجلترا – المعتدين، مجرمين الحرب – معزولين عن العالم كله».

إقرأ أيضا

هل تحسم قوائم بيلبورد عربية لقب صوت مصر؟

الموقف السعودي في خطاب جمال عبدالناصر

ولم يغفل عبدالناصر موقف الملك السعودي والعاهل الأردني والجيش السوري بالإضافة لبقية الشعوب العربية.

قال عبدالناصر عن موقف الملك سعود «يوم الأربع اتصل بى الملك سعود تليفونياً، وقال لى: إن جيش المملكة السعودية تحت تصرف مصر، وأموال المملكة السعودية تحت تصرف مصر، وإن السعودية مستعدة تعمل أى شىء، واحنا نطلب منهم هذا كان ردى ان احنا قلقين على الأردن؛ لأن الجيش المصرى يستطيع انه يصد العدوان اليهودى، ويلقن إسرائيل درساً، وأبلغته ان حنتصل بالأردن حتى تتعاون السعودية مع الأردن فى سبيل الدفاع عن الشعب الأردنى الشقيق. ولكن الملك سعود أبلغنى أن جيش المملكة السعودية مستعد لمعاونة مصر، ومستعد لتلبية أى طلب، وان أموال المملكة السعودية تحت تصرف مص، الملك سعود عرض وكان يعنى كل كلمة يقولها، وكان ينتظر منا أن نطالب، ولكنا كانت خطتنا تمنع من انه يرسل قوات إلى مصر؛ لأن الأردن كانت مهددة أكثر من مصر؛ على أساس ان الهجوم هجوم يهودى إسرائيلى بس. الملك حسين عرض جميع المعاونات الممكنة، ولكن كانت خطتنا ان احنا لا نورط الأردن فى هذا الوقت فى المعركة؛ دا حصل يوم الجمعة».

إلى جانب السعودية تكلم عبدالناصر عن الأردن وسوريا فقال «الملك حسين – يا إخوانى – فى نفس اليوم اتصل بى برضه بالتليفون، وقال: إن الجيش الأردنى مستعد؛ بناء على الاتفاق اللى وقع بين مصر والأردن من ١٥ يوم، أن ينفذ كل ما تراه القيادة المشتركة، وان الأردن متعاونة معنا كل التعاون. وكان الملك حسين يعنى كل كلمة يقولها، وقال لى: ان احنا مستعدين أى خطة مشتركة أن ننفذها، وأنا قلت له: ان احنا هدفنا ألا تكون هناك جبهة على الأردن، ولكن احنا عايزين نحصر القتال فى هذا الوقت بين الجيش المصرى والجيش الإسرائيلى، ونرى أن السعودية مع الأردن يتعاونوا الآن؛ حتى يقابلوا القوات الإسرائيلية إذا أرادت أن تعتدى على الأردن، سوريا.. الرئيس شكرى القوتلى اتصل بالجيش السورى فى القيادة المشتركة، وقال: إنه مستعد انه يقوم بأى عمل تكلفه به القيادة المشتركة، ولكن خطتنا برضه كانت عدم فتح جبهة أخرى بالنسبة للجيش السورى أو بالنسبة لسوريا».

لوحظ في مسودة خطاب عبدالناصر بالصفحة الأخيرة أنه شطب على محور الموقف السياسي الداخلي ثم كتبه مرة أخرى، لكن في الخطاب الرسمي لم يتكلم عن الموقف السياسي الذي من المؤكد أنه كان سيئًا في داخل مصر بسبب عبدالحكيم عامر لكنه كان جيدًا بالنسبة لعبدالناصر.