شائعات عن جمال عبدالناصر والأزهر “حين تؤدي ويكيبيديا إلى الكذب”

وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال

تعددت شائعات كثيرة عن جمال عبدالناصر والأزهر بحكم أنه الشخصية الأكثر جدلاً في تاريخ مصر الحديث، فهناك من يراه الزعيم الخالد الملهم المستبد العادل، نصير الفقراء والمحرر من الاستعمار، والآخرون يرون فيه الفرعون المستبد بلا رحمة؛ ومع تباين هذه الآراء كانت الشائعات التي نالت عقيدته الدينية وتاريخه السياسي.

قديمًا كان ما يتم تناوله من شائعات عن جمال عبدالناصر نابع من قراءة أحادية لكتب التاريخ، أو قراءة لما هو موجه منها، أما الآن فكانت لموقع ويكيبيديا دور فعال في كثرة تلك الشائعات وشهرتها، وطالت ويكيبيديا التاريخ الأزهري وصلته بالعهد الناصري.

تحدي شيخ الأزهر بسبب الاخوان

محمد الخضر حسين - جمال عبدالناصر — محمد الخضر حسين – جمال عبدالناصر

معلومة مغلوطة قدمها نشطاء على الفيس بوك حول تقدم شيخ الأزهر الراحل محمد الخضر حسين باستقالته للرئيس جمال عبد الناصر، عندما طلب الأخير فتوى من المؤسسة الأزهرية لإعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية، فقام شيخ الأزهر برفض ذلك معللاً أن للإخوان نضالهم في فلسطين.

حقيقة هذه الشائعة أنها خاطئة لـ 3 أسباب، أولها أن الشيخ محمد الخضر حسين قدم استقالته في 7 يناير عام 1954 م، وأول صدام رسمي بين الإخوان والنظام كان في 26 أكتوبر 1954 م، وثانيها فإن إعلان الإخوان جماعة إرهابية أو محظورة لا يحتاج لفتوى شرعية أما ثالث تلك الأسباب فهي أن استقالة الشيخ كانت بسبب إلغاء المحاكم الشرعية.

محمد صديق المنشاوي جزء من الشائعات

شائعة تسببت فيها ويكيبيديا وتورطت فيها كل المواقع الإخبارية عن رفض الشيخ محمد صديق المنشاوي، القراءة أمام جمال عبدالناصر، وتقول القصة كما نشرها موقع المصري يوم لايت، حمل الدعوة إلى المنشاوي، أحد الوزراء قائلاً: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفلاً يحضره الرئيس عبدالناصر، فردّ عليه المنشاوي قائلاً: لماذا لا يكون هذا الشرف لعبدالناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي».

رفض المنشاوي أن يُلبي الدعوة قائلاً: «لقد أخطأ عبدالناصر حين أرسل إلىّ أسوأ رسله»، دون الإشارة إلى اسم المندوب الذى تحدّث إليه، وأصر على الرفض، بالإضافة إلى رفض الاهتمام بالانضمام إلى الإذاعة المصرية، حتى اضطرت الإذاعة أن تنتقل إليه لتُسجل له.

وحقيقة هذه القصة أنها غير صحيحة إذ تخلو من تحديد تاريخ الواقعة، كذلك فإن الشيخ محمد صديق المنشاوي قرأ أمام عبد الناصر في حفلات كبيرة أيضًا، مثل أيام الوحدة المصرية السورية، ويوم قدوم الرئيس عبدالسلام عارف إلى القاهرة، بالإضافة لقيام المنشاوي بعمل المصحف المرتل بطلبٍ من ناصر، وختامًا قيام المنشاوي بقراءة القرآن في سرداق عزاء والد عبدالناصر ثم رحيل المنشاوي بعدها بعام.

جمال عبدالناصر لا يهتم بطبع الكتب الدينية

مسألة طبع الكتب الدينية في عصر جمال عبدالناصر كانت ضمن الشائعات إذ اعتمد كثيرون على رأي الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث يرى الشيخ أن عبدالناصر السبب الرئيسي في تدمير الأزهر، وصرح بهذا خلال حوار له على قناة العربية قال فيه «جمال عبدالناصر سبب فساد الأزهر، وهذا تاريخ معروف ويعرفه الصغار والكبار الآن، وقد نشأت فى هذا النظام وكنت طالبا فى الثانوى أيام ما كان هذا النظام يخطط للأزهر أن يعيش فى الظلام، وأكد أن أول نظام تضعضع فيه الأزهر هو نظام عبدالناصر، والمد الاشتراكى، فالنظام ارتمى فى أحضان السوفييت وكانت الكتب الاشتراكية تباع هنا ونظريات ماركس والدين أفيون الشعوب وكل هذا يباع بشلن وأنا كنت أشتري الكتاب فماذا تنتظر من نظام مرتم فى حضن مُنكر للدين».

غير أن استدلال الكثيرين برأي الطيب في الكتب الدينية خلال عصر جمال عبدالناصر قاصرة، إذ تشير جريدة الأهرام خلال الفترة من 1964 حتى عام 1970 إلى أن هيئات الطبع الرسمية التابعة للنظام الناصري طبعت أكثر من 1200 كتاب في مناسبات متعددة كشهر رمضان والمولد النبوي وموسم الحج.