أهم قطع متحف الحضارة .. أنا شاب ولكن عمري 35 ألف سنة!
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
متحف الحضارة يقع بالقرب من حصن بابليون ويطل على عين الصيرة في قلب مدينة الفسطاط التاريخية بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة.
متحف ساحر يضم آلاف القطع الآثرية تنطق بما مرت به مصر عبر العصور بداية من الإنسان المصري القديم جدًا الذي عاش على أرضها منذ حوالي 35 ألف عام مرورًا بالحضارة المصرية القديمة والبيزنطية والقبطية والإسلامية وحتى تراثنا البدوي إلى قطع من الفن المعاصر.
ولأنني أعشق التاريخ والآثار فقد ذهبت للمتحف كي أعرض عليكم أهم قطعه، ولكن قبل عرض جميع القطع راود صديقي الفنان “محمد خميس” سؤالًا في قعدة طغى فيها سحر الكلام عن المتحف: ماذا لو لدنيا بكل محافظة متحفًا للحضارة؟
واسمح لي عزيزي القارىء أن أجيب لك عن هذا السؤال بأخر هذا التقرير
فكرة وتاريخ متحف الحضارة
حسب ما جاء من معلومات بموقع المتحف، فيرجع تاريخ فكرته لعام 1982 . فقد أعلنت اليونسكو بعام 1982 _بناء على طلب الحكومة المصرية_ على إنشاء متحف النوبة بأسوان ومتحف الحضارة بالقاهرة.
وقد تم إعلان مسابقة لتصميم المتحف فاز بها أحد المهندسين المعماريين المصريين. وتم اختيار مكان المتحف بالفسفاط بالموقع المطل على بحيرة عين الصيرة عام 1999 بدلًا من دار الجزيرة التي تم اختيارها سابقًا والتي يطلق عليها دار الأوبرا الآن.
وقد تم وضع حجر الأساس عام 2002 بعد أعمال الحفائر، وفي عام 2017 تم افتتاح قاعة للعرض المؤقت بعنوان “الحرف المصرية عبر العصور المختلفة” وكانت مساحة القاعة 1000 متر، وافتتحت في حضور إيرينا بوكوفوا مدير عام اليونسكو.
وتضم القاعة حوالي 400 قطعة آثرية حول الحرف المختلفة التي أتقنها المصري القديم؛ مثل النسيج، الحلي، الفخار، الأخشاب
هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى؟
أهم القطع المعروضة بمتحف الحضارة
أنا شاب ولكن عمري 35 ألف سنة!
خمسة وثلاثون ألف سنة تاريخ هيكلًا عظميًا تم اكتشافه بصعيد مصر. بعنوان “إنسان نزلة خاطر” تجد أول قطعة تترأس قطع المتحف. تم اكتشاف القطعة بسوهاج . لشاب في مقتبل العمر عمره ولكن بزمننا الحالي فعمره 35 ألف سنة
شاب يتميز بطوله الفارع وبجانبه وضع أحدهم أداة من أدواته الحجرية. كل ما تستطيع التفكير فيه عندما تتأمله، كيف مات هذا الشاب ذو البنية القوية؟..ومن تركه في منتصف طريقه ومعه أداته الحجرية؟..هل كان في رحلة صيد؟..أم كان يتمشى بصعيد مصر وزاره ملك الموت على حين غرة؟
بالنهاية لا توجد آثار ًا لجريمة ما حدثت له ، يمكننا أن نقول مات موتة ربنا ووصل هيكله إلينا من العصر الحجري لتهبط علينا بنزلة خاطر بسوهاج. ولا نعرف اسم الشاب ولا عنوانه سوى أنه إنسان نزلة خاطر وفقط.
المومياوات الملكية وغير الملكية
لن ننسى أبدًا الاحتفال المهيب بموكب المومياوات الملكية الذي تم منذ شهور بابريل الماضي وانتظره العالم أجمع؛ الموكب الذي تم نقله للمتحف من المتحف المصري القديم والذي ضم 22 مومياء ملكية .
فمن أهم مقتنيات هذا المتحف هذه المومياوات والتي أشهرها مومياء الملكة حتشبسوت، ومومياء الملك رمسيس الثاني والملكة تي و تحتمس الثالث وسقنن رع وملوك عظماء آخريين، تم تخصيص قاعة لهم بالدور الأرضي من المتحف بشكل مختلف عن القاعة الكبرى، مُنع فيها التصوير للحفاظ على المومياوات بحالتها كما هي.
أما عن التوابيب التي تم عرضها بالقاعة الكبرى فكانت لسن نجم وزوجته، وتابوت لسيدة مجهولة الهوية، يُقال أنها مغنية بمعبد ما وأكد لنا الباحث الآثري إسلام جمال عبد العال أنها ترجع للنصف الثاني من ا للأسرة الثامنة عشر.
وسن نجم كان كبير العمال بالأسرة التاسعة عشر ، وصُنع تابوته الداخلي على هيئة آدمية حيث وضعت مومياؤه داخله ويعلوها غطاء داخلي يصور سن نجم في ملابسه الدنيوية وهو يرتدي نقبة طويلة من الكتان الأبيض، وتزين التابوت مجموعة من الكتابات والمناظر الدينية للمعبودات الحامية للمتوفي، وكذلك منظر لسن نجم وهو يتلقى الطعام من ربة الشجرة.
حياة المصري القديم
يعرض المتحف حياة المصري القديم وصولًا بحياة المصري الجديد؛ ولذلك سُمي المتحف بالحضارة، وكما عرضنا بعض الصور لحياة المصري القديم مع أدوات التجميل والخبيز والنسيج، فسنعرض حياته من خلال آثار المتحف مع براعته في الطب وعلوم ومجالات أخرى.
الساعة المائية
اخترع امنحتوب الثالث ساعة تعمل بالمياه؛ ساعة مائية بفتحات من كل جانب وعلى شكل مخروطي، يفهم منها المصري القديم الوقت عن طريق انسايب المياه من هذه الفتحات بالترتيب.
القطع الموسيقية
عرف المصري القديم الآلات الموسيقية والحفلات الموسيقية والغناء. وأشهر الآلات التي صنعها المصري وعرفها وعزف عليها بببراعة هي آلة الهارب و آلة الفلوت؛ لذلك تجدها تتصدر الآلات المعروضة بالمتحف في القسم الخاص بالآلات الموسيقية، وكان تصوير الحفلات الموسيقية والعازفين من المناظر الشائعة في الدولة الحديثة.
الطب عند المصريين القدماء
مما لاشك فيه أن المصريين القدماء قد برعوا في مجال الطب وسبقوا غيرهم في هذا المجال بشكل مبهر. وكان من المتعارف عليه وصول بعض الكهنة المصريين لأسرار الطب، وقد دون بعضهم هذه الأسرار وأدوية أمراض كثيرة على البرديات كي لا تضيع معلوماتهم وتدفن معهم.
ولكن أن ترى بأم عينك أدواتهم لشيء آخر؛ فتحت فاهي من روعة ما أرعى. دهشة تعلو حاجبك الأيمن عندما ترى بنفسك الأدوات التي تستخدم في العمليات الجراحية .
وبجانب الملاقط وأدوات الجراحة ترى محاولة لعمل إصبعًا صناعيًا!..فتخيل يا مؤمن أن أجدادنا وصلوا لوضع الشرائح بالعظام وللأطراف الصناعية والجراحة منذ ألاف السنين. بجوار هذه القطع تماثيل لامحوتب.
ويقول عنه الفنان وباحث الآثار محمد خميس أنه كان وزيرًا للملك زوسر وقد برع في مجال الطب حتى أصبح آلهًا منذ الأسرة السابعة والعشرين، وتوجد صورا له كآله للطب على جدران معبد كومبو بأسوان وهو مهندس هرم زوسر.
ولادة إيزيس
من أهم القطع بهذا المتحف تمثال “ولادة إيزيس” قطعة مبهرة تصور لك طريقة الولادة بهذا الوقت. تجلس المرأة وهي تلد مما يسهل عملية الولادة. وقد عُثر على هذه القطعة الفريدة بالقرب من معبد دندرة وهي ربما تصور الإلهة نوت وهي تجلس على كرسي الولادة وهي تضع الإلهة إيزيس على حين تشرف ربات الولادة برأس البقرة على عملية الولادة.
قطع أخرى
هناك قطع أخرى بالمتحف لا تستطيع اغفالها عند زيارتك لها ومنها تمثال الملك تحتمس الثالث، ولعبة سنت التي كانت من أشهر الألعاب عند المرصيين القدماء. ومن قطع العصور الحديثة الملفتة ، أخر كسوة للكعبة تم تصنيعها بمصر.
وحسب ما جاء من معلومات بالمتحف، فلعبة سنت من أقدم الألعاب وأكثرها شيوعًا في مصر القديمة، إذ كانت تحظى بشعبية كبيرة بين المصريين حتى نهاية العصر الروماني، وكان لهذه اللعبة رمزيتها الدينية الكبيرة إذ يستطيع الإنسان من خلالها أن يتخطى العقبات التي تواجهه في العالم الآخر والتي تتشابه مع لعبة “السلم والثعبان” في عصرنا الحديث
عودة للسؤال: ماذا لو لدينا بكل محافظة متحفًا للحضارة؟
إن كنت قد وصلت لنهاية هذا التقرير فأنا على أمل أنك تتذكر السؤال الذي تركت إجابته لنهاية الموضوع؛ ماذا لو لدنيا بكل محافظة متحفًا للحضارة؟..هناك على سبيل المثال بالمتحف المصري ألاف القطع الآثرية مما يشبه بحالة من التكدس تحدث بهذا المتحف، فماذا لو تم نقل بعضها لمتاحف أخرى بمحافظات مصر؟
تخيل معي عزيزي القارىء أن كل متحف من هذا سيضم تاريخ كل محافظة بجمهورية مصر العربية. تخيل أن كل مدرسة تقوم برحلة لأبنائها لهذا المتحف كي يتعرف أولادها على تاريخ المحافظة.
مجرد فكرة نأمل في تطويرها كي تصل للمسؤولين، ولأننا ليس حيلتنا سوى الأفكار والخيال فسنقوم بجولة في هذه المتاحف المتخيلة بالموضوعات القادمة.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال