همتك نعدل الكفة
721   مشاهدة  

أوبريت اخترناه ومعجزة تحقيق المعادلة المستحيلة

أوبريت اخترناه


هتلر الرجل الذي حرق العالم كان من محبي الفن وكان يدرك تأثيره على الإنسان، غلبه الهوس بفيلم روسي عظيم وهو المدمرة بتومكين، فطلب من جوبلز وزير دعايته أن يصنع له فيلمًا عظيمًا مثل الفيلم الروسي الذي أخرجه سيرجي ايزشتاين وأسس معه ما نعرفه اليوم بتكنيك المونتاج المتوازي، ولكن فيلم جوبلز لما ينجح أبدا لا هو ولا كل أفلام الدعاية النازية، لأن المعادلة تقول الفن إذا تم توجيهه تحول إلى منشور، ولكن تلك المعادلة لم تنطبق يومًا على أوبريت اخترناه.

جه وصل الود وصفاه

الأوبريت الذي أذيع بمناسبة مزدوجة، احتفالات أكتوبر 1999 والولاية الرابعة لمبارك، كان أوبريت متكامل على المستوى الفني والسياسي أيضا، العمل الفني الجيد يجد من يستمع له ويصغي له، وينتشر وهذا هو الأهم في العمل الفني الموجه أن ينتشر لتنتشر معه الرسالة، ولكن ما هي الرسالة التي بثتها كلمات اخترناه.

بساطة الكلمات وسهولة نطقها وخفتها كانت سبب في الانتشار، والانتشار حمل رسالة هامة عن الرئيس الحاكم، بعد حرب الخليج كان مبارك قد بدأ زعامة المنطقة، وترسخت زعامته في الوقت الذي بدأ الحديث الهامس عن احتماليات التوريث، كان في تلك اللحظة القليل من الهمهمات المعارضة، لأن مبارك كان اغلب رزقه الرجال المحيطين به من الحرس القديم، هؤلاء الساسة الأساتذة، كان التوجيه بامتصاص الهمهمات تلك بعمل فني يعيد تذكير الشعب بإنجازات مبارك في فترة حكمه السابقة.

والحق أن إنجازات مبارك كان كبيرة، إنقاذ الوضع الاقتصادي من شفا الإفلاس، استعادة طابا، مقاومة التيار الإسلامي، تصحيح مسار العلاقات العربية المصرية، الوساطة في اتفاقات القضية الفلسطينية وغيرها من الإنجازات، ومع تلك الإنجازات داعبت الكلمات مناطق الضعف في الشخصية المصرية.

أوبريت

لا هيديني ولا يرقيني

نحن المصريون نضعف أمام الشخصيات المتواضعة البسيطة، ويا حبذا لو كانت من أصول بسيطة وحققت ما يفوق التوقعات، وبالتأكيد تولي مبارك قمة السلطة السياسية في مصر وتحوله لزعيم إقليمي فاق توقعات مبارك نفسه، فمع تذكيرهم بإنجازاته ذكروا الجمهور بأصله وبساطته وأصبغت الكلمات عليه صفات التواضع، وهذا هو المفتاح لبقاء هذا الأوبريت وانتشاره.

اختيار الأصوات مهم جدا، لم يكن المقصود هنا هو التنوع في الأصوات فحسب بل الوصول لأبعد وأخر نقطة في المجتمع المصري واختيار مقطع مناسب لكل صوت، انظر بنوع من التأمل ستجد أن جميع طبقات المجتمع المصري متمثلة في الأصوات المنتقاة للغناء، حرفيين وعمال وصعاليك ومثقفين وحرافيش وربات بيوت وكبار السن سيدات ورجال والطلبة والشعبيين والأرستقراطيين الكل بلا استثناء له صوت يمثله داخل الأوبريت.

ليأتي دور اللحن، عمار الشريعي بالطبع يعرف جيدا كيف يقوم بتلحين عمل كهذا غرضه الانتشار، جمل بسيطة سريعة واحدة، تيمة لحنية متكررة في كل مقطع، لحن واحد لكافة المقاطع ونقلة واحدة متكررة، ولكنها تطربك لشدة بساطتها وجمالها، لحن بهذه الرشاقة يحمل أثقل الرسائل إلى الجمهور بمنتهى السهولة واليسر، فكان بالطبع مع جمل رنانة تعلق في الأذن الوسيلة الأكثر أمنا لوصول رسالة الأوبريت.

إقرأ أيضا
صالح العاروري

أوبريت اخترناه الذي كتبه عبد السلام أمين ولحنه الشريعي، كان أحد الأعمال الموجهة التي أصابت سهامها كل الأهداف، لدرجة أنه يمكن أن ينتسب إلي الأوبريت جزء من الفضل في امتصاص الهمهمات المعارضة والمد في نظام مبارك لسنوات لولا أنه قرر القضاء على نفسه بنفسه بداية من 2004.

إقرأ أيضاً

“صور ووثائق” لماذا لم يحذف الأزهر اسم حسني مبارك من 2011 حتى الآن

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان