همتك نعدل الكفة
221   مشاهدة  

إشكالية المثقف في سيرة جاليليو .. طوبى لكل قائل جهور

إشكالية عقل المثقف سيرة جاليلو
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



بين صفحات ديوان ” لاشيء إلا الفضول” تزهر قصدية” لكنها تدور من سيرة جاليليو جاليلي” وهي قصدية متفردة في معالجتها الأدبية الدقيقة لأزمة المثقف مع مجتمعة، خاصة وأن من كتب القصيدة أو الديوان عمومًا الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة شاب لا يتجاوز عمره الـ 24، فيعطينا ” نور الدين ذكي” نظرة شمولية للمثقف المنتمي لهذا  الجيل.

رمزية العنوان في القصيدة

يشكل العنوان في بنية أي عمل أدبي وظيفة وخصوصية شديدة فهو جزءً لغويا وبنائيا للنص، وكما قال “جيرار جينيت” أن بنية العنوان ودلالته لا تنفصل عن خصوصية العمل فهو يتضمن العمل مثلما أن العمل يتضمن العنوان”، وتأسيسًا على ما تقدم فإن سيرة جاليليو في حد ذاتها رمزية عن فكرة اللانهاية التي تشغل بال الإنسان وعقله الفضولي التي نعاملها بمزيج من الرهبة والخوف، فهل يتسق العنوان مع المضمون إذًا؟ .

مثل ريشةً في أشتِيَة

بيني وبين الأرض خطوة وريح عاتية 

بيني  والسماء نصف خطوة مواتية 

يرسم الشاعر في مفتتح القصيدة لوحة تستند استناد كلي على اللفظة و موسيقى الفاصلة القرآنية في سورة القارعة ” فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ، فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ، وَمَا أَدْرَاكَ مَاهِيَهْ”، والقارعة اسم يطلق على يوم القيامة الذي يمثل النهاية للدنيا وللانهاية في الديانات الإبرهيمية فبعد الموت حساب وعرض على الله.

على مشانق الكنيسة؛

المواقيت تعود بي إلى الأمس

لوالدي الذي

عاش فقيرًا يأكل الحسرة بالقراءة المختلسة 

يجلس فوق الصمغ صمغ العيش 

ثم يفتل التهميش بالوحدة في متاجر الصفوف 

ليبدأ التأليف للذين ينصبون من أشجارنا مشنقة للعقل

ولمّا كانت تقنية الاسترداد الزمني شائعة في التقنيات الروائية فإن الشاعر ببراعة استطاع أن يوظفها هنا، وكأنه يقطع الحاضر ليستحضر الماضي، وببصيرة الراوي يحكي عما كان عليه المثقف في أجيال مضت عن طريق استحضار صورة الوالد المثقف كيف كان يعاني؛ يعاني من مرّ العيش الذي خسف بقراءاته وأدبه وأسئلته الوجودية لينتهي به الحال فوق شمع عمره ثم ذاك الذي أفنى عمره شريدًا بين هذا وذاك صنع أسئلة وجودية من أشجار العقل.

ويحيلنا ذلك المقطع لقصيدة مهمة لأمل دنقل أراد فيها أيضًا أن يبث فيها جدلية الرفض التي تجعله منساقًا وسط الجمع منساقًا إلى مشانق؛ مشانق العقل مشانق الصباح جميعها ظلمة حالكة فيقول:

معلق أنا على مشانق الصياح
وجبهتي بالموت محنية
 لأنني لم أحنها حية

جدلية الدين في سيرة جاليليو

الدين بمعنى المسلك والطريقة، وهي اسم لجميع ما يُعبد، فما يعبد في القصيدة؟ هل ما يُعبد تلك الرمزيات والخرفات التي توارثناها جيلًا بعد جيل؟ ، أم توارثنا الخنوع والجبن رفضًا لمناقشة المسلمات فيتعجب :” لست ضد دينكم كما قضى التفتيش .. أن تقابل الكلمة حز السيف” .

ويعود ” نور الدين ذكي” مرة أخرى إلى الواقع إلى الحاضر يصف حال هذا الجيل المقدس وما آلت إليه أفكارهم وكيف يتعامل مع الواقع المرير من الاستلاب الفكري الذي يعيشه المجتمع وينخر فيه كما السوس إلى أن أوشك على الانتهاء.

نحن خلف الجبل المقدس انبرت لنا محض رؤى 

ذات فضول: 

لم تزل القطط البيضاء والسوداء فألا 

تلعب الشوارع النرد به 

والغول وقع صارخ الصيت 

والبحر موطن العفاريت 

إقرأ أيضا
رواية الإبراهيمية

والحب مشروط بحق الليلة الأولى 

وعلى خطى المثقفين صرنا لم نشذ عليهم في شيء حتى فيما تناولوه من وقائع شعبية خرافية وواقعية سحرية فقط هي خيال الذاكرة الشعبية، أو حتى إن كانت في الذاكرة الدينية متمثلة في جبل آثوس الجبل المقدس في المسيحية الأرثوذوكسية.

ثم يرسم لوحة درامية مشهدية تنتهى بتقريرية الدين وعلاقته بالسلطة أيا كان الدين فكلاهما مذبح ومنبر في قصر الملك شيخا وكاهنًا المصير واحد المصير طاعة الحاكم، لن يفيدوا بشيء فقط الدين مذبحة العقول طالما ارتبط بالدين السلطوية، فحرب الثلاثين سؤال التي تدور في عقله ما هي إلا نتاج ديني مزقت أوروبا طوال ثلاثين عام .

وفي زقاق كل شارع كهانة

يظل مأخوذًا من الناس 

يقام فيهم لأجل قفطان الملوك والصلاة  طاعة المثول 

وكل قداس مشاع لذبائح العقول 

لطالما المذبح والمنبر في قصر الملوك

لطالما الملوك في عباءة المقدس

غلطة الفضول كالأصفاد حول الجسد؛ تلك هي وقيعة الشاعر حينما تملكه الفضول فضول المعرفة؛ فضول المعرفة حول ما حدث في سبعون عامًا في قضيتنا الأولى فلسطين، كما برفض الدَّم وخلطة الدين بالسياسية التي تشنق عقولنا.. فقط يريد الفرحة والمسرة ثم يدور .

 

الكاتب

  • سيرة جاليليو مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان