إنه حقًا عيد كبير جدًا ..!
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لم تجر العادة في طفولتي أن أرى مشاهد الروث والدماء تلوث كل جزء في المدينة !
في الثمانينات وأمام الجمعيات الاستهلاكية فقط كانت تستقر تجمعات من الأغنام، يأتي زبائنها ليبتاعوا منها ما يشاءون، ثم يحملونها في سياراتهم ليقوموا بذبحها في السلخانة أو في منازلهم.
اقرأ أيضًا
بمناسبة عيد الأضحى نحن على موعد مع الحفل السنوي للتنظير على الأضحية
وفي شقتنا الصغيرة التي كانت مساحتها تبلغ حوالي 36 مترًا فقط كنا نعد ونوفر مكانًا لاستقبال خروف العيد، وكان أبي رحمه الله يقوم بذبح الأضحية في الصالة الصغيرة للمنزل.
أصبحت ظاهرة انتشار الزرائب لبيع الماشية بداخل شوارع المناطق السكنية وعلى نواصيها التي تتزامن مع حلول عيد الأضحى مدعاة للشعور بالقرف والاشمئزاز، ولا أعلم كيف يُسمح لهؤلاء الرعاة الرعاع بتشويه ملامح أيامنا – المشوهة أصلاً – بروائح الروث النتنة وأطنان الأعلاف والتبن بكل استهتار بحقوق القاطنين في المدينة وتشويه جمالياتها.
لم نعرف أبدًا في طفولتنا تلك المظاهر السائدة في وقتنا الحالي من شوادر باتت تسيطر على أجزاء كبيرة من الشوارع والميادين، ولم تلوث أبدًا أنوفنا هذه الروائح العفنة أو تشوه عيوننا هذه المشاهد المقززة، ولا أعلم ما البهجة المرتبطة بالدم والروث ورائحة الجلود المسلوخة الموجودة في الشوارع الآن؟!
دماء فى الشوارع، وركض وفر وكر وراء الأبقار والعجول، وانعدام معايير النظافة، وترك الحيوانات تأكل من القمامة، وإيذاء من الأطفال الذين أراهم كزومبيز قساة عندما يقومون بضرب الماشية المربوطة بعصيانهم، يستعرضون قواهم بإيذاء كائن لا ينطق، ولا يتفوه أحد من الناضجين الواقفين بكلمة عيب أو حرام، هنالك أيضا حوادث الموت من ردة فعل الحيوانات نتيجة للرعب والجهل بطريقة الذبح الآمنة، ناهيك عن ذبح الحيوانات أمام بعضها البعض، والتباهي والفشخرة بعدد الذبائح.
لقد صار عيد الأضحى ووقفته في نظري من أثقل خمسة أيام تمر عليّ في العام، بصرف النظر عن أيامه الفضيلة والمفترجة، ولكنني حقًا اشمأز من هؤلاء الهمج السفلة الذين يدعون اقامة شعائر الدين !
أمر الرسول عليه الصلاة والسلام وقال : أحسنوا الذبح، كما منع أن يرى حيوان آخر وهو يُذبح، أو حتى يرى نصل السلاح المخصص للذبح، ونحن هنا لا نطلب منك ألا تضحي فكلنا نعلم إنها سُنة، فقط كل ما نرجوه أن تقوم بتربية الحيوان وبيعه في أماكن مخصصة، وأن تذبح في منزلك أو في المكان المخصص للذبح، وأن تقوم بالذبح بقدر حاجتك.
اقرأ أيضًا
ما هي الفوارق بين الفقراء والمساكين مع الأضاحي “الرضا بديل اللحمة أحيانًا”
فمتى يأتى يوم على الدولة فيه تحترم حقوق الحيوان، وتحافظ على البيئة بإصدار غرامات بعدم اقامة شوادر الأغنام في الشوارع، وتقيم مسالخ نائية ولو مؤقتة في عيد الأضحى تُذبح فيها الأضاحي ويُمنع منعا باتًا تلك المهزلة في كل عام؟!
نعيش في مجتمع يرفض ويحرم أعياد الهالوين لما به من رعب وفزع، ولكنه يقبل ويحلل الدماء المسفوكة في الشوارع في الأعياد !!
إنه حقًا عيد كبير جدًا !
الكاتب
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال