“بعد إيقاف الصلاة داخل المساجد” ما هو التأصيل الشرعي لصيغة الأذان الجديدة ؟

أصدر الأزهر الشريف ووازرة الأوقاف، قرارًا ينص على إيقاف الصلاة داخل المساجد في مصر وذلك لمواجهة فيروس كورونا، وجاء هذا القرار بعد موجةٍ من الغضب سادت مواقع التواصل الاجتماعي من أداء صلاة الجمعة من مسجد التلفزيون بحضور وزير الأوقاف.

اقرأ أيضًا 
امنعوا صلاة الجمعة .. هذا ما يحبه الله ورسوله حسبما روت السير والأحاديث

فور نشر قرار إيقاف صلاة الجماعة داخل المساجد، تساءل كثيرون حول صيغة الأذان إذ أن تعطل صلاة الجماعة لا يمنع إقامة الأذان، ومن ضمن جمل الأذان هي الحيعلتين «حي على الصلاة .. حي على الفلاح» والتي يخاطب فيها المؤذن الناس للقدوم إلى الصلاة، فما هي البدائل للحيعلتين وما التأصيل الشرعي للجملتين.

التأصيل الشرعي لصيغة الأذان في حالة إيقاف الصلاة داخل المساجد

يقول المؤذن بدلاً من الحيعلتين «صلوا في رحالكم، صلوا في بيوتكم»، وتجيء تلك الجملة وفق القواعد الشرعية التي صرحت بها هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف «صحة الأبدان مقدمة على صحة العبادات، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، ومن وجه آخر دعمته الأدلة القاطعة على مشروعية تعطيل صلاتي الجمعة والجماعة وإيقافهما.

رُوِىَ في صحيح البخاري (666) ومسلم (697) عن نافع قال «أذن بن عمر في ليلة باردة بضَجْنَان ، ثم قال : صلوا في رحالكم ، فأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذنا يؤذن ، ثم يقول على إثره :ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة ، أو المُطَيْرةِ ، في السفر».

ثاني تلك الأدلة ما يستدل به من قول النبي صلى الله عليه وسلم «ألا صلوا في الرحال»، وفي هذا دليل على أنها تقال بعد الأذان، وكما استدل الحافظ بن حجر العسقلاني من الحديث «دليل صريح على أن القول كان بعد فراغ الأذان».

تطرق أيضًا الحافظ بن حجر العسقلاني إلى نقل العلة نفسها عن بن خزيمة «إنه يقال ذلك بدلاً من الحيعلة نظرًا إلى المعنى لأن معنى حي على الصلاة هو هلموا إليها، وجاء في معنى الصلاة بالرحال “تأخروا عن المجيء”، فلا تناسب بين إيراد اللفظين معًا، لأن أحدهما نقيض الآخر».

حديث آخر رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبدالله بن الحارث عن بن عباس «أنه قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، فلا تقل : حي على الصلاة ، قل : صلوا في بيوتكم، قال : فكأن الناس استنكروا ذاك، فقال: أتعجبون من ذا؟! ، قد فعل ذا من هو خير مني ، إن الجمعة عزمة ، وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض».

من هنا دلالة واضحة صريحة في أن قول «صلوا في الرحال» يقال بدلاً من «حي على الصلاة»، وذكر العراقي في صفحة 320 من الجزء الثاني لكتابه طرح التثريب «قوله صلُّوا في رحالكم، يخالف قوله حي على الصلاة، فلا فلا يحسن أن يقول المؤذن تعالوا ، ثم يقول : لا تجيئوا».

إقرأ أيضا

حرب أكتوبر .. ذكريات تستعصي على النسيان (6–9) يوم 10 أكتوبر “هدوء ما قبل العاصفة”

نصيحة .. لا تشددوا على أنفسكم

يستنتج من تلك النصوص النقلية الواردة في كتب السنة «أنه يجوز للمؤذن حين العذر في الشتاء أن يقول ألا صلوا في رحالكم أو الصلاة في الرحال، أو صلوا في بيوتكم، بدلاً من حي على الصلاة حي على الفلاح، اقتداءًا بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما ورد عنه في حديث الأعرابي الوارد عن أبي هريرة حيث قال «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».

هذا الاقتداء فيه القول الأجل من رفع الحرج عن الناس وتوسيع الدائرة على المسلمين، وكان هذا في حال المطر الشديد والوحل والظُلْمَة التي لا يبصر بها الإنسان طريقه إلى المسجد «فكيف يكون في حالة الخوف من الإصابة بمرضٍ لم تتوفر إلى الآن أدوية طبية ناجحة له».