استيلاء حسن الصباح على قلعة آلموت “هكذا التزمت الحلقة 8 من الحشاشين بالتاريخ”

دارت أحداث الحلقة 8 من الحشاشين حول استيلاء حسن الصباح على قلعة آلموت والطريقة التي حدثت بها سيطرته، حيث ظهر في المسلسل أنه نزل لقرية واستطاع التقرب لأهلها، عن طريق حيلة الزهاد الثلاثة، وبعدها بدأ نشر رجاله في القرى المجاورة، وكان هدفه الأكبر السيطرة على قلعة آلموت؛ وحدثت السيطرة الفعلية على قلعة آلموت عندما أجبر صاحبها على تركها له بعدما رأى أن حراسه ليسوا معه وتركوه لحسن بن الصباح.

استيلاء حسن بن الصباح على قلعة آلموت .. كيف حدث ؟

جغرافيًا فإن قلعة آلموت تبعد 35 كم للشمالي الشرقي من قرية غازورخان، وواقعة في منطقة عرفت في العصر الوسيط باسم الديلمان في مقاطعة الديلم، ثم عرفت باسم رودبار؛ كانت قلعة آلموت قد شيدت على قمة صخرة شاقة في تلال سلسلة هودجان الضخمة في جبال البورز الوسطى، وبناها أحد حكام الديلم من الجستانيين سنة 860م / 246هـ.[1]

تاريخيًا فإن الحسن بن الصباح كان يخطط للذهاب إلى بلاد ديلمان، لكنه لما وصل إلى الريّ علم بأن الوزير نظام الملك كلف صهره أبو مسلم الرازي بالقبض عليه وكان نظام الملك يبذل أقصى ما في وسعه للعثور على الحسن بن الصباح فلم يستطع الحسن القدوم إلى الري، فتركها وذهب إلى قزوين حتى يتفادى نظام الملك.[2]

في قزوين اختار حسن الصباح عددًا من الدعاة وأرسلهم للقلاع والحصون التي في جنوب بحر قزوين وتمكن هؤلاء الدعاة من أن يُدْخِلُوا عددًا كبيرًا من سكان هذه القلاع والحصون في الدعوة الإسماعيلية ولا سيما طبقة الجند، وكان ممن استجاب له جنود قلعة آلموت والتي ركز حسن بن الصباح جهوده لامتلاكها، فاستخدم عنصر الدعوة أولاً إلى هدفه، فلما نجح دعاته في تحويل جنود القلعة للمذهب الإسماعيلي، أوعز لدعاته أن يوجهوا إليه دعوة لزيارتهم، وذهب بن الصباح للقلعة متنكرًا ومنتحلاً اسمًا غير اسمه، ولم يعرفه أحد من أتباعه في القلعة سوى الدعاة فقط، أما غير الدعاة فكان يتظاهر أمامهم بأنه نائب عن بن الصباح جاء ليتفقد أحوالهم قبل أن يزورهم بن الصباح، وقضى بن الصباح عدة أيام في تنكره هذا وهو يدرس القلعة دراسة دقيقة ويتبين معالمهم ويفحص حصونها وأحوال الناس بها، فلما عرف كل ما كان يريده أظهر شخصيته وطلب من حاكم القلعة أن يسلمها له.[3]

ويعطي الجويني في تاريخه تفصيلاً حول استيلاء حسن الصباح على قلعة آلموت من حاكمها رغم وجود جنود فيقول في تاريخه أن حسن بن الصباح لما كان في قزوين أرسل داعيًا لقلعة آلموت إلى حاكمها علوي مهدي وعرض عيه الانضمام للدعوة فقبل الانضمام لها متحايلاً، ثم تحرك الصباح من قزوين إلى الديلمان ومنها لولاية إشكور ثم بلاد أندجردود المجاورة لآلموت، فمكث بها فترة من الوقت، ونجح في إدخال أهل البلدة لدعوته وكان خلال فترة وجوده بين أهالي أندرجردود منتحلاً اسم الدهخدا والتي تعني العمدة، ثم أعلن حقيقته بعد كثرة أتباعه من البلدة وحملوه إلى قلعة آلموت.[4]

تسليم القلعة تم لما عرف علوي مهدي أن جنوده انضموا إلى الباطنية، فأذن له حسن الصباح بالرحيل وأعطاه كتابًا يذهب به إلى حاكم بلدة الدامغان ممن دخل إلى الباطنية رغم أنه يتبع السلاجقة سياسيًا، وكان الكتاب عبارة عن رسالة مقتضبة مفادها إعطاء علوي مهدي 3 آلاف كثمن للقلعة، وذلك تم الاستيلاء على آلموت ليبدأ تاريخ الحشاشين الفعلي منها في 4 سبتمبر 1090م / 6 رجب 483هـ.

عيب الحلقة الوحيد وبغض النظر عن مشهد الحشيش، تمثل في مشهد عمر الخيام ونظام الملك، وحيرة الأخير من أمره في مواجهة حسن الصباح، وقمنا بنقد المشهد فنيًا وتاريخيًا في هذا التقرير :-

إقرأ أيضا

حرب أكتوبر .. ذكريات تستعصي على النسيان (4–9) 8 أكتوبر “يوم القتال الأكبر”

“سفسطة بلا هدف” نقد مشهد إحنا التلاتة على باطل في الحشاشين 

[1]  فرهاد دفتري، معجم التاريخ الإسماعيلي، ترجمة: سيف الدين القصير، ط/1، دار الساقي، بيروت – لبنان، 2016م، ص91.
[2]  الجويني، تاريخ فاتح العالم، ترجمة: محمد السعيد جمال الدين، تحقيق: محمد بن عبدالوهاب القزويني، ج3، ط/1، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2015م، ص175.
[3]  محمد كامل حسين، طائفة الإسماعيلية تاريخها . نُظُمُها . عقائدها، ط/1، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة ـ مصر، 1959م، ص ص69–70.
[4]  الجويني، تاريخ فاتح العالم، ص176.