اعتزال يحيى خليل.. مفيش فايدة!
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
وسط الأحداث السياسية الملتهبة التي أطاحت بأي أخبار فنية جانبًا، مر خبر اعتزال عازف الدرامز “يحيى خليل” مرور الكرام، الخبر أعلنه “خليل” بنفسه عبر صفحته الشخصية على موقع فيس بوك، وربطه بلقاء جمعه مع وزير الثقافة، أحمد هنو، دون أن يذكر ماذا دار في اللقاء… مكتفيًا بمقولة سعد زغلول الخالدة “مفيش فايدة”.
خبر اعتزال يحيى خليل لم يدهشني كثيرًا؛ لأن ما أعرفه جيدًا أن يحيى خليل تقريبًا معتزل الحياة الفنية في مصر منذ بداية التسعينات من الأساس، فهل عاد إلى الحياة الفنية في السر ولم نعرف؟ ثم لم يعجبه الحال فقرر إعلان أن يفاجئنا بقرار الاعتزال!
يحيي خليل شو
منذ أوائل التسعينات كان ظهور يحيى خليل في الحياة الفنية داخل مصر مقتصرًا على تقديم برنامج “عالم الجاز” للتليفزيون المصري، بالإضافة لبعض الحفلات الموسمية داخل دار الأوبرا وبعض الأماكن الثقافية الأخرى، والتي هي عبارة عن Show يستعرض فيه مهاراته في العزف على الآلة الدرامز والبيركشن من خلال إعادة عزف نفس المقطوعات التي ظهرت في شرائطه السابقة دون أي تجديد في المحتوى، والتي يصل فيها الإبهار مداه حين ينقر بعصا الدرامز على أماكن غريبة من مكونات الدرامز المختلفة أو يضرب بها على رأسه.
بالإضافة إلى الظهور في لقاءات تليفزيونية أو صحفية كي يؤكد ويستمر في زرع الوهم داخل وعي الجمهور بأنه أول من أدخل موسيقى الجاز إلى مصر، ثم يعزف بعض الأغنيات الشهيرة بطريقة لا علاقة لها بموسيقى الجاز أصلًا، مثلما حدث في لقائه مع المذيعة منى الشاذلي.
لا أنكر أنه يتمتع بكاريزما عالية ويمتلك ثقة في نفسه عندما يتحدث، مع شعور بالاستحقاقية، ما يمنحه سيطرة على الحوار دون أي اعتراض من المحاور حتى لو ذكر معلومات خاطئة؛ مثلما حدث في حواره على قناة الغد، ثم يبدأ في مهاجمة الوسط الفني بموسيقاه التجارية المستهلكة مع تخصيص فقرة ثابتة للهجوم على “محمد منير” يؤكد فيها على نظرية المؤامرة التي سلبت منه “مشروع منير” الذي قام على أكتافه هو فقط، حسب ما يظهر من حديثه.
رائد موسيقى الوهم
لم يعلن يحيى خليل عن تفاصيل اللقاء وأن صرح في حوار مع جريدة الشروق بأن المؤسسات المصرية تدار من خلال فكر موظفين لا يقدرون قيمة الفن والفنان، وأنه لا يجوز أن تتم معاملته كفنان مبتدئ. أما وزير الثقافة فذكر أنه عرض عليه حل لمشكلته مع دار الأوبرا خصوصًا مع حالة التقشف المفروضة على الجهات الحكومية، ومنحه عدد من الحفلات نظير نسبة من شباك التذاكر وهو ما رفضه خليل الذي أصر على معاملته مثل الفنانين الكبار.
لو تعمقنا في مشوار يحيى خليل، سنجد أن مساهماته في حقل التأليف الموسيقي تكاد تكون شبه منعدمة، وأن كل ما يعرفه الجمهور جيدًا هي مقطوعته اليتيمة “حكاوي القهاوي”، والمفاجأة التي لا يعرفها البعض أنها في الأصل من تأليف عازف القانون والعود في فرقته سابقًا “جمال لطفي”؛ بحسب ما صرح لي في حوار خاص وأنه تنازل عنها برضاه كي يكتب عليها اسمه، لأنه كان يريد لفرقة يحيى خليل الانتشار بعد ما ترك سوق البوب الغنائي وحققت له تلك المقطوعة ما أراد.
أما لو أدخلناه في مقارنة مع أبناء جيله على سبيل المثال “عمر خيرت، هاني شنودة” حتمًا سيخسر لأن الجمهور يعرف مؤلفاتهم جيدًا سواء في الدراما أو في السينما، وحفلات عمر خيرت على سبيل المثال كاملة العدد، بل أن الأجيال الجديدة من المؤلفين الموسيقين يمتلكوا شهرة لا بأس بها في ظل استمرارهم في الإبداع حتى الآن، وأن كنت أخمن أن المسألة كانت نابعة من الغيرة بسبب فوز أحد أبناء جيله بجائزة الدولة التقديرية العام الماضي.
ويبقى سؤال مهم بخصوص مشهد الغناء المصري، ماذا قدم يحيى خليل للوسط الفني في مصر تحديدًا منذ عام 1988، بعد تركه العمل مع محمد منير، وما هي اكتشافاته المهمة التي بسببها أغلق “الجمعية الخيرية لنشر المطربين”؟ مثلما وصفها في أحد الحوارات.
لا أنكر عليه أنه مدير فني جديد؛ بمعنى أنه يصلح للأمور الإدارية فقط مثل إقامة الحفلات في الداخل والخارج، الاتفاق مع مهرجانات دولية، جلب عازفين مهمين والاحتكاك مع فرق غربية، تنسيق اللقاءات والحوارات، يعرف كيف يلتقط بعض الأغنيات للمطربين، باختصار هو PR جيد يصلح كي يكون مدير علاقات عامة لفنان أكثر من أن يكون مؤلف أو موزع موسيقي.
أما على المستوى الفني وتصدير الوهم بأنه أسطورة الجاز في مصر، فغالبية الوسط الفني يعرف جيدًا أن الإسهام الوحيد له كان تجميع أعضاء فرقته سواء المصريين “فتحي سلامة، عزيز الناصر، جمال لطفي” أو الأجانب “مايكل كوكيس، جيمي اّلن، روماني كريشنا”، عدا ذلك فالمحتوى الموسيقي كله كان من بنات أفكار الثنائي المصري” فتحي سلامة، عزيز الناصر”؛ وسبق أن ذكرت ذلك في عدة مقالات حللت فيها بعض تجارب الفرقة مع محمد منير مثل شريط شبابيك و اتكلمي.
وأن أغنية مثل “الشمس الجريئة” التي دائمًا ما يتم ذكرها في سياق أنها صنعت شهرة المطربة “حنان” فهو لا يذكر أنها من توزيع عازف الجيتار في الفرقة “عزيز الناصر”، ولو تطرقنا إلى مستواه كعازف درامز فهو لا يعتبر الأفضل في مصر.. وهناك الأفضل منه؛ وغالبية الوسط الموسيقي يعرف ذلك لكنه يفضل ألا يصرح بذلك خشية إغضابه.
لم يحدث خبر اعتزال يحيى خليل أي جلبة تذكر في الأوساط الفنية، وأن تناولته بعض الصحف، لكن لم يكن هناك تفاعل قوي من الفنانين والموسيقيين، ويبدو أن الأمر برمته مجرد ابتزاز عاطفي الغرض منه الرضوخ لمطالبه، أو جلب بعض التعاطف مثلما يفعل بعض الممثلين المغمورين الذين يعانون من قلة العمل.
شريط اتكلمي هل انتصر الفرد على الجماعة؟
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال