الأشجار المقدسة (1) شجرة آدم بين تفاح وتين وكأس نبيذ
-
نفيسة السنباطي
كاتب نجم جديد
للخالق مظاهر في هذا الكون خلقها لتكون دليلا على جماله، فهو سبحانه الظاهر في كل المظاهر، وهو المتجلي على كل شيء.
اقرأ أيضًا
حواء .. الخطيئة الأولى
بعض الأشياء إنما تقدست بتقديسه سبحانه لها سواءًا بذكرها في كُتبه المنزلة على رسله، أو بتأييدهم بها كمعجزة.
وكانت الأشجار من هذه الأشياء التي اكتسبت قدسية فقدسها البعض بما هو مقبول شرعا، وغالى في تقديسيها البعض الآخر، لذلك أفردنا ملف عن الأشجار المقدسة.
اقرأ أيضًا
شجرة دم الأخوين .. قصة أغرب شجرة في العالم
ارتبطت أول قصة للخلق بشجرة.
شجرة المصير، نبتة الحب والغواية، نبتة المعرفة: شجيرة آدم وحواء.
الشجرة المحرمة في الإسلام
قال الله جل جلاله مخاطبا أبونا آدم -عليه السلام- : ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ (البقرة).
أمر الله أبونا آدم وأمنا حواء ألا يأكلا من شجرة معينة في الجنة، فأكلا منها بعد إغواء الشيطان لهما فأطاعا إرادة الله وإن عصيا أمره.
ثمار نبتة آدم بين تفاح وتين وكأس نبيذ:
لم يصلنا نوع الشجرة، ولا شكلها بل رأينا نصف الصورة الكلية.
تخيلها بعضنا نبتة عظيمة متفرعة، ثمارها يانعة لامعة، تنادي العين قبل الفم، وتغوي القلب قبل العقل.
والبعض الآخر تخيلها شجرة يابسة، ثمارها حيات ملتفة، ذميمة الشكل، كريهة الرائحة، وسحرها خارج ثبات العقل ويقين القلب.
اختلف علماء التفسير في معرفة نوعها:
– فقال بن عباس أنها شجرة البر؛ لأنه ما يتقوت به الإنسان.
– وقال جريح: أنها التين.
– وقال جعدة ابن هبيرة وغيره: أنها شجرة الكرم لدلالتها على السكر وخمر العقل.
– وقال آخرون: أنها شجرة الخلد التي أكل منها الملائكة.
الشجرة المحرمة في الكتاب المقدس
ذُكر في الكتاب المقدس أن الرب خلق في وسط الجنة شجرة الحياة فمن أكل منها نال الخلود والحياة الأبدية، وخلق بجانبها شجرة معرفة الخير والشر ونهى آدم وحواء عن الأكل منها، فلما أكلا طردهما الرب من الجنة لئلا يأكلا من شجرة الحياة فينالان الخلود.
يتناول الإصحاح الثالث من سفر التكوين قصة شجرة آدم بقوله « وقال الرب الإله: هوذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر، والآن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة أيضا ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان، وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم، ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة».
ويُعتقد في الديانتين اليهودية والمسيحية أن إبليس تمثل لحواء في صورة حية فوسوس لها لتأكل من الشجرة فأكلت ثم أغوت آدم للأكل منها، وألقي عليها اللوم لإخراجهما من الجنة.
وقد برأ القرآن الكريم أمنا حواء من هذا الاتهام إذ ذكر فعل الأكل بصيغة المثنى في قوله ﴿فأكلا منها﴾.
تفاحة آدم
يعتقد معظم الناس أن الشجرة المحرمة إنما هي شجرة التفاح برغم أنه لم يتعين نوعها في الديانات الثلاثة.
وقد يرجع هذا المعتقد لما ترمز له شجرة التفاح من الخصوبة والحب، ولما في التفاحة من إشارة لجسد المرأة إذ كان في بعض الثقافات القديمة إلقاء تفاحة لشخص ما تعني دعوته لممارسة علاقة حميمة، فيتماشى هذا المعنى مع مفهوم الغواية، وأيضا فإن التفاحة الذهبية ترمز للمكافأة أو الجائزة.
ومن الطريف والرومانتيكي إطلاق كلمة تفاحة آدم على الجزء البارز من رقبة الرجل، والتي تعد علامة من علامات الوسامة لدى الرجال.
فبغض النظر عن سبب بروزها عند الرجال دون النساء لزيادة هرمون التستوستيرون عند مرحلة البلوغ، ولكن البعض يظن بأن أبونا آدم حينما قضم التفاحة المحرمة وقفت في هذا المكان ولم يستطع ابتلاعها فأصبحت علامة مميزة لأبنائه الذكور تذكرهم بفعل أبيهم.
شجرة آدم بين التقديس واللعن
يرى البعض أن الشجرة المحرمة هي نبتة ملعونة لا تستحق التقديس، وأنها السبب في نزول البشر إلى الأرض وخروجهم من الجنة، فهم يظنون أن لولا الأكل منها لعاشا آدم وحواء وأنجبا في الجنة. وهذا رأيٌ حالم وغير صحيح إذ قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾.
خلق الله آدم وحواء ليعيشا في الأرض ويعمراها؛ ويقول الشيخ الشعراوي في قصص الأنبياء: «بعد أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم، وأمر الملائكة أن تسجد له، وحدث كُفر إبليس ومعصيته أراد الله جل جلاله أن يمارس آدم مهمته على الأرض، ولكنه قبل أن يمارس مهمته أدخله الله في تجربة عملية عن المنهج الذي سيتبعه الإنسان في الأرض وعن الغواية التي سيتعرض لها من إبليس ولذلك عندما عاتب الله آدم وقال له: أنا نبهتك أن إبليس عدو لك ولزوجك، قال آدم: يا رب ما كنت أعتقد أن خلقا من خلقك يقسم بك على باطل».
فشجرة آدم تقدست لأن المولى ذكرها في القرآن الكريم أولا، ثم لأكل سيدنا آدم منها ثانيا.
فقد كانت شجرة الحب التي جمعت أبونا آدم وأمنا حواء.
وكانت شجرة المعرفة التي عرفتنا الخير والشر وعلمتنا الاستغفار.
وكانت نبتة المصير التي بها نزل آدم وحواء لتولي الخلافة العظمى عن الله -جل جلاله-.
الكاتب
-
نفيسة السنباطي
كاتب نجم جديد