ما هي الفوارق بين الفقراء والمساكين مع الأضاحي “الرضا بديل اللحمة أحيانًا”
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
عائلات بسيطة تفوق عليها خط الفقر فصار حبلاً يخنقهم أمام الأضاحي ولحومها، ليس لهم منزل وإنما مجرد غرف متهالكة فوق السطوح، التكبيرات حولهم وأخبار الذبح والنحر تصلهم ومع ذلك لم ينفصلوا عن الواقع بفقرهم بل تجاوزوه بالأمل ولو بالكاد.
يتراص الجميع فوق السطوح استعدادًا لذبح الأضحية كانت عبارة عن بقرة لم تختلف في الحال عن ظروفهم فهي الأخرى من الفقر صارت عجفاء؛ ومع ذلك ربما كانت أفضل حالاً منهم فهي سترتاح من الجوع بالموت ليكون ما بقي منها وسيلةً لمساعدتهم في الحياة والفرح.
اقرأ أيضًا
بعيدًا عن أهمية اليوم للحجاج “فضائل يوم عرفة لمن لم يحج”
بيتهم له باب خشبي أكله السوس من داخله، وفرمته الباروما من أسفله، وصوت أزيزه البطيء يحمل في جنباته الفقر الذي يتوارى بحالة الرضا؛ الأحلام كثيرة بالنسبة لهذه الأسرة، لكن “اللحمة” هي أعز ما يتمنوا، ليس لأنها رمز للثراء بقدر ما أنها ملمح من ملامح السعادة والبهجة بالعيد.
الفرق بين الفقراء والمساكين في الأضاحي
علماء المسلمين فصلوا الفرق بين الفقراء والمساكين في عيد الأضحى المبارك من ناحية أيهم أحق في مصارف الزكاة، وكلاهما بحاجة إلى مؤنة، والفقراء أشد حاجة؛ لأن الله بدأ بهم والعرب إنما تبدأ بالأهم فالأهم ولأن الله قال: ﴿أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر﴾، فأخبر أن لهم سفينة يعملون بها ولأن النبي محمد استعاذ من الفقر وقال: “اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين”. رواه الترمذي فدل على أن الفقراء أشد فالفقير من ليس له ما يقع موقعا من كفايته من مكسب ولا غيره والمسكين الذي له ذلك فيعطى كل واحد منهما ما تتم به كفايته.
في العيد الذي يضحك فيه الجميع، هم يبكون فالأحزان داهمتهم وهزت كيانهم وهم ينظرون إلى الجيران والأصدقاء في حسرة بسبب الفقر الذي قال فيه ديوان الإمام الشافعي
يمشي الفقيرُ وكلُّ شيءٍ ضِدَّهُ *** والناسُ تغلقُ دونهُ أبوابَها
وتراهُ مبغوضاً وليسَ بِمُذنبٍ *** ويرى العداوةَ لا يرى أسبابَها
حتى الكلابَ إذا رأت ذا ثروةٍ *** خضعت لديهِ وحرَّكَتْ أذنابَها
وإذا رأت يوماً فقيراً عابراً *** نَبَحَتْ عليهِ وكَشَّرَتْ أنيابَها
الرضا مع العائلات الفقيرة
تبدو كلمة الحمد لله هي لسان حالهم، لكن قلبك يشعر بالانقباض حين ترى المنظر، وسرعان ما يتحول خفقان الفؤاد من القلق إلى الحزن الذي يضخ وجعاً على حالهم ووجع بقرتهم الفقيرة.
سر الرضا الظاهر من حركتهم يجعل جفون العين تقاوم الدموع التي لم تظهر من نظرات الست إكرام، وهي تحكي حالها.
الكاتب
-
أحمد الجعفري
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال