محمد سعيد باشا .. حاكم مصر بالجهل الذي بكى ندمًا قبل موته
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ورث محمد سعيد باشا حكم مصر في 1854 م التي مهدها والده محمد علي باشا لنجله إبراهيم باشا لكنه مات على حياة عينه، فأتى عباس حلمي الأول وألبسها عباءة الرجعية، ليجيء محمد سعيد الابن الرابع لمؤسس مصر الحديثة متأرجحًا بين ماضٍ عريق وعقلية بها تخلف.
التعليم في عصر محمد سعيد باشا
على خلاف والده فإن محمد سعيد باشا اعتبر العلم سببًا لضعف الحاكم، وقال مقولته المشهورة «أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة»، وذلك حين أمر بإغلاق كافة المدارس العليا التي أسسها والده محمد علي باشا.
سعيد باشا وأزمة الديون
أشعل محمد سعيد باشا فتيل استدانة مصر من الخارج قبل رحيله بعام واحد، حيث اقترض سنة 1862 مبلغ 2 مليون دولار بفائدة 7 % بشرط أن تقوم مصر بتسديد هذا الدين على 30 سنة بقسط سنوي يبلغ 364 ألف جنيه؛ بمجموع 7 مليون و920 ألف جنيه.
وأدخل سعيد باشا في الاقتراض المصري نظام استدانة الدولة من المرابين بالديون السائرة وكان علة هذه الديون تحديث الجيش المصري، لكن المؤرخ عبدالرحمن الرافعي يحلل تلك الحجة بقوله « هذا السبب ليس حجة لأن سعيد باشا كان لا يستقر على حالة واحدة في تقوية جيشه وزيادة عدده، فضلاً عن أن قصر النظر السياسي هو ما جعله يلجأ إلى الاستدانة، فقد صرف الأموال على حياته وشراء الأراضي لعائلته».
اقرأ أيضًا
لماذا قال إبراهيم باشا محمد علي : أنا مصري ولست تركيًا
مع رحيل سعيد باشا عن الحياة في 18 يناير 1863 كان مجموع ديون مصر 11 مليون جنيه وزاد الخديوي إسماعيل الطين بلة بالاستدانة فبدأ التدخل الأجنبي في الشأن المصري عبر طريق صندوق الدين.
ماذا قدم من إيجابيات لم تعجبه
على مدار 9 سنوات هي مدة حكم سعيد باشا، أسهم نسبيًا بإيجابياتٍ متعلقة بالزراعة حيث خفض الضرائب وأسقط المتأخرات من على الفلاحين وأعطى لهم حق تملك الأراضي الذي كان ممنوعًا منذ زمن والده محمد علي باشا، بالإضافة لإلغاء ضريبة الدخولية التي كانت مقررة على المتاجر.
اقرأ أيضًا
مذكرات محمد علي باشا المجهولة ج1: تمنيت الموت
واهتم سعيد باشا بمسائل البنية التحتية فقام بتطهير ترعة المحمودية وأنهى خط السكة الحديد بين القاهرة والإسكندرية والسويس، واستحدث عدة لوائح إدارية كلائحة المعاشات للمتقاعدين من الموظفين، ولائحة القضاء الشرعي وقانون حظر بيع الآثار، وتقصير مدة التجنيد، ولائحة ترقية المصريين في الجيش المصري.
محمد سعيد باشا وبكاء المكلوم
كان محمد علي باشا شبحًا لكل من بعده بإنجازاته ولعل هذا الشبح كان يؤرق محمد سعيد باشا وفق ما تكشفه مذكرات أول رئيس لوزراء مصر نوبار باشا حيث يقول «كانت دموع والى مصر سعيد باشا الذي أغرق البلاد في أزمات اقتصادية جسيمة ناجمة عن ثقته بصديقه المغامر الفرنسي ديليسبس، رأيته في ليلة تسبق سفره إلى باريس والباب العالى لمحاولة حل أزمات البلاد واندهشت فالوالي كان مرحًا لكن هذه المرة يبكي فسألته عن العلة فأجاب لقد خربت مصر، خربتها تماما، ماذا سيقولون عني».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال