محمد محمود الطبلاوي .. قارئ نافس حسني مبارك وعادل إمام في شيء واحد
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أول ما سمعته في حياتي كان عام 1997 م بصوت الشيخ محمد محمود الطبلاوي كان ما تيسر من سورة الشورى في حفلة ثمانيناتية عبر شريط كاسيت.
أعجبني أداءه حين كان يمد بنغم حزينٍ وهو يتلو قول الله تعالى «وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ».
الطبلاوي .. الأب الروحي لدولة التلاوة بعد رحيل العِظَام
مواليد السبعينيات والثمانينيات تحديدًا يعرفوا جيدًا أن الطبلاوي كان منافسًا قويًا في مبيعات شرائط الكاسيت لفنون أخرى غير التلاوة، وارتبط الطبلاوي ارتباطًا لصيقًا بغُرْبَة المصريين في الخارج، والدليل على ذلك مثلاً الصور التي نشرها موقع الديلي ميل البريطاني سنة 2015 م لمحتويات ضحايا العبارة سالم اسكبريس التي غرقت سنة 1991 م، حيث كانت شرايط الطبلاوي موجودة بكثرة مع الضحايا.
«أنت قارئ الزمن الآتي»
كانت هذه هي الجملة التي قالها الشاعر مأمون الشناوي لما استمع إلى الطبلاوي في بداياته وقت أن كان يعمل مؤذنًا وقارئًا في مسجد موتسيان للدخان ووقع معه عقدًا لشركة صوت الحب التي يرأسها عاطف منتصر.
ظهر الطبلاوي بقوة في زمن أحمد عدوية وعبدالحميد كشك وبعد رحيل عبدالحليم حافظ والست، وهو نفس الزمن الذي بدأ يتسلل له فقرًا في القراء، فالكِبار صاروا أقلة فقد مات مصطفى إسماعيل بعد المنشاوي ورفعت، وعلى قيد الحياة عبدالباسط عبدالصمد والحصري ومحمود علي البنا وشعيشع والذين بدأوا يكبروا في السن، فكان الطبلاوي دمًا جديدًا داخل دولة القراء المصرية وهو الأمر الذي أدركه الكاتب محمود السعدني في كتابه «ألحان السماء» حيث وصف الطبلاوي بأنه آخر حبة في مسبحة القراء العِظَام.
الشيخ محمد محمود الطبلاوي من مواليد 14 نوفمبر 1934م بحي ميت عقبة التابع لمحافظة الجيزة، تعود أصوله إلى محافظتي الشرقية والمنوفية، وتعلم فنون التلاوة على يد شيوخ كبار مثل القارئ رزق خليل حبة.
حاول الشيخ الطبلاوي التقدم للإذاعة وبلغت محاولاته حينذاك أكثر من تسع مرات وكان سبب الرفض من وجهة نظر اللجنة أنه لم ينتقل من نغمة إلى أخرى وكذلك لابد من وجود طبقات موسيقية في صوته، وبعد 9 محاولات وافقت اللجنة عليه.
تميز أداء الطبلاوي في التلاوة جعل خبراء التلاوة يجعلونه مدرسةً مستقلة بذاتها كون أن له أسلوبه الخاص في التلاوة دون أن يُقَلَّد أي قارئ، بل وصار من الصعب أن يتلو قارئ إلا وأن يمر صوته بتقليد «مقصود أو غير مقصود» لأداء الشيخ محمد محمود الطبلاوي.
الميزة الأشهر في مسيرة الطبلاوي أنه أحد البارعين في فن التلاوة بالتجويد الداخلي استديو، لكنه يعتبر البارع الأكثر تميزاً حين يتلو في المحافل الخارجية، حيث ينتقل من مقام لمقام بسهولة وجمال.
عن القراء الذين يعجبوه قال: «يطربنى الشيخ منصور الدمنهورى، وهو من قراء الإذاعة لكنه غير مشهور، كما أننى أحب أن أستمع للشيخ عبدالباسط والشيخ مصطفى إسماعيل، وكامل يوسف البهتيمى، وعبد العظيم زاهر، كلهم كانوا على خلق وأحب الاستماع لهم، وربطتنى بمعظمهم علاقات جيدة، وكان الشيخ عبدالباسط يأتى لزيارتى ونجلس سويًا نتحدث في شتى المواضيع، العلاقات كانت جيدة وطيبة، وكنا نتفق قبل القراءة على الوقت الذي سيقرؤه كل منا حين نكون في احتفال واحد».
سافر الشيخ الطبلاوي إلى أكثر من ثمانين دولة عربية وإسلامية وأجنبية بدعوات خاصة ورسمة، ونال تكريماً كبيراً من الدول العربية، لكن أكبر تكريم هو التلاوة داخل الكعبة حيث قال دعاني الملك خالد بن عبدالعزيز لقراءة القرآن داخل الكعبة، وصليت في كل ركن من أركان الكعبة، كما أعطوني قطعة كبيرة من كسوة الكعبة مازلت أحتفظ بها”؛ وبقيت كلمة الملك خالد بن عبدالعزيز خالدة في ذهن الطبلاوي حين استمع له وقال «القرآن نزل هنا، وطُبِع في استانبول، وقُرئ في مصر».
أعلن الشيخ محمد محمود الطبلاوي اعتزال التلاوة في عام 2016 بعد 40 سنة من الصدارة على عرش دولة التلاوة ولم ينافسه أحد في مكانته، وبعدما توارى عن الأنظار عاد لينافس من جديد لكن في شيء حزين، إذ أنه نافس محمد حسني مبارك وعادل إمام في عدد شائعات الوفاة، ليكتفي بالرد بعد النفي بقوله «حسبي الله ونعم الوكيل».
اقرأ أيضًا
شائعة في التاريخ العسكري لمحمد حسني مبارك “لها صلة بعبدالله غيث ووردة”
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال