الثانوية العامة .. نهاية مضيئة بتعثر دراسي
مرت سنوات عديدة على لحظة ظهور نتيجة الثانوية العامة ، وكل عام وفي ذلك الوقت يجبرني عقلي على تذكر اليوم بكل تفاصيله وكأنه البارحة رغم أن النتيجة كانت غير سيئة ومرضية كثيرًا بالنسبة لأغلب الطلاب.
ففي الساعة السابعة مساءًا تقريبًا كان قلبي لا يكف عن النبض المستمر والبكاء الذي يزرف من عيناي خوفًا من ضياع حلمي عند إخباري بلحظة ظهور نتيجة الثانوية العامة.
لحظة ظهور نتيجة الثانوية العامة
وحينها كانت يديا ترتعش خوفًا وعيوني لا تتوقف عن البكاء أثناء تسجيل الاسم ورقم الجلوس، وإذا بالنتيجة تظهر أمامي على الشاشة، والتي كانت حينها تمثل صدمة غير عادي بالنسبة لي، ليكون رد فعلي وقتها هو الصمت، والجلوس وحيدة دون التحدث مع أحد.
وبعد قضاء فترة مع العائلة وحديثهم لي بأن الله سيجبرني بعد مجهودي هذا، وأن الكلية التي حلمت بها ليست من نصيبي.. والكثير والكثير من الجمل التي كانوا يحاولون إرضائي بها، قررت أن أجلس وحيدة في غرفتي.
وعلى هذا مر أكثر من شهر وأنا لا أريد رؤية أحد، فقط اجلس في الغرفة المظلمة متكئة على وسادتي وعيناي لا تتوقف عن البكاء عما لحق بي من ضياع حلمي الذي تمنيته منذ أن كنت في المرحلة الابتدائية.
ومرت أيام عديدة وأنا في تلك الحالة النفسية السيئة، حتى جاءت لحظة اختياري للكليات التي تناسب مجموعي، قبلها أولًا لجئت إلى حديثي مع الله فلا املك سوى أن اسلم لقضاء الله وقدره خيره وشره، وبعد استيقاظي ثاني يوم كان بداخلي رضاء تام بأي كلية ستقبلني مهما كانت فهي نصيبي الذي قدره الله لي.
وبعد فترة ظهرت نتيجة دخولي لكلية وجامعة لا يد لي فيها ولا أعرف عنها شيء ورغم محاولة الكثير من أقاربي أن أقوم بتحويل الكلية لواحدة أخرى إلا أنني تأكدت أن تلك هي من أراد الله أن تكون من نصيبي.
وجاء أول يوم في الجامعة ولحظة دخولي ودراستي بالكلية، ورغم أن الحالة النفسية كانت سيئة ولكنني كنت على يقين بأن الله سيجبر بخاطري يومًا ما.
لحظة تغيير المسار
وفي يوم لا استطيع أبدًا أن انساه كنت قد انتهيت من المحاضرات وجلست لأخر اليوم على غير عادتي، حتى اخبرتني إحدى أصدقائي بأن هناك دكتور بالجامعة سيقوم بتدريس كورس لمادة كنت احبها كثيرًا ولكنها لا تنتمنى لنفس مجال دراستي.
وبالفعل كنت سعيدة كثيرًا بالخبر وحضرت أول محاضرة لدكتور المادة بالجامعة، شعرت حينها أنها ستكون بداية لي ومنها سأضع خطوات لتحقيق حلم آخر أري نفسي بي، بجانب أن الله تعالي هو الذي ألهمني وله الفضل الأول في هذ.
ومرت الأيام وحققت أولى خطوات حلمي، وفي كل لحظة أدركت أن الله خير لا يأتي إلا بالخير، وأنه لا يضيع تعب أحد فكما يقول في كتابه الكريم: “وأن ليس لِلْإِنْسَانِ إلا ماسعى وأن سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى”.
تأكدت في النهاية أن نتيجة الثانوية العامة مجرد مرحلة، شئت أم أبيت، ودرجات النتيجة مجرد أرقام وليست مقياسًا لذكاء أو حتى النجاح في الحياة العملية فيما بعد، وبيل جيتس خير دليل على هذا حين قال: “رسبت في بعض المواد الجامعية، بينما نجح فيها صديقي، هو الآن مهندسًا في مايكروسوفت، وأنا مالك الشركة”.
اقرأ أيضًا.. قصص على لسان أصحابها.. نتيجة الثانوية العامة ليست معيارًا لمستقبلك