همتك نعدل الكفة
1٬438   مشاهدة  

الجانب الرحيم من وزير القبضة الحديدية ..  نبوي إسماعيل

نبوي إسماعيل
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



كنت في مطار القاهرة مع الدكتور فؤاد محيي الدين قبل اغتيال السادات بيوم واحد .. وأثناء ذهاب كل منّا لرَكبه الأمني استوقفته وسألته : يا فؤاد .. لو تم اغتيال الريس بكره ، كيف سيصبح وضع البلد الدستوري؟ ”

  • نبوي إسماعيل

عادةً ما تفتقد مهنة الوزير للـ “النجومية”  لكن محمد نبوي إسماعيل كان صاحب وضع مختلف ، مهما كُتب عن أسلوبه لكنه يظل أحد أهم التروس التي أثرت بشكل كبير في تاريخ هذا البلد، التأثير الذي ربما تجاوز طبيعة مهنته ..  فقد كان نبوي هو كلمة السر في إنقاذ الرئيس جمال عبد الناصر من الاغتيال في احتفالات السويس 1965 .. واتصالًا هاتفيًا استمر لدقائق جمعه بالرئيس السادات ليلة اغتياله أخبره فيه أن رصاص الغدر ينتظره في المنصة لكن السادات لم يعره انتباه ،  حتى إن السيدة جيهان السادات كانت في لقاء تليفزيوني ورفعت عنه كل شبها التقصير وقالت نصًا : نبوي كوزير أدّى دوره على أكمل وجه لكن “أنور” لم يستمع لنصيحته !  نحن أمام وزير داخلية وصفه البعض بالذكاء ووصفه الآخر بـ “وزير القبضة الحديدية” نظرًأ لقوة إنهاءه لأحداث الفتنة الطائفية في الزاوية الحمراء من جانب، ومن جانب آخر لطريقة تعامله مع “أحداث سبتمبر” والتي انتهت بأن محمد حسنين هيكل نظر خلفه في الزنزانة وجد البابا شنودة يقف إلى جوار جابر عصفور وفتحت نوال السعداوي عيناها بصعوبة لتخبرها فريدة النقاش أننا في الزنزانة ! كل الطوائف الفكرية وجدت نفسها في السجن، وعلل السادات أن هذا الوضع كان مؤقتًا لحين إتمام الاتفاقية وعودة الأرض كاملة…. كل الكتابات التي وصلتنا عن هذا الوزير كانت تدور حول الفظاظة والخشونة واحتياطات الأمن وصوت اللاسلكي الأجش .. لكن جانبًا من الرحمة قد تكشف لي أثناء قراءة كتاب “شاهد على وزراء مصر” للكاتب الصحافي أحمد مصطفى (وهو بالمناسبة الصحفي الوحيد الذي انفرد بخبر ذهاب السادات للكنيست الإسرائيلي قبله بيومين)

نبوي إسماعيل

 

نبوي في الوزارة

حين عُين نبوي إسماعيل وزيرًا للداخلية 26 أكتوبر عام 1977 شعر أن طبيعة عمل الوزارة قد صبغ ألوانه في روح الضباط والعساكر، وأن التعامل بين الرُتب وبعضها يخلو من الإنسانية والأبوية والأخوية والكل يعامل بعضه بالورقة والقلم فكان لابد من شئ يكسر جمود هذا الوضع .. وبدأ نبوي أن يوقف بعض الضباط ويسأله : أخبار ابنك فولان ايه ؟ .. ما أخبار مشكلتك الأسرية طمنّي ؟ .. ويندهش الضابط بأن الوزير يسأله في خصوصياته التي ربما هي المرة الأولى التي يهتم رئيسه بجانبه الإنساني .. وكان لنبوي ما أراد بنجاح خطته في إضفاء روح الأسرة على الوزارة.

في مرة أخرى لاحظ نبوي إسماعيل أن أحد الضباط الكبار – والتي كانت نقطة خدمته في طريق نبوي اسماعيل للوزارة – كان يلقي عليه التحية ذهابًا إيابًا ، فامتعض نبوي اسماعيل من إلقاءه التحية الشرطية من الرجل الذي يكبره بفارق سن كبير .. فاستوقفه ذات مرة فأسرع الضابط له وألقى عليه التحية بحرارة، فقال له نبوي : دلوقتي انت أقدميتك تأتي قبل الحكمدار .. مضبوط ؟ .. فرد الضابط : مضبوط يا فندم … عاد نبوي إلى مكتبه ومضى قرارًا بنقله مديرًا للإدارة العامة .

نبوي إسماعيل

جهود الضباط 

لاحظ نبوي اسماعيل أنه ليس من العدل أن رواتب الضابط المجتهد تتساوى مع الضابط الذي يجلس في مكتبه فاخترع كشوف سُميت بعد ذلك بـ “كشوف الضباط” وهي سرد من جميع مديريات الأمن في كل المحافظات لكل قطرة عرق أو تخاذل صدر من الضباط وكانت المكافأة للضابط صاحب المجهود مرضية ماديًا لذلك استحوذ نبوي على قلوب الضباط، تارة بأسلوبه الأبوي الذي لا يخلو من الانضباط ، وتارة بإعلاء قيمة العدل في المكافآت المادية .. لذلك أطلق الضباط على عصر نبوي اسماعيل “عصر الداخلية الذهبي”

العفو عند المقدرة 

يحكي نبوي اسماعيل للكاتب أحمد مصطفى أنه عندما كان يعمل في المباحث العامة ويقول : كان رئيسي مطلع عيني ، يكرهني للغاية ويعاملني بشكل شديد السوء .. شاءت الأقدار أن أتعين وزيرًا للداخلية في حين وصل لرئيسي لرتبة لواء في المباحث العامة، وكان عليه الدور في الحركة العامة لتنقلات الشرطة

وقبل أن تجري حركة التنقلات بشهرين .. طُرق باب مكتب نبوي اسماعيل وأخبره أحدهم أن اللواء “فولان” يريد مقابلته على الفور .. وحينما دخل اللواء فوجئ نبوي بأن الرجل يحاول أن يقبل يديه ، فسحبها وقال له : ليه كده؟ .. فرد الرجل : أنا خايف سيادتك تكون لسه شايل منّي .. وحضرت لأرجوك أن تمد في خدمتي لأني لو أُحلت على المعاش ولادي مش راح ياكلوا .. فكشف نبوي أوراق التنقلات وقال له : أنظر .. خدمتك ممتده بدون ما تيجي لحد هنا !

نبوي إسماعيل

الاهتمام بالتفاصيل 

يحكي كاتبنا أحمد مصطفى أنه كان يكتب مقالًا اسبوعيًا تحت عنوان “قل لي يا … ” يهاجم ونتقد فيه تصرفات الداخلية من قيادات لإدارات لكل رجال المنظومة .. وحينما جمعه عزاء أحد قيادات الشرطة بنبوي اسماعيل بادر نبوي بتوجيه الكلام له وقال : أهلًا أبو حميد أنا أتابع مقالك بشكل مستمر .. أحييك على هذه الموضوعات التي تفتحها للنقاش .. فرد الصحافي : أرجو لا تكون غاضبًا مما أكتب .. فرد نبوي : بالعكس أنا بابي مفتوح دائمًا للانتقادات وأرجو أن تتصل بي تليفونيًا إذا وجدت ما يستعدي أن تدخل الوزارة لحله .. وفجأة أخرج نبوي من جيبه كارت وكتب له رقمه الشخصي ورقم منزله الذي لا يعرفه أحد، وقال له : أرجو ألا تتأخر إذا وجدت كلما شاهدت شيئًا من السلبية !

بعدها بيومين أراد الصحافي أن يختبر صحة كلام الوزير، وهل الأرقام الذي كتبها على الكارت صحيحة أم لا .. فاتصل بهاتفه الشخصي

فرد نبوي : ألو حضرتك مين ؟

الصحافي : أنا ..

قاطعه نبوي : أهلا أبو حميد .. أنا نبوي اسماعيل أهلًا أهلًا .. إزي صحتك وازي أحوالك .. أي خدمة ؟

إقرأ أيضا
عام

الصحافي : سيادتك عارف مطلع كوبري اكتوبر

رد نبوي : طبعًا عارفه

الصحافي : عند المطلع تقف سيارات أجرة كثيرة في انتظار زبائن وهذا يعوق حركة المرور ..

قال نبوي : طيب .. انتظر معي على التليفون .. ثم سمعه الصحافي يتحدث لتليفون آخر ويقول : يا صلاح .. وقال لمن يتحدث إليه على المشكلة وطلب منه سرعة ذهاب ضابط وأمين شرطة لموقع المشكلة

يقول الكاتب أحمد مصطفى : عندما قال “يا صلاح” عرفت أنه يتحدث للواء صلاح أمين مدير أمن القاهرة في ذلك الوقت .. وفي مساء هذا اليوم ذهبت إلى مصر الجديدة لأحد الأصدقاء .. وعند عودتي من مطلع أكتوبر وجدت ضابط وأمين واقفان .. وقد حُلت المشكلة .

اقرأ أيضا

آلهاكم التكاثر

 

الكاتب

  • نبوي إسماعيل محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
8
أحزنني
3
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان