الجنس بين تجار الدين ومدعي التحرر
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
الجنس أفيون الشعوب والوعد بالمتعة هو أكبر وعد خدع السذج من أجل استدراجهم لقوانين السمع والطاعة. وكنا نصدق أن الدين هو أفيون الشعوب حتى ظهرت لنا فئة جديدة تستخدم المتعة كما الفئة التي استغلت الدين بالضبط من أجل تحقيق أغراضها على أكتاف الشباب.
المشهد الأول كلام فج على المنبر
يجلس أحد المنسوبين للمشايخ ببيت من بيوت الله، يغلق عيناه دون خجل لتخيل الحور العين بوصف أجسادهن بغزل صريح. يصيح في مريديه كي يتفاعلوا معه ويقول:
“اوعى تفكر إن النسوان اللي في الدنيا دول نسوان، دول فالصو، في الجنة لا بول ولا حيض ولا نفاس نظافة تامة”
يسطرد الأستاذ بحديث طويل عن حيض المرأة ونفاسها وبولها وبرازها في مشهد مقزز ، وكأن العمليات الحيوية لا يفعلها وخُلق من جنس مختلف، وكأن الحيض والنفاس وضروريات عملية الإنجاب التي كرمنا بها الله مسبة ووسيلة للقدح فينا .
يواصل حديثه عن الجنس ببيت الله و يسرح الشيخ ويشرح بيديه ويتحسس وجهه كي يصف الحور العين بصدورهن الرمان وخدودهن التفاح، ولو كان هذا الموقف بأحد الأفلام لخطب في حرمانية الفن ، ولكن أسلوبه حلال طالما بإطار الدعوة!
وفي لقاء آخر على منبر مختلف يقول أن النساء خلقن لمتعة الرجل، ولم يفسر من الآية 21 بسورة الروم سوى أن معنى “لتسكنوا إليها” يعني أن المرأة خُلقت لامتاع الرجل! لا إعمار الأرض مثله، واستطرد كلامه حول الأسئلة التي تعرض عليه قائلًا:
عايز ترجعنا لعصر سي السيد يا شيخ؟ عايز ترجعنا لعصر الحريم؟..مش أنا دا ربنا
هكذا روض هؤلاء لمريديهم عن طريق وعدهم دائمًا بالجنس الذي لا يعتريه عواقب من إنجاب ومسؤوليات، أو تغيير بصحة المرأة وجسدها بعد الولادة، وأن الله خلق المرأة لمتعة الرجل وخلق الرجل من أجل أن يكون سي السيد ليسيطر عليها من خلال ماله وقوته وفحولته
سلط هؤلاء بخطبهم الضوء على سحر أعين الرجال وخيالهم بالهوس الجنسي والوعد بالمتع حتى اتبعوهم ورددوا آمين على فتاواهم التي ظلمت المرأة لسنوات وقللت من شأنها وجعلتها أصل الفتن والشرور.
أصبحنا نعاني من فئة كبيرة لا تهتم بفهم روح الدين، والتقرب من الله وفهم الهدف من الحياة وحب الله، ولا تهتم بإقامة قيم الحق والعدل التي أمر بها الله.
ولكن تهتم هذه الفئات بطاعة شيوخهم لأنهم وعودهم بمتعة خالصة لا عقد فيها ولا نواقص سجنوا فيها أنفسهم وابتعدوا فيها عن زوجاتهم حلالهم التي رسموا صورة لهن بأن دورهن أنحسر في دور الأمومة، أو أنهن فالصوا كما ادعى الأستاذ الذي يعدد بين الزوجات ويتزوج بنات يصغرنه بثلاثين عامًا، ولا أعلم لم يجبر نفسه على نساء فالصوا إلى الحد الذي يجعله يتزوج من أربع؟
المشهد الثاني مدعو التحرر والجنس
أجلس مع كاتب ما لثاني مرة بحياتي -وأخر مرة- بمكان عام في انتظار بقية أصدقائنا الكتاب في لقاء ثقافي. يتحدث عن خياله حول إذا ما تم إلغاء القانون ليوم واحد، يصدمني أنه يتمنى اغتصاب جميع نساء العالم بهذا اليوم الخيالي، ثم يتراجع عندما يصفر وجهي خوفًا ويقول أنه لا يحب أن يأخذ أي شيء بالقوة.
ولفت الأيام حتى سمعت أنه لم يترك فتاة سوى حاول التودد إليها من أجل تحقيقه هوسه بالمتعة.
هذه هي الخدعة الأخرى التي استغلها مدعو التحرر، لا ينادون بحرية المرأة لله وللوطن ولتحقيق العدل الذي نتمناه، ولكن ينادون بها حتى يصلوا للسرير.
يستدرجون الشباب المكبوت ويفهمونهم ضمن كل معاني الحرية الحرية الجنسية. ويستغلون الفتيات اللاتي يحاولن استكشاف أنفسهن والعالم بعد كبت من نوع آخر -وهو كبت حريتهن وطمحوهن من السلطة الذكورية-حتى يقعن في المحظور وتحت أفخاخ التحرش والإساءة الجنسية.
لكل رجل يسأل الستات بتحس بايه بعد التحرش
عام 2020 مر كي يعرفنا أن الفئة التي اتهمت الشيوخ لسنوات بالهوس الجنسي والنظرة الدونية للمرأة يفكرون بنفس الشكل.
سمعنا عن أسماء صحفيين وكتاب تورطوا في قضايا تحرش بل واغتصاب بعشرات الشهادات من الضحايا، والبجاحة أنهم تصدروا الصورة للتحدث عن قضايا التحرش ومناصرة المرأة!
الجنس هو مفتاح السر الذي مازل يُستخدم من كل فئة بأشكال مختلفة لنيل المتعة من نساء الأرض، أو نيله من نساء الجنة والتحكم والسيطرة على نساء الأرض، والوصول للشهرة على أكتاف الشباب الذي لم يؤمن بحرية المرأة يومًا واستحققاها لأخذ حقوقها كاملة كالرجل بالمجتمع، بل صدقهم من أجل حصوله على المتعة بالرضا أوبالإجبار.
في الواقع كنا نخاف طيور الظلام لأنهم يحاولون خرس محاولتنا لتجديد الخطاب الديني بأحكامهم وكبرهم بأننا لا نحب الله ولا نؤمن به مثلهم، وكانوا على حق، فالله الذي آمنا به هو الله العدل الرحيم، وتعالت أصواتنا عندما فهمنا ضحالة أفكارهم وكيف وصلت الكثيرين لطريق الإلحاد وكره العيشة بعد سرقة أعمارهم في التشدد.
واليوم نواجه طيور ظلام مختلفة تتهمنا بالجهل كلما حاولنا التمسك بالدين وبعض العادات التي تتناسب مع قناعتنا وحريتنا؛ لأنهم لم يؤمنوا يومًا بالقضية، بل يؤمنون بالدفاع عن الحرية التي تتناسب مع قناعاتهم الخاصة وحدهم والجري وراء المتع كالمهابيل والمساكين.
والجنس كان ومازال الشهوة التي تعتمد عليها الفئتان كي تغري الشباب المكبوت بلا احترام حقيقي للمرأة، ولكننا كما لم نخف طيور ظلام التطرف، لن نخشى هؤلاء المدعين حتى يفهم الجميع صلب القضية الحقيقية.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تعجبني دفاعك عن الاسلام الوسطي المعتدل السمح بيعدا عن التشدد و التطرف و ايضا الرد على مدعين الحرية ومنتقدين الاديان و الملحدين