همتك نعدل الكفة
75   مشاهدة  

الحب على طريقة تهمينة

الحب
  • إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



في بيت  تهمينة كل شيء كان يمشي  بمزاج عقارب الساعة،  ولكن الحب كان يحيطنا من كل جانب النظام هو سيد البيت، المرح له وقته والجد أيضًا له ميعاد، هكذا اعتدت من الإنجليز، ولكن ببيتها كان هناك شيئ من الدفء بجانب النظام الحازم.

كنت أراقبها أثناء تربيتها لابنتيها الصغيرتين، أراقبها أثناء الصلاة وخشوعها على الرغم من عدم معرفتها العربية. أتذكر المرة الأولى التي طلبت فيها أن أصلي ببيتها لأجدها تُعلمني بمكان فوطة اليد والوجه، وفوطة أُخرى للقدم، وسجادتين صغيرتين ملونتين بألوانٍ زاهية للفتيات.

بدأت مراقبتي وإعجابي بتهمينة عندما طلبت مني تعليم بناتها اللغة العربية، وشعرت بقدر الحب الذي يجمع بين أفراد هذا البيت. كنت متخوفة إلى درجة الرعب أن أخفق في هذه المهمة الصعبة، وخاصة أن تهمينة وزوجها لا يعرفان من العربية سوى: السلام عليكم، وعليكم السلام!..فقط يعرفان الإنجليزية، ويتحدثان أحيانًا باللغة الأوردية لأصولهم الهندية.

تفاجأت بتقدم لُجين- وهي البنت الكُبرى لتهمينة- في تعلم العربية، وبإصرار ريا؛ أختها الصغرى، على حضور الحصة ونطق بعض الكلمات بالعربية.

 تجادلني لُجين وترفض أوامري أحيانًا كثيرة بـ(لأ، ومش عايزة، وكده غلط) فأنفجر بالضحك، فيما تحاول ريا هي الأخرى منافستها مع الوقت والتعبير عن حزنها وغضبها باللغة العربية.

 وبيوم أنهيت فيه حصتي معها فجرت من غرفتها دون سابق إنذار لأسمعها تتحدث العربية بغرفة المعيشة، وبعدها سمعت أصواتًا مُتداخلة بالعربية وكأنها تتحدث إلى شخصٍ ما.

اقرأ أيضا…إيها الحب  العربي أنا لا أشبه الفتيات

 ضوضاء وصخب والكثير من البهجة والضحكات، لا أسمع صوتًا للأوردو أو للإنجليزية!  فقط أسمع صوت لُجين قائلة:

-أنا خلاص خلصت!

خرجت من الغرفة لأجد الفتيات قد تجمعن حول سيدة يبدوعلى ملامح وجهها الكثير من التعب والحكايات الطيبة اللا متناهية تفاجئني قائلة: إيه رأيك بساعدك أهو..
عرفت من تهمينة أنها مُربية الأطفال، وأنها لا تعرف الإنجليزية فالبنات يتواصلن معها بما عرفوه من العربية.

 تحكي لي أنها تتواصل مع تهمينة بالإشارة أحيانًا، وتحفظ بعض الكلمات التي تجعلها تفهم أن عليها القدوم مثلًا يوم الإثنين الساعة التاسعة صباحًا. ولكن ما استرعى انتباهي بهذه القصة القواعد التي تكسرها دون أن تنزعج تهمينة من كسرها!

إقرأ أيضا
المقدم عصام دراز

صوتها العالي، واللعب بمنتهى الصخب وبكل الأشكال وبأي مكان بالبيت. البنات يعشقن المربية، ترسم ابتسامة مُختلفة على وجوههن أثناء اللعب، وهي تحبهن كثيرًا، وربما لهذا تضحك تهمينة معهن وتنسى كل القواعد التي وضعتها.

تضفي الروح المصرية الأصيلة الطيبة على المكان في كل مرة أراها فيها والحب أيضا،  الروح التي نفتقدها جميعا. أتوقف عند هذه المواقف وأسأل نفسي أي حياة أُفضل؟ الحياة التي تحاول خلقها المُربية المصرية الطيبة؟ أم تهمينة الإنجليزية بحياتها الهادئة الجميلة؟ أو أن ما أحتاجه هو خليط من الاثنتين!

 لأجد الرد على أسئلتي هذه في عيوننا جميعًا، عندما توقفنا عن الحديث بأي لغة سابق ذكرها، وبدأنا في اللعب. حينما أمسكت المُربية بلجين ووضعتها فوق رأسها لتمرجحها عاليًا دون تأفف من تهمينة، ليقوم بتقليدها على الفور زوجها كاسرًا قواعد السلامة بالبيت رافعًا ريا هي الأُخرى فوق رأسه وعلى وجهه ابتسامة رضا!

الكاتب

  • الحب إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان