الحب يغلب العنصرية على طريقة حليمة
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كل حدث نتابعه بهذا العام العجيب يجعلنا دائمًا ننظر للوجه الآخر من العملة؛ ننظر لأفعال الخير والحب بجانب كل الفواجع التي شهدها العالم منذ حصاره بفيروس كورونا، وحتى خبر مقتل جورج فلويد.
تشهد أمريكا أحداثًا كبيرة ومظاهرات تنادي بتحقيق العدالة التي يتبعها تحقيق السلام، وهذا منذ مقتل جورج فلويد على يد شرطي بجريمة عنصرية ضد أصحاب البشرة السمراء.
ولكن يبدو أن كل هذه المظاهرات لم تغير أصحاب القلوب العمياء، حيث هاجم أحدهم بأمريكا المحجبات المسلمات وعلى رأسهم عارضة الأزياء “حليمة عدن” والتي شاركت بافتتاح منتدى الشباب بشرم الشيخ العام الماضي وشاركتنا قصة نجاحها.
يعرف الرجل نفسه بأنه مواطن جمهوري ، وقد وبخ حليمة لكونها مسلمة ثم تطرق للسخرية من حجابها وبأنه يشبه منشفة الرأس. وهاجم كل فتاة محجبة ترتدي “البوركيني” وقد كانت حليمة أول عارضة أزياء للمحجبات بالعالم تقوم بارتداء البوركيني بمجلة سبورتس إيلوستريتد الأمريكية.
نشرت حليمة عدن العنصرية والفيديوهات المسيئة لها بانستجرام، فيما جاء نشر حليمة لهذه الفيديوهات بعيدًا عن رد الكراهية بكراهية، أو التعرض للرجل بالإساءة، فقط دعمت كل مسلمة محجبة تتعرض للعنصرية وأنها رغم شهرتها مازالت تتعرض لنفس السخافات.
حليمة ليست فتاة عادية، فقد كانت طفلة صومالية عاشت سبع سنوات في مخيمات اللاجئين بكينيا، ثم استقر أهلها بأمريكا بعد صراع طويل مع العقبات، لتصبح مع الوقت والإصرار أول عارضة أزياء للمحجبات بأمريكا، وأول محجبة تشترك بمسابقات الجمال، وسفيرة اليونسيف للنوايا الحسنة، وتطلبها مجلات وماركات عالمية و رياضية لعرض الملابس بالأونة الأخيرة.
لا تخاطب حليمة المحجبات فقط، لهذا يمكنك أن تراها ببرامج مختلفة ومع فنانين مختلفين. تحاول حليمة التحدث عن فكرة الثقة بالنفس والحرية وكيف تكبر هذه المعاني من داخل الإنسان وبثقته في نفسه وليس عن طريق ما يرتديه، و تعزز فكرة عدم الحكم على الناس من خلال ما يرتدونه من ملابس.
ترفض حليمة فكرة الحكم على الآخر وتكرر دائمًا أنها مع حرية المرأة في ارتداء الحجاب أو ارتداء أيًا ما كان باختيارها، وتفتخر بأصولها ومبادئها ودينها بمجتمع يحتاج لكثير من القوة كي يعرف المرء ماذا يريد وكيف يحافظ على رسالته به، ورغم أنها عارضة أزياء إلا أنها تفاجىء جمهورها بانستجرام بصور بدون مكياج، وصور بملابس صومالية اعتزازًا بأصولها ونفسها.
ركزت المواقع الإلكترونية حول رد فعل حليمة بعد هذا الموقف، وكيف تعالج كل الأمور بالحب ودعم المرأة بالأخص والمحجبات عامة، مما يجعلنا نتعلم درسًا؛ العنصرية والكراهية يدحضها الحب، والاختلاف يدعم الحرية وبيئة صحية سليمة للاختيار والتعايش، وأحب أن أنهي المقال باقتباس لردها على من تعرض لها وللمحجبات بسخرية لاذعة:
أطلق علي البعض بطفولتي الفتاة صاحبة الرأس المنشفة سخرية من حجابي، ولكن مازالت أواجه نفس القذارة بعد نجاحي والوصول لما حققته من شهرة، أعتذر لنشري الفيديوهات المسيئة، ولكن هذه تجربتي كفتاة مسلمة محجبة صاحبة بشرة سمراء بهذا البلد، و بغض النظر عن المستوى الذي حققته من ثقافة وتعليم أتعرض لهذا لأنني فقط اخترت ارتداء ملابسة للسباحة محتشمة”
وجهت حليمة بقية حديثها للمحجبات حول العالم وقالت:
أنا أنشر هذا لأخبر أخوتي الصغيرات اللاتي يتبعنني أن العنصرية والكراهية ستأتي في طريقك ولكن يجب عليكِ الاستمرار فيما تفعلينه وألا تجعلي هذا يغير قلبك، أو الشعور بأنك أقل من أحدهم في شيء، لديكِ كل الحق في متابعة شغفك وقيادة حياة صحية وسعيدة، و لن تقلل الكراهية من نورك أبدًا ️ وعندما تحتاجين إلى تذكير ، احفظِ ما كتبت واقرأيه مرة أخرى”
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال