الحج في السينما المصرية..بين تأدية الفرض والبحث عن الذات

مشاعر الذهاب إلى الحج مختلفة عند المصريين، فيعتبر المصريون الذهاب إلى الحج عوضًا عن كل تعب مروا به في الحياة. من يريد رضا أهله يحاول أن (يحججهم) من يريد الاستشفاء النفسي والتقرب إلى الله، يجمع أموال الحج بأكثر من طريقة حتى يحقق الرفض الصعب الذي لا يفعله سوى من استطاع إليه سبيلا، وكل السبل الحلال يلجأ إليها المصريين كي يصلوا لغرضهم في تأدية فريضة الحج.

فيلم ليلى بنت الأكابر

وفي السينما المصرية والعالمية أيضا مشاهد عن الحج تحديدًا، ومشاهد أخرى جاءت فيها الكعبة بشكل محوري، ولعل أشهر هذه الأفلام فيلم “ليلى بنت الأكابر”

مشهد موكب الاحتفال بذهاب الباشا إلى الحج؛ المشهد الذي يتكرر في التلفزيون المصري مع كل عيد أضحى ضمن كلاسيكيات الفن المصري في الأعياد ولا يمل منه أحد.

حيث يبدأ المشهد والأغنية بتوديع ليلى للباشا وسماع صوت المنشدين في الخلفية حتى تبدأ ليلى مراد في الغناء من خلف الشباك، ومن قبل وقوفها عند الشباك ينتهي توديعها بحصار من الخادم بإشارة من يده لانتهاء حريتها عند الستارة دليلا على استمرار قواعد الباشا في السيطرة على حريتها حتى بعد سفره.

تقف ليلى مراد خلف الشباك تغني في كادر يدل على حبسها بالمنزل، وعلى صعيد آخر على حصار آخر من مشاعر الاشتياق للحج في واحد من أشهر مشاهد السينما المصرية عن مشاعر المصريين تجاه الحج.

يضعنا الفنان أنور وجدي بين مشاعر ليلى التي ظهرت بشكل صادق على الشاشة وهي تتمنى زيارة بيت الله الحرام، وبين تفاصيل الأدوات الموسيقي المستخدمة في الموكب، الذي انتابه روح التصوف من رقصات وترديد “الله هو الله”

ثم يأخذنا لعربة الباشا وحوله الموكب في وداعه لبيته للذهاب إلى الحج، مع ابتسامة ليلى مراد وتنهيدة جميلة تنهي بها المشهد اشتياقا للحج. وقد ذهب الباشا لتأدية الفرض ومتعة الرحلة الروحانية.

ولم يكن هذا الفيلم الوحيد الذي ذكر فيه الحج لأنور وجدي، فقد زارت صاحبة البيت في فيلم “دهب” الكعبة وأدت مناسك الحج أيضا وأدت الشخصية زينات صدقي

اقرأ أيضا….مهرجان الاسكندرية للفيلم القصير…العالم من عيون أطفاله

فيلم المصري افندي

فيلم المصري افندي من كتابة وإخراج الفنان حسين صدقي. وظهر في الفيلم  مشهدان  مشاهد لظهور الكعبة؛ أولهما في الحلم الذي حلمه البطل، وثانيهما عندما قرر البطل أن يذهب إلى الحج كي يدعو الله لشفاء ابنته.

لم تكن المشاهد تفصيلية وكبيرة، ولكن ظهر فيها الحجاج وخيامهم ومشهد للفنان حسين صدقي وهو يتوسل إلى الله لشفاء ابنته. فكانت رحلة الحج هنا غرضها أن تستجاب دعوة للبطل بجانب تأدية الفرض.

عرض الفيلم عام 1949 وشاركته البطولة الفنانة مديحة يسري.

فيلم أين تخبئون الشمس

مشاهد أخرى متتابعة وهامة ظهرت عن مراسم الحج في الفيلم المختلف “أين تخبئون الشمس” الذي تعرض لمشكلات وأفكار جريئة ضمن أفلاما نادرة في السينما المصرية ناقشت هذه الأمور بشكل جريء. وكانت الكعبة ضمن الصور الذي نزلت على أفيش الفيلم. وصور الفيلم الجمع الغفير في مناسك الحج وظهر مقام سيدنا إبراهيم والصفا والمروة، وبدأ المشهد بلقطة بعيدة للكعبة أثناء مناسك الحج.

وعبرت الأحاديث الجانبية أثناء الحج عن مغزى الحج، فمثلا الحوار القصير الذي يدور حول البحث عن الشيخ محمود، فقال أحد الحجاج: كلنا الشيخ محمود، كلنا زي بعض.

التي تدل على وقوف الناس سواسية جميعهم أمام الله في فريضة الحج طالبين المغفرة ليبدأوا حياة جديدة كالوليد الجديد.

ومن غرائب هذه المشاهد إقران بعض من أدعية أذكار الصباح بالتلبية، فبعد التلبية:

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك” ثم قال الحجاج: اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نموت وإليك النشور.

وأثناء الدعاء ظهر التوسل الذي عبر عن حال المؤمنين الذي يبعر عن استغاثتهم بالله كي ينجدهم من ذنوبهم ومشاق الحياة، ودخلت الموسيقى في مشهد من المشاهد التي تعبر عن الحشد الكبير لتعبر عن حالة البطل الذي يبحث عن نفسه داخل هذه الأفواج، ثم اتبعه مشهد رمي الجمرات، الذي لحقه تصور البطل لنفسه بأنه مكان الشيطان. وبنهاية الفيلم يهتدي البطل للإيمان ويجد نفسه وسط الحجاج في رحلة عميقة لاكتشاف الذات والإيمان ، تنتهي الرحلة ببكاء البطل أثناء الطواف عندما يلمس الإيمان قلبه.

إقرأ أيضا

سيباستيان هالر.. لو بقِيت لي لحظة واحدة فسوف أحياها لأقصاها

فيلم المرأة التي غلبت الشيطان

صدر فيلم المرأة التي غلبت الشيطان عام  1973 من تأليف توفيق الحكيم، ومن إخراج يحيى العلمي.  وظهور الحج كان بنهاية الفيلم في مشهد صغير عبر عن رحلة البطلة للذهاب إلى مكة  وكسبها معركة مع الشيطان.

الكعبة، الحجاج، أصوات متداخلة من صوت الآذان وصوت التلبية للحجاج، مشهد روحاني بسيط عبر عن الغرض من الرحلة بشكل سريع ولكن أضاف إلى الفيلم.

فيلم إلهام

فيلم الهام من أوائل الأفلام التي ذكر فيها الحج وأداء مناسك الحق، من بطولة يحيى شاهين وماري كويني. تقرر الهام الذهاب الى الحج للبحث عن الذات والتطهر من الذنوب، حيث تقول باشتياق:

دا المكان الوحيد الطاهر اللي ماحدش دعاني اليه.

لم يكن مشهد الحج كبيرا ولم يظهر مناسك الحج كفيلم اين تخبئون الشمس على سبيل المثال، ولكن اكتفى المخرج بمشهد من المشاهد الارشيفية من اعلى للكعبة وحولها الحجاج لينهي به الفيلم بذهاب الهام لحيث رحلة التطهر والسلام، وبعد اقتناعها أن النور والتصالح مع النفس والحياة والبداية الجديدة من هناك.