همتك نعدل الكفة
460   مشاهدة  

الحكاية مش حكاية السد (3) .. السودان ومصر قبل الاستقلال

السد
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



أهلا بينا في الحلقة التالتة من الحكاية مش حكاية السد، أول حلقة مرينا سريعا جدا على تاريخ العلاقات بين الدول التلاتة من قبل الميلاد لغاية توقيع أتفاقية 1902 بين الحكومة البريطانية وأمبراطورية أثيوبيا. الحلقة التانية خدنا فكرة عن الوضع الثلاثي بعد نهاية حقبة الاستعمار العسكري المباشر وانطلاق موجة التحرر في النص الأول من القرن العشرين.

عشان نكمل محتاجين ناخد فكرة عن العلاقة بين السودان ومصر، ومن خلال سنين التعامل مع فرداتي في السودان الكبير كُمرد وجياشة.. مثقفين وفنانيين ورفاقة.. دراويش وصحافيين.. باحثين وساسة.. كسارة تلج وشفاتة، أقدر أقول أن فيه زعل مسكوت عنه.. وجمر متداري تحت الرماد، بدايته كانت مع بداية القرن التسعتاشر وبلورته كانت في الفترة من 1958 لسنة 1989.

توضيح لا غنى عنه

العلاقات المصرية السودانية مش أحسن حاجة، وفيه كتير أوي تحت الرماد، ممكن كتير من المصريين -إن لم يكن الغالبية- ماعندهمش فكرة أن ممكن السودانيين ممكن تبقى نفسهم شايلة مننا، بس للآسف هي دي الحقيقة. وعشان نعرف (وده مهم جدًا في فهم المشهد الحالي هناك) القفشة دي مصدرها إيه.. لازم ناخد غطس سريع في التاريخ.

السد

أرضية تاريخية.. في البدء كان الباشا

الجدع اللي فوق ده إبراهيم باشا، الابن البار لـمحمد علي باشا، المرتزق الألباني اللي قدر يوصل لعرش مصر سنة 1805، ويبدء منها مشروعه الحالم ببناء دولة حديثة على الطراز الجديد في أوروبا.. ويورث بيها ما يستطيع من كتلة دولة الخلافة الإسلامية المتجهة بوضوح للتفكك.

واحدة من خطوات مشروعه ده كانت التوسع جنوبًا للسيطرة على منابع النيل، فكان الصدام الدموي الكبير بين جيش محمد علي بقيادة إبراهيم باشا والمنطلق من الشمال المحتل لصالح الباب العالي التركي، وتشيل في سكتها ما تبقى من ممالك جنوبية ستشكل مستقبلًا دولة السودان.

السد

العقلية الخديوية

كتير قروا أو سمعوا مصطلح العقلية الخديوية خلال قراية أو مناقشة وهو بيستخدم كتهمة بتوجه للجانب الشمالي من وادي النيل. الخديوية لقب فريد.. أتنحت مخصوص لحاكم مصر التابع رسميًا للخلافة العثمانية، إسماعيل باشا هو أول من حمل اللقب ده، سنة 1866. بعد الخطوة دي بحوالي تلاتين سنة قامت الثورة المهدية في الجنوب لتبدء تشكيل هوية سودانية جديدة.

السد

إجهاض المهدية

نجح المهدية في تحرير العاصمة الخرطوم بعد طرد الحامية العسكرية التابعة للإدارة التركية-المصرية بتدخل بريطاني.. وقتل قائدها جوردن باشا.

المحتل البريطاني حرك قواته وأجبر البلاط المصري التابع لأسطنبول على تسيير القوات التابعة له للمشاركة في إعادة أخضاع الخرطوم، وفعلا القوات دي أواخر 1898 أسقطت التعايشي (خليفة المهدي) في أم درمان.. وتم القضاء على دولة الدراويش ورفع كشتنر العلمين المصري والبريطاني، مستعمرة تركية محتلة من الإنجليز وباسمها بيتوسع المحتل في اتجاهات مختلفة.

 فترة الحكم دي أمتدت من تاريخه لغاية 1956.. وقت خروج القوات الإنجليزية من المنطقة، الفترة دي معروفة في السودان باسم الفترة الخيديوية، نسبة للخيديوي، فاللي بينظر للسودان بوصفها جزء أو تابع أو حديقة خلفية أو.. أو.. بيوجه له توصيف “عقلية خيديوية” بوصف عقله عطلان عند المرحلة دي من التاريخ.

السد

الوفد وريث الخديوية

إقرأ أيضا
الهدنة الثانية بغزة

رسميًا السودان نالت أستقلالها قبل مصر، ده لأن جلاء القوات الإنجليزية من منطقة القناة وإعلان استقلال مصر مرهون بموافقة الحكومة المصرية على إعطاء السودانيين حق تقرير المصير بالاستقلال عن التبعية لمصر.

الشرط ده رفضته الحكومات المصرية المتعاقبة من نهاية الحرب العالمية التانية لغاية يوليو 52، شرط وافق عليه تنظيم الظباط الأحرار فوافقت بريطانيا على الجلاء عن مصر، وبالفعل تم التوقيع على اتفاقية الجلاء في أكتوبر 1954 ومع نهاية سنة 1955 وبداية 1956 تم الإعلان استقلال السودان.. ثم بعد 6 شهور رحل أخر جندي بريطاني عن مصر، يونيو 1956.

أستقتال النخبة السياسية في مصر على الإبقاء على تبعية السودان أمر يزعلهم طبعًا، خصوصًا لما يكون العند ده كان سبب رئيس في تفويت فرصة إنجاز الاستقلال عبر التجربة السياسية الحزبية بنت التلاتة وتلاتين سنة من الإنطلاقة القوية بقيادة سعد زغلول باشا.

السد

الصياغة دي لقراءة المشهد التاريخي هي أول خطوة في فك عقدة الغبن المستقرة في صدور السودانيين، لأنها بتوضح حقيقة أننا كمصريين مالناش يد في غزو جيوش محمد علي بلادهم وما أرتكبته الجيوش دي من أعمال خلال الحرب وطوال فترة ما يعرف بالإدارة التركية-المصرية للسودان، التسمية الدقيقة إداريًا وغير المنصفة واقعيًا، فلم نكن ندير مصر بالأساس عشان نبقى بندير السودان كمان.

كمان إحنا بشكل أو بأخر دفعنا تمن تعنت النخبة السياسية في عهد الملكية تجاه الملف السوداني، الحلقة الجاية نستعرض شكل العلاقات بعد الجلاء وأزاي هي كمان لم تخلو من أسباب الزعل.

الكاتب

  • السد رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان