الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين “دقة في التفاصيل وملاحظات تاريخية ننوه لها”

تناولت أحداث الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين لقاء الحسن بن الصباح مع الخليفة المستنصر الفاطمي، ثم وفاة الأخير وقتل نجله نزار، وطرد الحسن بن الصباح من مصر بصفقة عقدها مع الوزير بدر الجمالي.

تفاصيل في الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين بها نقاط ضعف وقوة

اعتقد عدد من المشاهدين أن نطق بعض الكلمات عند الممثلين في مشهدين به نقاط ضعف، أحدهما نطق مدينة الري، حيث قالها كريم عبدالعزيز بكسر الراء، والمشهد الثاني هو قوله لكلام وُصِفَ بأنه شعوذة في نهاية الحلقة الثالثة.

نطق مدينة الرِّي صحيح بالكسر أو الفتح

نطق كريم عبدالعزيز اسم مدينة الري بكسر الراء مع تشديدها، وكان في ذلك نقد إذ قالوا أن الصائب هو فتح الراء مع تشديدها.

اقرأ أيضًا
قراءة لأحداث الحلقة الأولى من الحشاشين “مشاهد غامضة نشرحها وخطأ واحد نصححه”

والصحيح هو ما قاله كريم عبدالعزيز ومالم يقله أيضًا، فنطق كلمة الري بكسر الراء مع تشديدها هو نطق فارسي، أما نطقها بالفتح فهو نطق عربي والاثنين على صواب، فممن ذكرها بالنطق الفارسي محسن ظافر آل غريب في كلامه عن دفن هارون الرشيد[1]، وممن ذكروا الري بالعربية، المنجم في معجمه وقال «هي في الإقليم الرابع، وبعدها عن خط المغرب، أربع وسبعون درجة، ومن خط الاستواء، أربع وثلاثون درجة، وهي مدينة جليلة. وأهلها أخلاط من الناس، من الفرس والعرب والأتراك»[2]، لكن ينبغي الإشارة إلى أن إخراج كريم عبدالعزيز للسانه في نطق جملة الدعوة النزارية وقلب الزاي ذال كان خطأ.

جملة «خاموش باش دریا» ليست شعوذة

اختتمت الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين بمشهد العاصفة التي هبت على السفينة التي تقل الحسن بن الصباح، وكان الحسن يقول: خاموش باش، دريا خاموش باش، ولوهلة يمكن الاعتقاد بأنها جملة شعوذة وسحر.

اقرأ أيضًا
حول الحلقة الثانية من مسلسل الحشاشين “أخطاء تاريخية رغم التفنن في الحبكة”

الصحيح أنها جملة فارسية وترجمتها بالعربية بحر كن صامت، فـ دريا تعني بحر، وخاموش تعني الصامت أو الساكت، وباش وباش من كلمة بودون وهي مصدر الكَون (بمعنى كُنْ يكون).[3]

مخطوط نهاية الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين

ومن أبرز وأهم علامات الدقة في الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين والتي لها صلة بالتفاصيل، هو شكل المخطوط الذي ظهر بنهاية الحلقة، فالمخطوط هو جزء من «رسالة في العلَّة الفاعلة للمد والجزر» والتي كتبها أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن الصباح الكندي والذي توفي سنة 873م، وقد أفردنا له تقريرًا مستقلاً لشرح تفاصيله عنوانه :- “صور” ما هو المخطوط الذي ظهر في نهاية الحلقة الثالثة من الحشاشين

خطبة بدر الدين الجمالي وخطأ نحوي وحيد

ونقطة الضعف الوحيدة كانت في خطبة الوزير بدر الدين الجمالي حين فتح كلمة الخلافة بعد حرف جر والصحيح كسرها في مشهد وصية المستنصر حيث قال «فوصيتي أن يجلس على كرسي الخلافة من بعدي».

أخطاء واختزال في الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين

ثمة أحداث تاريخية تم اختزالها في مشاهد الحلقة الثالثة من مسلسل الحشاشين ينبغي لفت نظر القارئ لها

قتل نزار واللخبطة بين بدر الجمالي وابنه

تعرضت الحلقة الثالثة للصراع الذي حدث في العصر الفاطمي بوفاة الخليفة المستنصر، لكن هذا المشهد وقع في خطأ كارثي.

المسلسل أظهر أن بدر الجمالي هو من قاد من قاد الصراع لتولية المستعلي بدلاً من نزار، والصحيح أنه الأفضل بن بدر الجمالي، وذلك لأن بدر الدين الجمالي مات قبل المستنصر بـ6 أشهر وتحديدًا في مات في يونيو 1094م / جمادى الأولى 487هـ[4]، أما المستنصر مات في ديسمبر 1094م / ذي الحجة 487هـ وتولى بعده ابنه المستعلي[5]، بالتالي كان ينبغي للمسلسل أن يستبدل الممثل محمد سليمان بممثل آخر لشخصية الأفضل.

كذلك مشهد قتل نزار كان فيه اختزال وخطأ، والاختزال له ظروفه الإنتاجية وذلك لأنه اندلعت معارك لم يتطرق لها المسلسل، كذلك أظهر المسلسل وفاة نزار بعملية اغتيال بعد تولي المستعلي بالله وهذا غير صحيح.

فالصحيح أنه بعد تولية المستعلي ذهب نزار إلى الإسكندرية وأقنع حاكمها ناصر الدولة أفتكين بأن يكون في صفه حتى يستعيد حكمه فصارت الإسكندرية عاصمةً لخلافة نزار، فقرر الأفضل بن بدر الجمالي الذهاب إلى هناك فقام بعمل حملتين عليها الأولى انتهت بهزيمته والثانية كانت حصارًا للإسكندرية دام سبعة أشهر ارتكب خلالها الكثير من الجرائم حتى قرر أفتكين ونزار الاستسلام في مقابل الأمان، فأعطاهما بدر الجمالي الأمان ثم قبض عليهم وأرسلهما للقاهرة وقتلهما.[6]

إقرأ أيضا

سيرة بيرلو (8).. الغرفة 205!

قتل ملك شاه لعمه .. خيال يستلهم من التاريخ ولا يختلف معه

بقي أن نشير إلى أن طريقة تولي ملك شاه الحكم والتي أظهرها المسلسل، بها شق من خيال المؤلف استلهم من التاريخ، فما ظهر في المسلسل أن ملك شاه ألقى القبض على عمه لانقلابه عليه وكاد أن يقتله لولا أن عمه قال له أنه سيعطيه أسماء شركاءه، وتدخل نظام الملك في ذلك للحيلولة دون قتل الجميع بأن لا يفتح الرسالة، إلى أن استدعى ملك شاه أقرباءه وقتل عمه أمامهم بوتر القوس خنقًا.

اقرأ أيضًا
هل تحدث الصباح والخيام بالفصحى؟.. عن عامية “الحشاشين”

هذه الحادثة وقعت بالفعل مع اختلاف في التفاصيل وحكاها بن خلكان في تاريخه حيث قال «فلما وصل (يقصد ملك شاه) إلى البلاد وجد بعض أعمامه وهو قاروت بك صاحب كرمان قد خرج عليه، فعاجله وتصافا بالقرب من همذان، فنصره الله عليهم وانهزم عمه، فتبعه بعض جند ملكشاه فأسروه وحملوه إلى ملكشاه، فبذل التوبة ورضي بالاعتقال وأن لا يقتل، فلم يجبه ملكشاه إلى ذلك، فأنفذ له خريطة مملوءة من كتب أمرائه، وأنهم حملوه على الخروج عن طاعته وحسنوا له ذلك، فدعا السلطان بالوزير نظام الملك فأعطاه الخريطة ليفتحها ويقرأ ما فيها، فلم يفتحها، وكان هناك كانون نار فرمى الخريطة فيه فاحترقت الكتب، فسكنت قلوب العساكر وأمنوا، ووطنوا أنفسهم على الخدمة، بعد أن كانوا قد خافوا من الخريطة لأن أكثرهم كان قد كاتبه، وكان ذلك سبب ثبات قدم ملكشاه في السلطنة، وكانت هذه معدودة في جميل آراء نظام الملك، ثم إن ملكشاه أمر بقتل عمه فخنق بوتر قوسه، واستقرت القواعد للسلطان وفتح البلاد واتسعت عليه المملكة».[7]

[1]  محسن ظافر آل غريب، الرشيد مولود ومدفونُ إيران خليفة حُرَّة الدنيا بغداد، موقع كتابات، 21 يونيو 2018م
[2]  إسحق بن الحسين المنجم،  آكام المرجان فى ذكر المدائن المشهورة فى كل مكان، ط/1، عالم الكتاب، بيروت، 1408هـ / 1984م، ص67.
[3]  عبدالمنعم محمد حسنين، قاموس الفارسية .. فارسي / عربي، ط/1، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1402هـ / 1982م :-

• دريا: ص245
• خاموش: ص112
• بودون مصدر باش: ص108

[4]  المقريزي، اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، تحقيق محمد حلمي محمد أحمد، ج2، ط/1، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وزارة الأوقاف، القاهرة، 1416هـ / 1996م، ص329.
[5]  بن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ج5، ط/1،، دار الكتب، القاهرة، 1353هـ / 1935م ص142
[6]  محمد جمال الدين سرور، تاريخ الدولة الفاطمية، ط/1، دار الفكر العربي، القاهرة، 1995م، ص103.
[7]  بن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان زكي،  ج5، ط/1،  دار صادر، بيروت، 1397هـ / 1977م،  ص284.