الحلقة السادسة من مسلسل موسى .. دعوة للبحث عن تاريخ الصعيد زمن الحرب العالمية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
واصلت الحلقة السادسة من مسلسل موسى لعبة القط والفأر بين قوات الاحتلال البريطاني في سوهاج وبين بطل العمل، على نفس ذات السياق هربت شفيقة شقيقة موسى للقاهرة بصحبة نوفل الغجري الذي أراد أن يفعل بها الفحشاء لولا مساعدة شخصية إنجليزية في الفندق، وتنتهي الحلقة بتعيين القائد البريطاني في جهاز المخابرات الإنجليزية بسبب قتله لموسى ـ حسب تصورهم ـ وتكون مهمته القبض على جواسيس الألمان والإيطاليين في مصر.
اقرأ أيضًا
الحلقة الأولى من مسلسل موسى .. دقة في كل شيء تاريخي لمرحلة دموية لم تُحْكَى بعمق
قيمة هذه الحلقة من مسلسل موسى أنها أظهرت جانبًا من تاريخ الصعيد المجهول الذي يصدم بعض أهل الصعيد أنفسهم، كون أن تاريخ الصعيد في الأربعينيات وتحديدًا زمن الحرب مجهول للغاية.
هل يمكن لفتاة صعيدية أن تسافر وحدها أو مع غريب في القطار زمن الأربعينيات ؟
اتهم بعض أهالي الصعيد على السوشيال ميديا بأن العمل لا يُظْهِر التاريخ الحقيقي للصعايدة فلا يمكن لفتاة صعيدية في هذا الزمن أن تكون وحدها في قطار وتتعرض لحادث مهما كانت الدواعي.
تاريخيًا فإن هذا النقد غير منطقي ففي أخبار حوادث مصر يوم 1 مارس سنة 1944 م تم اكتشاف جثة امرأة مخنوفية بضفيرتي شعرها داخل العربة الثالثة من القطار المتوجه إلى الوجه البحري، في جريمة لم يتم كشف لغزها.
هل كان الصعيد فيه قواعد إنجليزية ؟
مشهد الهجوم على المعسكر الإنجليزي في الحلقة السادسة من مسلسل موسى طرح تساؤلاً وهو هل كان الصعيد أرضًا مستباحة لإقامة قواعد عسكرية فيه زمن الحرب العالمية الثانية ؟.
اقرأ أيضًا
“راح زيه زي اللي قبله” من الأشخاص الحقيقيين الذين سبقوا رويعي في مسلسل موسى إلى الموت
الثابت في أرشيف الحكومة المصرية وتقريرها الصادر عن المطبعة الأميرية عام 1947 م أن النظام المصري زمن الحرب العالمية الثانية منح السلطات البريطانية 597 فدان من الأراضي الزراعية في الصعيد و16 ألف متر أراضي سكنية بهدف تأسيس قواعد عسكرية إلى جانب إعطاءهم 635 ألف فدان أراضي صحراوية فضلاً عن إغراق مالا يقل عن 400 فدان أرض زراعية.
اقرأ أيضًا
جوانب تاريخية في الحلقة الثالثة من مسلسل موسى .. دقة مشهد قناع الغاز وخطأ سلاح شداد
يشير الأرشيف البريطاني في سجلات المستعمرات أن المنطقة بين مركز البلينا سوهاج وأبو تشت خلال الحرب العالمية الثانية كانت قاعدة عسكرية جوية بسبب موقعها كمحطة نهاية للطريق المؤدي إلى ساحل البحر الأحمر.
ليس هذا فحسب بل إن أخبار المعسكرات الإنجليزية في الصعيد كانت موجودة، فمثلاً في عدد 6 يناير سنة 1947 تم افتتاح معسكر مزدوج يتسع لـ 650 جندي شرق خزان أسيوط، وأقيم على 12 فدان من أراضي مصلحة الري، وكانت قيادة المعسكر المصرية لليوزباشي أمين حسن العرضي، والتنسيق يتم مع سلطات الإحتلال.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن إحصاء 6 يناير سنة 1941 أفاد بأن هناك 60 ألف عامل مصري يعملون في المعسكرات الإنجليزية الموجودة في كافة أنحاء المملكة المصرية.
محاولات اقتحام المعسكرات الإنجليزية زمن الحرب العالمية الثانية حدثت بالفعل وكانت تقيد على أنها محاولة سرقة، ويعزز هذا خبر منشور في جريدة المقطم بتاريخ 1 فبراير سنة 1946 م أي بعد نهاية الحرب بأشهر، حول مقتل محمد ضيف الله ومحمد سيد وإصابة صديق الصعيدي ومحمد السويسي لمحاولتهما دخول معسكر إنجليزي في التل الكبير، وقيدت قضيتهم على أنهم لصوص.
اقرأ أيضًا
لماذا كانت الحلقة الرابعة من مسلسل موسى عبقرية في ملامحها التاريخية “صور ووثائق تجيب”
اقرأ أيضًا
“نهبنا المصريين” الإنجليز اعترفوا بما عرضته الحلقة الخامسة من مسلسل موسى
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال