الحلق وسعد لمجرد .. موسم السبوبة المستمر للأبد
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
عندما تصدر أغنية جديدة للثنائي “تامر حسين” و”عزيز الشافعي” دائمًا ما اتسائل حول الغرض من وراء صنع تلك الأغاني الضعيفة فنيًا جدًا، ولماذا كلمات تامر حسين مطلوبة بقوة في الوسط الغنائي رغم أنه يأتي في ذيل قائمة الشعراء من ناحية الموهبة، وإلي متى سيظل عزيز الشافعي يهدر موهبته بمحاولته اغتنام أي فرصة يبيع فيها التروماي على هيئة أغنية مع أي مطرب حتى لو مجهول وهو يدرك تمامًا أن تلك النوعية من الأغاني لن تستمر كثيرًا.
في هذا الصدد تستمر عجلة السبوبة في الدوران بأغنية جديدة “الحلق” التي تندرج تحت بند الأغاني ذات القطفة السريعة عند الجمهور “يالا نعمل حاجات مش هتعيش بس هنكسب من وراها كويس” وهو الأمر الذي يمكن بلعه والتغاضي عنه لو كان في صورة أغنية أو أغنيتين على مدار موسم كامل، أما أن يكون الإنتاج كله في نفس الاتجاه وعلى نفس الشاكلة دون إدراك أننا أمام كارثة فنية ستهوي بالأغنية المصرية إلي أسفل سافلين، ثم نجلس بعدها نبحث في الاسباب التي ادت الى هذا الانهيار ونجلب من كانوا السبب فيه كي ينظروا علينا ويتحدثون أن السوق هو من أجبرهم على ذلك – رغم عدم وجود شركات إنتاج تتحكم في المحتوى – وأن المطربين يفرضوا تلك النوعية الناجحة جدًا – ثبت فشل معظمها بالفعل – أو أن الجمهور عايز كده – برغم عدم وجود جمهور يغضب ويثور تجاه ما يحدث بل يأكل ما يقدم له حتى لو أكل فاسد – كلها تفسيرات لن تشفع لهم مستقبلًا ولن تغسل اياديهم من ذنب تلك الكوارث الفنية.
الكلمات:
مع عزيز الشافعي تظهر كلمات تامر حسين بشكل مغاير يتناسب مع طبيعة ألحانه ذات الجمل اللحنية القصيرة مع حشر أكبر كم الإفيهات التي تتغزل في المحبوب بشكل فج أو بتوصيف أدق تتحرش بأي فتاة تعجبه، فتارة يعجبها فستانه “أغنية فستان الحلوة فضل شاكر” أو يحكي عما حدث له عندما شاهدها “دماغي لفت محمود العسيلي” .
في هذه المرة ياخذ الغزل منحى أخر بالحديث عن الأكسسوارات التي ترتديها الفتاة والحلق اللي عمل قلق.
“الحلق اللي عامل قلق اعذروا قلبي لو اتسرق – بحلف وبقول ع الملاء اللي يسيبها ده غلطان”
“ده عليها لفة سلسلة والروج عامل مشكلة يعني يا بخت اللي اشتري واللى اشترى طلع كسبان”
في أول شطر يظهر شبح الشافعي الشاعر الذي يتماسك اسلوبه ومفرداته أكثر من تامر حسين الذي عادة ما يستكمل ما بدأه الشافعي، ولا أعرف ماذا كان يقصد بمعنى “لفة سلسلة” وهو ما يثبت ضعف كلماته ومفرداته رغم بساطة الافكار التي يكتبها.
لن أبحر أكثر في شخصية كاتب الكلمات لأن الأغنية في المجمل لا تشرف صاحبها ككاتب بل تعكس الأزمة التي نعيشها على مستوى كلمات الأغنية المصرية فتلك هي نوعية الكلمات والأفكار التي ينتجها لنا المفترض أنهم نخبة صناع الأغاني في مصر.
الموسيقى:
على مقامه المفضل “الكرد” يأتي لحن عزيز الشافعي بنفس الأسلوب من التقطيعات السريعة مع الاستعانة بروح الفلكلور المصري في بعض الجمل اللحنية مع تشابه اللحن مع لحن أغنية “الواد قلبه بيوجعه” بهاء سلطان وألحان “محمد رحيم”.
توزيع جلال الحمداوي أخذ اللحن في سكة معتادة من المقاسيم “كما أطلق عليها عزيز الشافعي” مع حشر أكبر قدر من الافكتات المصاحبة فتبدأ الأغنية بكوردات من الجيتار يصاحبه صوت “يشبه نهيق الحمار” مرجح أن يكون من الكيبورد أو الإلكتريك جيتار ثم يدخل إيقاع المقسوم بكافة حلياته المعتادة مع إعادة المقطع الأول مع فاصل موسيقي ضعيف جدًا بهمهمات من صوت سعد المجرد .
في النهاية أعرف أن الثنائي “الشافعي” و”تامر حسين ” يجدوا من يدافع عن انتاجهم الفني وأن تلك النوعية من الأغاني لا تتطلب تجويدًا في الكتابة وأنها تتبع مواصفات الأغنية الـ Hit منذ الثمانينات والتسعينات بل لا أستبعد أن يفتش البعض في التاريخ الغنائي المصري ليخرج لنا بأغاني تحدثت عن الحلق والخلخال والعيون المكحلة والرموش التي تسحر دون الحديث عن الجهد المبذول في تلك الأغاني التي عاش معظمها في وجدان الجمهور على العكس من يلهث وراء السبوبة وأهي أغنية ستمر مثلما مر الباقي.
لكن تظل المشكلة الأكبر هي تهافت غالبية صناع الأغاني في مصر على التعاون مع مطرب متهم بقضايا اغتصاب وتحرش مثل المدعو “سعد المجرد ” بل ولا يجدوا أي مشكلة في مدح أخلاقه على الملأ في انحطاط وانسحاق تام أمام السبوبة التي يجب أن تستمر، هذا التعاون لا يعد شرفًا بل عار سيظل يطاردهم حتى لو كان هذا المجرد هو أفضل صوت انجبته الأوطان العربية قاطبة.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال