“الدون جيوفاني” لغز لص الآثار في عهد محمد علي باشا
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كان اهتمام محمد علي باشا بالآثار مرتبطًا بملامح تأسيس مصر الحديثة، غير أن تركيز الباشا في المجال الأثري كان منصباً في وضع قوانين صارمة تمنع الاتجار في الآثار، لكن رجلاً بعهد محمد علي باشا كان بمثابة اللغز الحقيقي، فرغم ضخامة إنجازاته الأثرية، كان هناك كوارث أيضاً.
كان جيوفاني باتيستا بيلزوني، مستكشفاً أثرياً وعالماً في المصريات، فضلاً عن تراثه الروائي، ورغم جذوره الإيطالية لكنه لم يكسب شهرةً في التاريخ إلا بسبب مصر.
في بلدة بادوفا بإقليم فينيتو الإيطالي، ولد الدون جيوفاني باتيستا بيلزوني، يوم 5 نوفمبر 1877م، لأسرة فقيرة يعولها والده الذي كان يعمل في الحلاقة.
عقب وصول جيوفاني سن الـ20 أراد أن يأخذ طريق الكنيسة ليكون راهباً، لكن الاحتلال الفرنسي لإيطاليا جعله يسافر إلى هولندا وعمل في مهنة أبيه كـ”حلاق”، حتى ضاق ذرعاً بأحواله وسافر إلى لندن واستقر هناك بعد زواجه.
قبل أن يعرف الدون جيوفاني العمل في الآثار، شق طريقه في أعمال مختلفة لا علاقة لها بالمجال، ففي لندن عمل بالسيرك وساعده في ذلك قوته الجسمانية، حيث بلغ طوله مترين، وعمل في السيرك نتيجة لعلاقته بالرحالة هنري سولت، ثم لاحقاً أقنعه بالعمل في الآثار.
في ذكرى تولي محمد علي باشا حكم مصر، وبالتحديد في مايو سنة 1815 م، اخترع آلة من أجل ري الزراعة بأقل التكاليف وبأسهل الطرق، وتمكن جيوفاني من لقاء محمد علي باشا في شبرا، ومع تشغيل الآلة أصيب أحد المعاونين للدون جيوفاني مما جعل الحاضرين يتشاءمون من الاختراع.
بدأت صلة جيوفاني بالآثار مباشرةً على يد يوهان لودفيش بوركهارت، وشكلا إنجازات أثرية مرموقة في ذلك الحين، حيث أزاح الرمال عن بوابة معبد أبو سمبل الكبير في أسوان، وكان هذا الاكتشاف جزءا من رحلة طويلة قطعها بيلزوني حتى سجل اسمه في كتب التاريخ.
لم تتوقف إنجازات الدون جيوفاني عند هذا الحد، بل شملت فتح مقبرة سيتي الأول، وكان أول من نقب في الهرم الثاني بالجيزة، واعتبره سليم حسن، أول أوروبي في العصر الحديث يزور الواحة البحرية.
بدأت صلات جيوفاني بمصر تنقطع عام 1819، حيث عاد إلى لندن ونشر مؤلفات ضخمة عن رحلاته واستكشافاته، ثم قرر استكمال رحلاته في غرب إفريقيا سنة 1823 م، لكن مات في ظروف اكتنفها الغموض، فمؤرخون اعتبروا أن نهايته كانت نتيجة لإصابته بمرض الزحار، فيما قال الرحالة فرانسيس بيرتون إن نهايته كانت بالاغتيال عن طريق قطاع الطرق.
إن كان الدون جيوفاني دخل التاريخ كأهم رحالة أثري في عصر محمد علي باشا، لكنه بالنسبة لعلماء المصريات نموذج لسارق الآثار المحترف، نظراً لأنه هرب آثاراً متعددة إلى لندن لعل أبرزها تمثال رمسيس الثاني النصفي المعروف بـ ممنون الصغير.
ذكر سليم حسن عدداً من التماثيل الأخرى، منها تمثال على هيئة أبو الهول وآخر على هيئة البابون، وتمثال لأحد كبار رجال الدولة في عهد الملك رمسيس الثاني يدعى باسر.
وفي أثناء رحلته من الأقصر، استطاع الحصول على قطع أخرى منها تمثال ربما يمثل المعبودة موت من عصر الأسرة الـ18، ولوحة من الحجر الجيري تعود لعصر الأسرة الـ20، وتمثال خشبي ربما يعود للملك رمسيس الأول، وكذلك تمثال للملك سيتي الثاني من الأسرة الـ19. وخارج المتحف البريطاني يوجد تابوت من المرمر للملك سيتي الأول كان يوجد داخل مقبرة الملك التي اكتشفها بوادي الملوك، لكنها توجد بمتحف المجموعة الخاصة بالسير جون سوني ببريطانيا.
إقرأ أيضاً
حسن الإسكندراني باشا .. رمز أسرة محمد علي باشا الذي كرمه جمال عبدالناصر في حفيدته
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال