الرد على ما أثاره عبد الله رشدي من شبهات حول القرآن
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
معروف عن رجال الدين، بتوع معسكر أهل السنة والجماعة، استقتالهم في الدفاع عن صحة الأحاديث النبوية وتنزيهها عن النقد أو النقاش، والمبالغة في قيمتها الدينية، لكن ما جاء به الشيخ عبدالله رشدي تجاوز كل الحدود، فالشيخ في معرض تدليسه التاريخي للدفاع عن الأحاديث طعن في صحة القرآن الكريم.
رداً على كلام الكابتن ميدو. pic.twitter.com/mVWK360WqS
— عبدالله رشدي (@abdullahrushdy) August 16, 2024
تحديد الأخطاء
قولًا واحدًا، كل ما جاء في فيديو الشيخ عبدالله رشدي بخصوص جمع القرآن ومقارنته بجمع السُنة هو تدليس تاريخي لا علاقة له بما ورد في التاريخ الإسلامي إنه حدث، فهو إدعى أن:
- مافيش فرق بين عملية نقل القرآن وعملية نقل السُنة.
- عملية تدوين القرآن بشرية بالكامل كعملية تدوين السنة.
- من نقلوا السنة هم نفس البشر اللي نقلوا القرآن.
حددنا مناطق الأزمة، تعالوا بقى نفكك الكلام ده ونتعرف على مغالطاته.
بداية التدوين
عملية تدوين القرآن كانت بتحصل أول بأول، بمعنى أن الوحي يزور النبي يبلغه بالوحي.. فيقرأه النبي على أصحابه ويتم تسجيله بواسطة من يجيد الكتابة منهم، ودول مجموعة من الصحابة عرفوا بلقب كتبة الوحي، وطبعًا عبدالله رشدي يعرف الموضوع ده كويس، وأدي فيديو بيتكلم فيه عن قصة واحد من المجموعة دي.
ده على عكس السُنة القولية، الأحاديث، اللي النبي نهى بشكل صريح أن تُكتب عنه، والنهي ده كتير من المشايخ بيعتبروه أحد أسباب نجاح عملية جمع القرآن، لإنه ضمن عدم وجود كلام مكتوب عن النبي غير القرآن.
رغم وجود كتبة للوحي زي ما وضحت، كان فيه كمان بعض الصحابة مهتمين بحفظ القرآن، وكانوا معروفين بين المسلمين الأوائل بحفظة القرآن، ودول لما مات منهم كتير في موقعة اليمامة مع جيش مسيلمة الكداب؛ انتبه المسلمين لأهمية جمع القرآن.
المراجعة الإلهية
طبعًا كتبة الوحي دول بشر، بس حسب الأحاديث اللي بيدافع عنها عبدالله رشدي، بس كان الوحي متمثل في الملاك جبريل بينزل مرتين في السنة يراجع مع النبي مجمل ما نزل من قرآن.
بداية التجميع
بداية عملية التجميع في الحالتين كانت بعد وفاة النبي، بس قبل ما نقول إن فيه تساوي بين العمليتين محتجين نضيف معلومتين مهمتين. المعلومة الأولى إن المسلمين انتبهوا لأهمية جمع القرآن في كتاب واحد خلال فترة حكم الخليفة الأول أبو بكر الصديق.
أما المعلومة التانية، فهي إن أول خليفة يصدر أمر بجمع الأحاديث، هو عمر بن عبد العزيز، تامن خلفاء بني أمية، وده أتولد بعد وفاة النبي بنُص قرن، وطبعًا الراجل ماتولدش خليفة.. إنما وصل للمنصب وهو حوالي أربعين سنة.
فاللي يقول إن الناس اللي جمعت القرآن همه نفس الناس اللي جمعت الأحاديث لازم يكون جاهل أو كداب، لإن فيه فرق بين بداية المشروعين قرابة قرن من الزمن، وطبعًا الكلام عن أن المقصود هو نفس المصادر ده اسمه كلام فارغ، لأن مافيش مقارنة بين أني أسمع من “س” وأكتب وبين أني أجي بعد تسعين سنة أشوف مين سمع من “س” وأسمع أنا منه وأكتب.
منهجية الجمع
في جمع القرآن نلاقي قاعدة رئيسية كانت محطوطة، وهي إن مافيش آية يتم الاعتراف بيها ووضعها في المصحف إلا لو كان فيه عليها أتنين شهود كل واحد فيهم يأكد إنه سمعها بنفس النص ده من النبي.
في جمع الأحاديث ماكنش فيه منهجية رئيسية متبعة زي الوضع مع جمع القرآن، وتأثير ده يظهر في تعدد الصحاح والاختلافات بينها، طبعًا فيه أحاديث موجودة في كل الصحاح “كتب الحديث” لكن كمان ماحدش يقدر يقول إن الكتب دي متطابقة.
فمبدئيا فيه اختلاف في عدد الأحاديث، يعني هنلاقي حد جامع أحاديث أكتر من التاني، وهنلاقي حديث مذكور في صحيحين ولا تلاتة ومش مذكور عند الباقيين، كمان الأحاديث المشتركة هنلاقي اختلافات في صياغتها.
أنواع الثبوت
تنقسم درجات النصوص الشرعية إلى:
- قطعي الثبوت.. قطعي الدلالة
- قطعي الثبوت.. ظني الدلالة
- ظني الثبوت.. قطعي الدلالة
- ظني الثبوت.. ظني الدلالة
والقرآن بكامل آياته يندرج في القسمين الأول والتاني، بمعنى إن مجمل آياته “قطعية الثبوت”.. بعضها “قطعي الدلالة” وبعضها “ظني الدلالة”.
يعني إيه الكلام ده؟
يعني إن كل الآيات ثابت قطعًا إنها كلام الله، ومافيش شك في الحكاية دي نهائي. إنما بالنسبة للمعنى أو الدلالة.. هنلاقي إن بعض الآيات دلالتها واضحة ومش محتاجة نقاش ومافيش حواليها خلاف، زي مثلًا: ﴿وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۚ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ (22 – النساء).. هنا مافيش حاجة محتاجة فهم أو تفسير ولا مجال للبس.
إنما فيه آيات تانية الفقهاء بيختلفوا في تفسيرها، وده لإن معناها يتحمل أكتر من معنى، وهنا تبقى الآية دي ظنية الدلالة.
لكن بالنسبة للأحاديث فمش زي القرآن كلها قطعية الثبوت، إنما كتير منها ظني الثبوت، والكتير ده تقريبا غالبيتها، فقطعية الثبوت دي بتكتسب من التواتر.. وعدد الأحاديث المتواترة قليل.
بالتالي فغالبية الأحاديث “ظنية الثبوت” والندرة الشديدة فيها “قطعية الثبوت”.
بناء على ما سبق فما جاء على لسان عبدالله رشدي بحق القرآن وإنه زيه زي السنة أو وصللنا عن طريق نفس الناس وبنفس الطريقة.. إلخ، كل ده كلام باطل لا يجوز القول به.. وهو بمثابة شبهة حول القرآن وجمعه أتمنى أكون قدرت أرد عليها وأفندها.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال