الشهيد علي نسمان .. بيضل عمر الفتى نِدر للحرية
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“لَك روح” .. هكذا تنتهي فيديوهات صانع المحتوى والفنان المقاوم علي نسمان، بطريقته الكوميدية المعهودة، والتي كانت تميزه من بين كل صُنّاع المحتوى والصحفيين والمصورين المتخصصين في تسليط الضوء على جرائم عصابات الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني البطل، وكانت سخريته قد أزعجت عصابات الاحتلال في أكثر من موضع، ذلك لأنها نوعًا من السخرية التي تستهدف ضرب وهم الديناصور الصهيوني الذي يروّج له الإعلام الموالي للصهيونية، كان علي نسمان يستعرض يجوب الشوارع في غزة يبث في أهلها روح السخرية من الاحتلال والتي هي نوعًا فولاذيًا من أنواع المقاومة .. وكانت سخرية “نسمان” من النوع الذي يُصَنَّف بالسخرية الخطيرة، ليست السخرية التي ترهق صاحبها وتفض غشاء عزيمته، ليست سخرية من النفس بقدر ما هي سخرية من الديناصور الذي يستخدم كل الأساليب لتخويف الناس والتضخيم من قدراته – وهو الأجوف من داخله- وهي السخرية التي تجعل استهداف شخص كـ علي نسمان شغلًا شاغلًا لعصابات الاحتلال الصهيوني.
في واحدة من فيديوهات “نسمان” الشهيرة، كان يسخر فيها من “الزنانة” الصهيونية، والزنانة هي طائرة مراقبة تطوف في سماء قطاع غزة 24 ساعة في اليوم، تراقب النملة كما يقول سُكّان القطاع، وكان “نسمان” يقول دائمًا أن ألف زنانة لا تخيف رجل سبق وأن استغنى عن روحه دفاعًا عن حقّه في أراضيه، وجعل يخرج لسانه للزنانة، حتى إن هناك من ركب معه موجة السخرية، وأصبح صوت الزنانة كرنة التليفون الساخرة، يمكنك الضحك بسببها لا الخوف منها، وكذا كان يطوف الرجل الشوارع يداعب عفريت الخوف في النفوس ويستبدله بقراجوز قادر على أن يفقد أي معنى مخيف معناه، وكان “نسمان” قد وصل لمرحلة من الاحترافية في هذا النوع من المحتوى حتى إنه جعل يمشي أثناء القصف الأخير على قطاع غزة ويشد على ما زرعه داخل نفوس أهل القطاع من استهانة أو بالعامية (هلفتة) لأدوات عصابات الكيان الصهيوني سواء أكانت سلاح أو إعلام أو ما غيرها من أدوات استعمارية تستخدمها العصابات لفرض سياسة الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني البطل.
وكان “نسمان” فنانًا كبيرًا بالمناسبة، يملك من أدوات التمثيل ما يجعله فنان عربي تشير له الأقلام الصحفية والكاميرات مرتديًا الشال الفلسطيني، باكيًا أثناء التكريم في المهرجانات، وهي الصورة التي يعشقها عصابات الاحتلال ومطبّعينه، هذا الرجل المنهزم الذي يزرف دموعه كلما جاءت سيرة فلسطين .. لكن صاحبنا علي نسمان آثر ألا يكون هذا الرجل، ورسم بموهبته صورة قوية للمقاومة الفلسطينية وشارك في مسلسلات تدعم المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، ومن ضمن أشهر هذه الأعمال : شارة نصر جلبوع، ومسلسل بوابة السماء، ومسلسل الروح .. وكان آخر مشاهد حياة الفنان المقاوم أو المقاوم الفنان عندما ارتقى إلى السماء بصحبة الأطفال، والنساء، والشيوخ، ورجال المقاومة، والطيور، وأشجار الزيتون، إلى السماء، ربما هو الآن واقف بينهم وينظر من فوق ويسخر من هؤلاء الذين ظنوا أنهم قتلوه!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال