“الصلاة على النبي في مصر” تريند قديم جديد يثير الجدل من سنة 1917م
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
فتحت الصلاة على النبي في مصر بابًا جديدًا من أبواب التريند بعد صدور قرار وزير الأوقاف محمد مختار جمعة بأن تعمم تجربة الصلاة على النبي في ذكر جماعي بعد أداء صلاة الجماعة لمدة 5 دقائق.
اقرأ أيضًا
“وثائق مرحلة منسية” مجالس القراءة الصوفية بالمسجد النبوي .. أسستها مصر قبل سيطرة الوهابية
لم يكد يمر وقت على إعلان هذا القرار حتى عجت مواقع التواصل الاجتماعي بتحليله وفتحت جدلاً بين الصوفية والسلفية حول الوضع الشرعي للقرار، في تطور جديد لشكل ردود الأفعال مع الصلاة على النبي في مصر.
صلعم .. بداية التريند قبل النت
قبل زمن الانترنت كانت الصلاة على النبي في الصحافة المصرية (المدنية) يتم اختصارها إلى كلمة (صلعم) فالصاد لكلمة صلى، واللام للفظ الجلالة والعين لكلمة عليه والميم لكلمة وسلم.
ولعل النموذج على ذلك الخبر الصحفي الذي نشرته مجلة اللطائف المصورة عام 1917م عن الشريف حسين وأسرته[1]، وقد بقي الاختصار قائمًا والسؤال عنه دائرًا حتى قبل 3 سنوات من الآن، واتفق كل العلماء على عدم جواز الاختصار بصلعم أو حتى حرف الصاد وذلك لأن فيه إساءة أدب مع النبي.[2]
هل صليت على النبي اليوم ؟
كانت التطور الأكبر لحال الصلاة على النبي في مصر خلال يونيو سنة 2014م، عندما أثارت وزارة الداخلية جدلاً بصدور قرار يحظر تعليق لافتة «هل صليت على النبي اليوم» سواءًا في الأماكن العامة وأعمدة الطرقات وكذا السيارات وغيرها من وسائل النقل، مع توقيع غرامة تبدأ بـ 100ج وتصل إلى 500ج قابلة للزيادة في حال تكرار المخالفة.[3]
كانت وجهة النظر أن اللافتة تثير مشاعر طائفية في وقت مشحون بحالة الاستقطاب السياسي الحاد الذي شهدته مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013م، لكن مما أدى لتفاقم الغضب هو دخول وزارة الأوقاف على الخط وقولها بأن الملصق يدعو للريبة والشك لأنه انتشر بكثافة مما يدعو للدهشة والريبة وراءه أناس غير معروفين وأغلب الظن أن لهم أهداف سياسية، وهو الشيء الذي لم يقبل به علماء آخرون.[4]
مع التغطية العالمية لواقعة ملصق هل صليت على النبي اليوم والتي دامت أسبوعًا، مات الكلام فيها فصار ذكرى ولا يدري أحد حتى الآن كيف انتهى الكلام فيها سريعًا في الأوساط الإعلامية أو على مواقع التواصل الاجتماعي.
الصلاة على النبي جماعةً
جدد قرار وزارة الأوقاف بأن تكون الصلاة على النبي في مصر جماعة بعد أداة صلاة الجمعة، الخلاف القديم بين المدرسة السلفية والمدرسة الصوفية حول البدعية والمشروعية.
فنشطاء السلفية عبر مواقع التواصل الاجتماعي رأوا أن الصلاة على النبي جماعةً هو بدعة محضة لأنها لم ترد عن النبي والصحابة ولجأوا في ذلك لفتوى عبدالعزيز بن باز في البرنامج الإذاعي نور على الدرب[5]، كذلك فتوى صالح الفوزان التي لا تجيز ذلك.[6]
فيما رفض الصوفية الاقتناع بذلك لأنها ونشرت دار الافتاء فتوى حللت فيها الدعاوى السلفية حول بدعية الصلاة الجماعية وفندتها وردت عليها، وهو الشيء الذي لقي تأييدًا لدى الأكثرية ورفضًا من عددٍ لا بأس به.
إيجابية ما حدث
تثبت تجربة التعليقات الموجودة على صفحة دار الافتاء المصرية أن هناك مأزقًا حادًّا تقع فيه الثقافة الدينية المصرية على المستوى الشبابي والشعبي وهو تأثرهم بالنزعة السلفية التي أقنعتهم أن الصلاة على النبي في تكبيرات العيد بدعة، بالتالي فهم مقتنعين أن الصلاة على النبي جماعةً بدعة، وتلك ليست قسوة أو عمى قلب كما يرى بعض الصوفية أو أغلبهم، بقدر أنها أزمة جهل ستحتاج إلى وقت لكي تزول، لكن ينبغي أن يكون هناك تكثيف إعلامي ينافس التطور السلفي في التأثير والانتشار.
[1] محرر، جلالة ملك الحجاز، مجلة اللطائف المصورة، عدد 108، يوم 5 مارس 1917م، ص12
[2] إسماعيل رفعت، علماء ينتقدون اختصار الصلاة على النبى بـ”ص” و”صلعم”، موقع اليوم السابع، 29 أكتوبر 2020م.
[3] معتز نادي، «هل صليت على النبي اليوم؟».. ملصق تطارده «الداخلية» بـ«الغرامة»، موقع المصري اليوم، 16 يونيو 2014م.
[4] حسني كمال، ردًا على ملصق “هل صليت على النبى اليوم؟”.. علماء بالأزهر: يجب إزالته فورًا.. وآخرون: ما الضرر من لافتة؟، موقع جريدة الأهرام، 22 يونيو 2014م.
[5] عبدالعزيز بن باز، حكم الاجتماع للصلاة على النبي بصوت مرتفع، برنامج نور على الدرب، موقع بن باز
[6] حمود بن عبدالله المطر، عبدالكريم بن صالح المقرن، مجموع فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، ط/1، دار بن خزيمة، الرياض، 1424هـ / 2003م، ص679.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال