العلمانية هي الحل 05) العلمانية مافيهاش أختي كاميليا
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ملخص ما نُشر
أول حلقة تعريف العلمانية.. بعيد عن الهبد والتدليس.
التانية تأكيد على أزمة الدين مع الحداثة.
التالتة شرح أزاي التدين بيوقف الحال.
الرابعة توضيح علاقة التدين بالتخلف العلمي.
الحلقة دي هنستعرض جانب من الأزمات المجتمعية الناتجة عن الخطاب الديني وصداه في القوانين، هنشوف أزاي مجتمعنا مبني على قواعد جعلت “أحوالنا الشخصية” مرتبكة ومعقدة وفي أحيان كتير بائسة، بسبب أنها مبنية على قواعد قديمة الأزل مالهاش أي علاقة بتفاصيل عصرنا.
أزمات أختي كاميليا
سِت مش طايقة جوزها نتيجة ضرب.. جلافة.. عدم توافق.. بُخل.. غباء.. إدمان.. عدم إنسجام أو حتى عجز جنسي.. إلخ. تقابل حد تاني يقدم الصورة المفقودة فتنجذب له.. قصة قصيرة حزينة بتتكرر كتير جدًا.
بس لما تكون “السِت” مسيحية و”الحد التاني” مسلم بيبقى سلام المجتمع المحيط كله ع المحك، السِت دي ممكن لما تلاقي نفسها بين مطرقة استحالة العِشرة وسندان القواعد الكنسية تضرب كرسي في الكلوب وتِسّلَم.. وتبدء تستعد للجواز من الحد التاني.
هنا أهلها هيتدخلوا (زي كل أهل في مجتمعنا).. وكعادة الأسر المسيحية يجيبوا “أب الاعتراف” بتاعها أو أي من قيادات الكنيسة عشان يقعد معاها ويحاول يقنعها ترجع.
همه هنا بيعملوا تصرف “طبيعي” ناحية بنتهم اللي رايحة “للجحيم” برجليها، من وجهة نظرهم، بس الناحية التانية فيه جوز أو خطيب مُسلم عايز السِت اللي شِبه ضمن الجنة على حِسها، وواقف في ضهره “ناس” ساعدوه في الإجراءات وعارفين القصة، فخلاص كلهم سوا عايزين أختهم وفاء أو كاميليا أو عبير أو.. أو..
دستور يا أسيادنا
ينص الدستور المصري في مادته رقم 10 أن “الأسرة” هي وحدة “أساس المجتمع”، ورغم خلافي الكبير مع التعريف ده، بس أكيد متفق على أهمية الأسرة في المجتمع.. فتعالوا نشوف سوا أزاي عندنا كارثة في بناء الأسر، بسبب إنها مبنية على قواعد دينية.. وارد جدا تكون كانت مفيدة في زمنها لمجتمعاتها، لكن الأكيد إنها غير صالحة هنا والآن (بعد ما ميسي كسب المونديال).
الجواز
الشكل الوحيد المتاح حدانا عشان واحد وواحدة يعيشوا تحت سقف واحد هو الجواز، فمافيش أي مساحة لتكوين أسرة زي بتاعت الثنائي (ميسي – أنتونيلا) اللي اتجوزوا بعد حوالي 10 سنين عاشوا فيهم مع بعض وعيالهم حضروا فرحهم، أو (كرستيانو – جورجينا) اللي عندهم أورطة عيال ولسه ماتجوزوش لدلوقتي.
سبب عدم الاتاحة هو قوانينا المتدينة، فلو ثنائي منهم عايش هنا حياتهم كانت هتدمر مع أول عيل، لإنهم ببساطة مش هيعرفوا يسجلوه في مكتب الصحة.
يجوز نسبة الجواز حدانا مرتفعة عن أوروبا والدول المتقدمة، لكن معدلات الطلاق والبيوت الخربانة فلكية.
خلينا نقول إنه تمام وهنتجوز.. هنا فورًا ينط رجال الدين ويسيطروا ع المشهد ويُملو شروطهم الصارمة:
-
هل دين ومذهب الزوجين زي بعض؟
لازم يكونوا زي بعض ولو ورقيًا، أو يكون الزوج مسلم، غير كده مافيش جواز هيتم.
لو الراجل مسلم والسِت مسيحية مافيش كنيسة هتوافق تتمم الجوازة، والدفاتر معاهم ومالهاش بديل. ولو كتبوا عند مأذون السِت هتخسر كنيستها ومش هتعرف تروح تمارس طقوسها الدينية براحتها تاني أبدًا.
نفس الأزمة لو الأتنين مسيحيين بس المِلة مختلفة، فالكنيسة اللي هيسجلوا فيها التانية هتتقمص والطرف التابع ليها هيعيش منبوذ بقية حياته، ودي غالبًا بتكون الكنيسة الأرثوذوكسية (الطايفة الأكتر أنتشارًا في مصر).
أما لو الراجل مسيحي والسِت مسلمة فيهاجروا أسهل، لأن لا فيه مأذون هيوافق ولا كنيسة هتجروء تجوزهم.
-
قواعد عقد الجواز الديني
طب تمام، الإتنين دينهم واحد أو حد فيهم خاض المغامرة وغير دينه، أسلم يعني.. لأن حرية العقيدة حدانا One way. في الحالة دي أصبحوا ملزمين ببنود عقد همه الأتنين “بنسبة كبيرة” ماحطوهاش. لو مسيحيين “أرثوذكس” يبقى مافيش طلاق، ولو مسلمين يبقى ده عقد -لا مؤاخذة- نكاح.
عقد الجواز الديني منتهي الصلاحية
قواعد وبنود عقد الجواز “الديني” مسلم أو مسيحي محطوطة من زمان أوي ولمجتمعات تانية أساسًا، والتعديل فيها بيتم بصعوبة شديدة جدًا.. لأن مطالب التغيير بتصطدم بكهنوت متصلب الرأي، لإنه بيتعامل مع منظومة الدين كوحدة واحدة.. لو فرط في واحدة منها تبقى كلها هتفرط. ومافيش حد معاه سلطة بالشكل ده وهيفرط فيها بسهولة. خلونا نخش في التفاصيل، ونبدء بالجواز الكنسي (الأرثوذكسي تحديدا).
المجلس الملي وشروط الطلاق
الطلاق في الجواز المسيحي (الأرثوذوكسي) كان له شروط محددة حطها المجلس الملي، لما من قيمة 90 سنة أمر بتشكيله الخديوي توفيق (1852 – 1892)، وأعضاءه استنبطوا الشروط دي من عدة كتابات أهمها قانون الكنيسة القبطية، اللي كتبه رئيس الكنيسة المرقسية السابق الإيغومانس فيلوثاؤس (1837 – 1903).
وجاءت الشروط كما يلي: “الزنا”، تغيير الدين، الجنون، المرض الذي يجعل صاحبه يؤذي الآخرين، “الاعتداء الجسدي”، فساد الأخلاق والانغماس في الرذيلة، إساءة المعاشرة والإخلال بالواجبات، الغياب 7 سنين متتالية، “السجن”، الرهبنة.
البابا شنودة عدو الطلاق
الوضع بعد كده أتغير للتضييق أكتر على الطلاق، وكان البابا شنودة (1923 – 2012) واحد من أبطال ملحمة صراع الكنيسة مع الدولة والوصول بـ”شعب الكنيسة” لوضعية (لا طلاق إلا لعلة الزنا). وأنا هنا مش بتكلم عن أي الرآيين أصح دينيًا، إنما اللي يهمني هو تقييم الوضع الحالي مدنيا بالنسبة للمواطنيين المصريين المسيحيين. أما اللي عايز يعرف الحدوتة دي بالتفصيل يدخل هنا.
أزمة اللا طلاق
“المساكنة” مرفوضة حدانا مجتمعيًا لدرجة وجود مضايقات رسمية بعضها مش قانوني، زي السؤال في لجنة (أنتوا إيه علاقتكم ببعض؟؟) وزي اشتراط القسيمة في الفنادق (للمصرين بس!)، ولأن الغالبية الكاسحة من البشر محتاجين يمارسوا الجنس بشكل هادي وأآمن.. تحول الجواز حدانا إلى إجراء لابد من أتخاذه، زي كده أتسخراج البطاقة الشخصية أو التجنيد الإجباري، بالتالي لسه منتشر حدانا “جواز الصالونات” وغيره من أشكال الجواز اللي طرفيها بيبدءوا يستكشفوا بعض بعد الجواز.
تعالوا نتخيل الوضع ده مع ناس ماعندهاش طلاق.. النتيجة هتكون إيه غير كوارث؟، كوارث مابنشوفش منها غير قمة جبل الجليد، قمة فيها ناس قليلة عندها القوة المجتمعية إنها تخوض معاركها (هالة صدقي نموذجًا) وأغلبها غلابة ومستضعفين مايعرفوش حتى يحوش عن نفسهم التلطيش والضرب اللي ممكن يفضي إلى الموت (ماري مجدي نموذجًا).
صحيح جوز ماري اتحكم عليه بالسجن، بس ده ماعدش مبرر للطلاق المشروط في دينها بالزنا، يعني فترة السجن مجرد نقاهة للسِت دي (واللي زيها) تاخد نفسه قبل ما ترجع للفزع ده تاني.
إزدواجية التشريع
السِت ماري مجدي (كنموذج) يحق لها “قانونًا” ترفع قضية وتثبت العنف اللي بيحصلها وتأخد حكم محكمة بتطليقها للضرر، بس كده هتدخل في مشكلة تانية مالهاش حل.. وهي إن الكنيسة مش هتعترف بالطلاق وهتفضل مسجلاها في دفاترها إنها زوجة “فلان”، بالتالي مستحيل تعرف تتجوز مرة تانية.
وضع شديد التعقيد حلوله محدودة جدًا.. وكلها مش سهلة أبدًا:
- تلبس حزام العفة.
- تقضيها عط.
- تلاقي حد تاني ظروفه شبهها ويتجوزوا عرفي.
- تغير مِلة.. وبكده تحصل على الطلاق من الكنيسة.
والحل الأخراني ده فيه مشكلة مجتمعية مش قليلة، زي كده حد سُني يعلن إنه بقى شيعي أو العكس، بالإضافة لمشكلة مادية كبيرة.. لإنه بيحتاج مبالغ ضخمة بتندفع للكنيسة صاحبة المِلة الجديدة في صورة “رسوم”.
عقد النكاح
الوضع في الإسلام صحيح أحسن بكتير، حيث إن فيه طلاق وشرط حق الزوجة في تطليق نفسها كمان بقى فيه خُلع، ومؤخرًا بقى فيه شروط (بالتراضي بين الطرفين) ينفع تثُبت في القسيمة، لو تم الإخلال بيها يحق للمتضرر فسخ العقد، بس برضه الأمر مابيخلاش من مشاكل ضخمة.
مبدئيا كده التسهيلات دي كلها حصلت بحكم إنه دين الأغلبية والمتضررين أكتر.. فمشاكلهم أوضح. ورغم كده الموضوع احتاج سنين طويلة من الصويت والخناق وحوادث الانتحار وجرايم القتل والأعمال الدرامية.
لكن يظل صُلب مفهوم العقد فيه أزمات تانية زي: (حق الزوج في التعدد، حق الزوج منفردًا في التطليق، الطلاق الشفاهي، الطلاق الغيبي، العنف الزوجي.. إلخ).
ده غير الاغتصاب الزوجي، اللي شبه مستحيل التعامل معاه في ظِل عقد هو في تعريفه الفقهي يعتبر اتفاق بين طرفيه على حق الطرف الأول “الزوج” في الانتفاع بجسد الطرف التاني “الزوجة”… مقابل المهر اللي دفع جزء منه مقدم صداق والجزء التاني مؤخر صداق، وتقدروا ترجعوا بالتفصيل للنقطة دي في مقال سابق بعنوان الإسلام مافهوش اغتصاب زوجي.
والنقطة دي تحديدًا بجانب آية (وآضربوهن) معطلة صدور أي قانون صريح يجرم العنف الزوجي، بالشومة كان أو فرشة السنان.
ألغام مجتمعية
الجواز حدانا يكاد يكون منطقة ملغومة من الصعب جدًا الدخول والخروج منها بلا خساير.. بعضها كارثي. دهب وقايمة ونايمة ومؤخر وهيصة.. ده بالنسبة للراجل.
وبالنسبة للسِت فبلتبس وصم مجتمعي بيترتب عليه وصاية مباشرة وغير مباشرة من الأهل والجيران وزمايل الشغل وبواب العمارة وطابور طويل من البشر بيوصل لغاية زباين القهوة اللي على ناصية الشارع.
أما بقى لو فيه أولاد فهندخل دوامة معارك ع الحضانة والرؤية ومصاريف التعليم والولاية التعليمية والسفر و.. و..، واللي يحب يتابع باستفاضة عناوين محكمة الأسرة ماتتوهش.
جواز ده ولا كسر عين
بس للأمانة لازم نشاور على دور الخطاب الديني (بفرعيه) في تشكيل رؤية مشوهة للعلاقة الزوجية، إن كان برسم الزوجة كطرف أدنى في العلاقة. طرف مسؤول عن أخطاءه.. ويلام كمان على أخطاء الطرف التاني، حتى لو أخطاء الطرف التاني دي وصلت إلى “علة الزنا”.
رؤية للعلاقة الزوجية فيها مساحة كبيرة من الانحطاط، زي أن الزوجة “مصرف” جنسي يستخدمه الزوج وقت الحاجة، وأنها ماتعترضش لو شتمها أو ضربها لإنه خلاص شاف عورتها.
رؤية “ذكورية” بتتغاضى طبعًا عن إن الزوجة كمان شافت عورة جوزها عادي، يعني بنفس المنطق هو كمان مايعترضش لو شتمته أو ضربته، وتبقى أسرة مهزءة في بعضيها.
تل من المشاكل، بعضها بيحط المجتمع كله في خطر “الاقتتال الأهلي”، كلها ينفع تبقى مش موجودة لو طبقنا العلمانية وأعتمدنا “الجواز المدني”.. اللي مابيمنعش تنفيذ الطقوس الدينية للي عايز يعملها.
هاقفل الحلقة دي هنا، والحلقة الجاية هنكمل في الجانب المجتمعي برضه.. بس بخصوص نقطة تانية مهمة.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال