الفول النابت من أيام المصريين القدماء وحتى نسيانه
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أقع في قاع النوستالجيا الغذائية هذه الأيام. أتذكر أكلات جدتي زينب السكندرية الأصيلة -رحمها الله- بعد صلاة الجمعة وأحاول استرجاع مذاق طعامها معتمدة على ذاكرتي.
صينية الفراخ بالبطاطس التي كانت أشهى صينية بطاطس أكلتها بحياتي، ولم تعتمد على السبعة بهارات أو الثوم والبصل البودرة، ولا أعلم حتى الآن كيف كانت الجدات لديهن نفس خاص بالطبيخ بالملح والفلفل فقط.
من لطف الله أن الحاج محمود سيف أبي ابن زينب ورث نفسها في الطبيخ، فأصبح يطبخ لنا على طريقة أمه، فيما يفنن أحيانا ىبشكل حديث بمساعدة برنامج الشيف علاء الشربيني.
ومن الأكلات القديمة التي يطبخها من حين إلى آخر بمزاج عالٍ؛ حساء الفول النابت.
نصف كيلو من الفول النابت
رأس حلوة من الثوم
ملح،فلفل،كمون
قرن فلفل حامي يحرق لسانك حتى يظهر لك صاحب
ليمون
بصلة
لتر من الماء
ملعقة من الزيت
كان يغلي أبي الماء ويضع معه البصلة مقطعة ثم يضيف التوابل والفول حتى يغلي وتتحول المكونات إلى حساء، وفي طاسة منفصلة كان يضع الثوم ويحمره في الزيت ثم يضيف إليه الليمون ويضع هذه الخلطة التي تشبه (طشة الملوخية) إلى حساء الفول النابت.
كان يعتقد هو وجدتي أن هذا الحساء يقهر نزلات الحمى والأنفلونزا في الشتاء، وتصبح هذه الأكلة عظيمة مع الخبز المحمص في كل وقت وحين.
وبعد بحث خلف موضوع اعتقاد أبي وجدتي في نقع هذا الفول، عرفت أن هذا التمسك به أصله من أجدادنا قدماء المصريين.
أقرأ أيضا..اسكندرية بتقول سدق يا ترى هي سدق ولا سجق؟
حكاية المصريين القدماء مع الفول
كنا تحدثنا عن تقديس المصري القديم للجعران ولبعض الحيوانات وتحنيطها ورموز كثيرة، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن المصري القديم كان يقدر الفول، ربما لذلك إلى الآن هو أشهر أكلة شعبية، وربما تمسك به المصري القديم والحديث لأنه كالبطاطس (طيب) يستطيع التأقلم مع الصلصة أو الطحينة أو بالليمون أو حساء وأيضا مع البيض والبسطرمة والسجق، فالفول لا يقول لا أبدا لأية إضافات.
وقد ذكر المصري القديم الفول في بردياته، ولكنه استخدمه في البداية كعلف للحيوانات، حيث كان علف جيدا، ثم بعد ذلك استخدمه كطعام وقت احتلال الهكسوس مصر، وقد عاني المصريون القدماء الفقر قي هذا الوقت واستخدموا الفول كبديل للحوم.
ولم يعرف المصري القديم في البداية كيف يقوم بطبخ الفول، فقام بوضعه بإناء فخاري مع الماء ودفنه بالرمال الساخنة حتى تكتمل عملية (تدميسه)
أما عن علاقة المصريين القدماء بالفول النابت، فقد كان الملوك يحتكرون أكل حسائه اعتقادًا منهم أنه يشفي من المرض واقتناعهم بفوائده الصحية.
أقرأ أيضا..هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى؟…الباحث إسلام جمال يرد
يمكننا قول أنه كان كعش الغراب الآن كبديل للحوم، وكان غالي الثمن ولا يقدر على ثمنه الفقراء حتى تغير مع الزمن سعره وقيمته لدى المصريين.
ولكن كانت أكلة المصري القديم الشعبية المتعارف عليها بعيدا عن الفول النابت أو الفول؛ الجبن والسمك. وبأكثر من جدارية ترى المصري القديم مرسومًا يصطاد السمك.
يبدو أن المصريين القدماء أثروا في عاداتنا حتى الآن، على الرغم من أن هذه الأكلة لم تعد بنفس الشهرة، إلا أنني على يقين أنني مثل الكثيرين الذين تأثروا بأكلات جداتهم، مازالوا يشتهون هذه الأكلة وأكلات أخرى لها تاريخ أو لم يكن لها تاريخ نفتقد فيها نفس الجدات.
من المصادر
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال