رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
569   مشاهدة  

القوى الناعمة الحائرة بين موسم الرياض ومهرجان الموسيقى العربية

موسم الرياض
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



 لا أعرف هل كان مقصودًا أن يكون حفل افتتاح مهرجان الموسيقى العربية متزامنًا مع موسم الرياض في السعودية، ام التواريخ كانت محددة مسبقًا ولا مجال للتأجيل؟ سنفترض حسن النوايا وعدم وجود نية مبيتة تقضي غياب العديد من الموسيقيين المهمين عن حفل الافتتاح, لكن لماذا لم يتم التنسيق معهم للحضور خصوصًا أن من ضمن برنامج الحفل تكريم الموسيقار الراحل “عبده داغر” الذي يعتبر الأستاذ والمعلم الأول لأغلب هؤلاء الموسيقيين، وكان سببًا مباشرًا فيما وصلوا إليه من تمكن في أصول العزف وإلمام بالمقامات الموسيقية والتأليف الموسيقي.

القائمين على حفل الافتتاح ردودا العديد من الشعارات الرنانة والكلام الأجوف حول ريادة مصر وقوة مصر الناعمة ولم يلتفتوا إلي أن من قام بعزف مؤلفات الراحل مجموعة من العازفين المغمورين خريجي معهد الكونسرفتوار المهتم بالدراسة الغربية القحة، ولم نجد فرقة الموسيقى العربية التي كان داغر أحد مؤسسيها مع المايسترو عبد الحليم نويرة، وهو ما تسبب في خروج المقطوعات بصورة غير مرضية لمحبي الفنان الراحل، رغم أن من قام بوضع التوزيع الموسيقي لها هو ابنه المايسترو “خالد داغر” وكان أولي أن يقوم بها أمير عبد المجيد مثلًا بصفته أحد تلاميذ الراحل وله تجربة سابقة في توزيع مؤلفاته في ألبوم “مشوار” لكن يبدو أنه لم توجه له الدعوة أو كان منشغلًا بقيادة فرقة أحد المطربين الكبار في الخليج ضمن فعاليات موسم الرياض.

قوة مصر الناعمة أم قوة من؟

قبل حفل الافتتاح بأيام قليلة نشر تركي اّل شيخ على صفحته الشخصية على موقع الفيس بوك، قائمة طويلة بأسماء العازفين المشاركين في موسم الرياض، تلك القائمة التي ضمت أسماء كبيرة جدًا في الموسيقى المصرية، ولك أن تتخيل أن من سيقود الفرق الموسيقية أسماء ثقيلة التوزيع والتأليف الموسيقي مثل “أمير عبد المجيد” و”وليد فايد” و”مدحت خميس” وأعضاء فرق الوتريات أسماء بحجم “رضا رجب” و”يحيي الموجي” و”حسن شرارة”و”محمد عاطف إمام”ضيف عليهم “ماجد سرور” قانون و”رضا بدير” ناي و”محمود بدير” كيبورد و”إسلام القصبجي” عود وهي الأسماء التي  لا يستطيع أحد يجمعها ويدفع أجورها هنا في مصر، فأصبح من المنطقي أن يكون الأولى  هو الذهاب إلي موسم الرياض السخي ماديًا، ثم أن وجدوا متسعًا من الوقت لا مانع من الاشتراك في مهرجان الموسيقي العربية وهو ماحدث مع بعضهم بالفعل حتى لا يتهمنا أحد بالتجني عليهم.

لكن تلك القوة الناعمة التي نتباهى بها أصبحت واجهة وقوة ناعمة لدول أخرى لها الأولوية عن بلدنا، ولم استعجب عندما اشتكى لي أحد الموسيقيين الكبار أنه لم يستطع الوصول إلي بعض العازفين لإقامة حفل لمؤلفاته  في دار الأوبرا لأنهم منشغلين أغلب الوقت بالعزف خارج البلاد، أو عدم حضور فنان سينمائي شهير لمهرجان القاهرة الدولي السينمائي في الوقت الذي كان حاضرًا في مهرجان البحر الأحمر.

اقرأ أيضًا

عمرو مصطفى ومحمد يحيي كفاية رخص بقا

صدفة أم حملة ممنهجة؟

دعونا نعود للوراء قليلًا تحديدًا منذ عامين حيث استضاف المذيع المصري “عمرو أديب” في برنامجه الحكاية؛ عددًا ضخمًا من الموسيقيين المصريين على رأسهم المايسترو أمير عبد المجيد وعازف العود الدكتور ممدوح الجبالي،وكان محور الحديث عن العديد من المشروعات الفنية تحت إشراف ورعاية تركي اّل شيخ رئيس هيئة الترفيه في السعودية، ثم أعلن عن إنشاء معهد للموسيقى العربية داخل الأراضي السعودية لتعليم وتخريج أجيال جديدة تتقن أصول الموسيقى الشرقية.

YouTube player

هذه الحلقة كانت تحت رعاية تركي اّل شيخ المسئول عن فضائية أم بي سي مصر، وللأسف أصبح هو الوحيد القادر على جمع تلك الكوكبة الضخمة جدًا من العازفين المهرة ذات الأسماء الرنانة في حلقة واحدة، والحلقة كانت مجرد دعايا وتلميع لأنشطته لكن هل وراء الأمر نوايا خبيثة لتجريف الحياة الغنائية المصرية وسحب رموزها الفنية خارج البلاد، وأين دور الدولة في تطوير معاهدنا الموسيقية في ظل هبوط مستوى العازفين والخريجين بعد خروج الاساتذة الأجانب منها توفيرًا للنفقات وخروج رموزنا الفنية التي لهثت خلف من يرعاها بسخاء مادي ويترك لها إدارة المشاريع الفنية دون تدخلات بيروقراطية أو سن قوانين تقيد عملهم.

هذه الأمور تثير شجون كثيرة حول قوتنا الناعمة في ظل الاحتفاء بالطفلة الموهوبة مريم أبو زهرة التي وقفت تعزف بمستوى مبهر على أحد أهم مسارح روسيا وسط فطاحل الموسيقيين في العالم، وفازت بالمرتبة الثانية في المسابقة الدولية التلفزيونية “كسارة البندق” المقامة في موسكو، والمفاجأة أنها لم تدرس الموسيقى في مصر نهائيًا بل هي مقيمة في النمسا أصلًا، وبدل من أن يتفرغ إعلامنا للحديث عنها ويطرح تساؤلات لماذا لا نمتلك مئة عازفة في نفس مستواها، نجده منشغلًا بأصداء طلاق شيرين وحسام حبيب يحتفي بصاحب مهرجان شيماء والصراع الدائر بين هاني شاكر ومطربي المهرجانات. 

إقرأ أيضا
البيتلز

من المتسبب في الأزمة؟

من حين لأخر يكثر الكلام عن أزمة الأغنية المصرية واحتلال المهرجانات للمشهد الغنائي المصري، في الوقت الذي يحاول البعض لي ذراع الحقيقة بأن تلك الظاهرة لا تعيب الوطن في شئ وأن الأصل في الفن هو الإباحة وليس المنع، دون أن يقف أحد ليبحث ويفند أسباب انهيار ذائقة المستمع المصري، وأين دور الدولة في تبني المواهب الحقيقية التي تبحث عن نصف فرصة ولا تجدها، في ظل أن سوق الموسيقى يسير خلف نغمة واحدة فقط وأي نغمة مغايرة لن تجد متسعًا من الشهرة والأضواء، وكل ما يقال عن أن حفلات الموسيقى العربية ممتلئة عن أخرها وأن الجمهور المصري يملك الوعي ويبحث عن الجيد ويلفظ الردئ هو بمثابة دفن الرأس في الرمال والتعامي عن رؤية الحقيقة التي تقول أن أهم موسيقيين ومؤلفين مصر يمارسون نشاطهم الحقيقي في التأليف والإبداع الموسيقي الحقيقي خارج مصر، حيث يشعر بقيمته كفنان حقيقي قادر على ممارسته مهنته باحترافية وفي نفس الوقت يحقق لنفسه أشباع مادي لذا لا يمكن إلقاء اللوم عليهم لأنهم لو ظلوا هنا سيصبحون بلا عمل تقريبًا في ظل انهيار صناعة الموسيقى على مستوى الإنتاج وحتى شكل الموسيقى التي أصبحت تعتمد على اللوبات والأصوات الإليكترونية و قلما ما نجد صولو لاّلة موسيقية في أغنية حتي مع نجوم الصف الأول لدينا.

قبل أن يتهمنا أحد بأننا لا نرى سوى نصف الكوب الفارغ، وأن الدولة تحافظ على الفن المصري وريادته بدليل أقامتها حفلان هامان حفل نقل المومياوات وحفل افتتاح طريق الكباش، لكن ماذا فعلت الدولة بعد ذلك؟ ، هل تدخلت لاستقطاب قوتها الناعمة لإقامة مهرجان فني ضخم يقام صيفًا بدلًا من حفلات الساحل والعلمين التي يقتصر حضورها على طبقة معينة من المجتمع، رغم أنها تمتلك أغلب القنوات الفضائية وتستحوذ على شركات الإنتاج، فلماذا لا تخصص جزء من ميزانيتها الضخمة لإنتاج الموسيقى بدلًا اقتصارها على الدراما وبرامج المنوعات وأين دور وزارة الثقافة ودار الأوبرا في الخروج إلي ربوع مصر كلها بدلًا اقتصار المهرجانات على مهرجان الموسيقى العربية و محكى القلعة داخل القاهرة فقط، كلها اسئلة نبحث عن إجابات لها قبل أن نفيق على كارثة أننا لم نعد نمتلك الريادة سوى في الكلام فقط. 

الكاتب

  • موسم الرياض محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان