الكبير 8.. بالله عليكم لا تقتلوا الكوميديا

ما الذي يقتل الكوميديا؟ في رأيي الكوميديا هي أكثر أنواع الدراما تعقيدًا وحساسية، فالتراجيديا على سبيل المثال تخاطب عاطفة الجمهور ومشاعرهم في المقام الأول قبل العقل والإدراك، بينما تعتمد الكوميديا على عقل المتلقي والثقافة المشتركة بين الجمهور بشكل ذكي وسريع وبسيط، لأن الكوميديا فن يعتمد في تكوينه الرئيسي على المفارقة مهما كان نوعها المفارقة هي عصب الكوميديا، ولكن على الرغم من المفارقات الكثيرة في تكوين “عالم الكبير” يقع الكبير 8 في فخ قاتل للكوميديا وهو الرتابة.

اقرأ أيضًا 
الكبير 8 .. والكوميديا المنسية

من أهم عوامل نجاح الكوميديا هي السرعة، السرعة التولد غزارة في المواقف واستغلال أمثل للمفارقات في إطار مواقفها، ولكن الكبير في الجزء الثامن تنازل طواعية عن السرعة واختار البطء، وهذا هو التفسير الوحيد لاعتماد كتاب مسلسل الكبير 8 على المشاهد الحوارية الطويلة، لأنهم في رأيي يعيدوا إنتاج كوميديا الاسكتشات، لا كوميديا سيت كوم مثلما كان.

• الاسكتش هو الرسم التقريبي السريع، وفي المسرح يقال على موقف سريع بديكور واحد فيه مجموعة من الممثلين، يتبادلون الحوار حول الموقف –

وبهذا يكون الكبير 8 هو عبارة عن مجموعة من الاسكتشات الطويلة في ديكور واحد ولكن هذه المرة على التلفزيون بدلا من المسرح، راجع الخمس حلقات الأولى من مسلسل الكبير 8 واحسب عدد المشاهد في كل حلقة، صدقًا لن تجد حلقة واحدة تتجاوز العشر مشاهد فقط لا غير، في سابقة ربما هي الأولى من نوعها في تاريخ الكوميديا سابقة سلبية.

اعتمد صناع الكبير 8 وعلى رأسهم أحمد الجندي المشرف على الكتابة، على قدرة الممثلين على إلقاء الإفيهات، وكسر إيحاء الحائط الرابع في بعض الجمل والإفيهات بشكل به الكثير من الذكاء، ولكن ببساطة هذه تقنيات لكتابة مسرحية لا درامية، الدراما لا تعتمد على الحوار بهذا الشكل الفج القاتل.

حينما تتجاوز مدة المشهد 5 دقائق ويكون المشهد هو عبارة عن تبادل إفيهات بين الممثلين الذين -بالمصادفة- لا يزيدون أبدا عن ثلاثة ممثلين في كل مشهد هذا ليس تكثيف للكوميديا لكنه ببساطة فقر إبداعي مخيف، وعملية قتل ممنهجة لعمل كوميديا تتوافر فيه العديد من عوامل النجاح.

إقرأ أيضا

يا سيادة محافظ الدقهلية افتكر إني قلتلك تقول لهيثم بلاش تصوير !

كل ما يحدث يدفعني لسؤال واحد.. لماذا أشرف أحمد الجندي على الكتابة؟ الجندي هو أحد أفضل مخرجين الكوميديا في مصر، بلا شك ولا جدال، بل يمكن أن أضعه – بضمير مرتاح – في أفضل خمسة مخرجين أعمال كوميدية في تاريخ الدراما المصرية سينما أو تلفزيون، ولكن الكتابة أمر أخر، أمر يتقنه صناعه ولا يتقنه الجندي على الإطلاق، وهذا واضح من مستوى الحلقات الخمس الأولى، لا مواقف لا تصاعد لا أحداث.. ولا كوميديا.