“الكتاب والشيخ” عملية التجسس التي أدخلت الحملة الفرنسية إلى مصر
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اتسم تاريخ مصر في السنوات التي قضتها الحملة الفرنسية بمصر بضخامة الأحداث وكثرتها، ومع كل هذه الأحداث يظهر أشخاص يثبتون للمدى البعيد أن الشخصيات التاريخية قسمين قسم دخل التاريخ من أوسع أبوابه وقسم دخل مزبلة التاريخ من أوسع صناديقه، ومن ضمن من دخل التاريخ من أوسع أبوابه، وحقيقة الحملة الفرنسية لم تكن فقط لكونها عسكرية، فقد كانت عسكريتها هي النتيجة الطبيعية لبدايتها كـ “عملية تجسس” تمت بمنتهى الاهتمام.
بدايات عملية التجسس كانت عن طريق كتاب “الترك والتتار” الذي كتبه البارون دي توت الضابط الفرنسي والمستشار العسكري لتركيا في الجيش العثماني سنة 1789 م، ولاقى الكتاب رواجًا عند الدول الاستعمارية ولفت نظرهم إلى ضرورة استخدام تفكك الدول العثمانية.
كان سان بريست سفير فرنسا في الآستانة من أحد الذي قرأوا الكتاب بعين استخباراتية، فألح على فرنسا بضرورة احتلال مصر، وبعد إلحاحه قوبل طلبه بالموافقة على أن يقوم بمهمة استخباراتية في مصر تكون شديدة السرية لمعرفة ثغور مصر وتفاصيل جغرافيتها.
أبحر بريست في سفينة ضمت علماء كان من بينهم سونيني وأبحروا بسفينة”أطلانط” ووصلت إلى رشيد واستقبله شيخ بلد مصر إبراهيم بك بفرقاطة اصطحبته من رشيد إلى القاهرة.
انضمام الشيخ إبراهيم بك، سهل على أعضاء العملية الأربعة “دتوت، سان بريست، سونيني،العميل لالون” تنفيذ خطتهم التي اقتضت التجسس على الثغور البحرية عن طريق عملاء فرنسا بالإسكندرية، ودراسة المجتمع المصري من الناحيتين العسكرية و السياسية، ونُفِّذت الخطة في 4 سنوات أدت في النهاية إلى موافقة البلاط الفرنسي على شن حملة عسكرية قام بها نابليون سنة 1798 م ، وانتهت سنة 1801 م.
مؤلف الكتاب الذي استندت عليه عملية التجسس كان البارون دي توت وهو ارستقراطي فرنسي من أصل مجري ومن مواليد عام 1733 م، وانتقل إلى إسطنبول في عام 1755 لتعلم اللغة الفرنسية ثم عمل مدة عشرة سنوات مبعوثا خاصا للسفارة الفرنسية في تركيا.
اتسعت شهرة دي توت فعمل مفتشا للمؤسسات التجارية الفرنسية المنتشرة بالشرق، وكان له الكثير من رحلات في الولايات العثمانية أثناء هذا العمل مثل مصر.
عقب إنهاء رحلاته ثم عاد إلى استطنبول بعد نهاية الحرب التركية الروسية عام 1774 حيث عينه السلطان مصطفى الثالث مستشاراً للاصلاحات العسكرية تم تكليفه بإنشاء فرقة مدفعية سريعة الطلقات تضم 250 جنديا وضابطا، وظل في تركيا حتى رحل لفرنسا سنة 1776 م، وبقي فيها إلى أن مات سنة 1797 م قبل الحملة الفرنسية بعام.
إقرأ أيضاً
“سايكس” و”بيكو” أحدهما نجل مؤرخ والآخر نُبِش قبره بسبب الأنفلونزا
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال