رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
252   مشاهدة  

المائدة المستديرة (1) كيف يرى السياسيون في السودان لقاء البرهان والحلو وتوقيع إعلان المبادئ (الحلقة الأولى)

المائدة المستديرة
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



المائدة المستديرة هي محاولة لخلق جلسات حوارية تخيلية بين أطراف كل موضوع محل للنقاش، حوار ليس الغرض منه بالأساس التواصل بين المتحاورين قدر ما تسعى لأن تجعل جمهور الحضور يرى رأي/رؤية كل طرف بشكل مجرد من أي مؤثرات إضافية لا فن خطابة يملكه طرف أو عيوب نطق تعرقل طرف.. لا إضاءة أو زوايا تصوير لها تأثير.. لا أفضلية لسرعة بديهة تسعف شخص ويفتقدها أخر، فقط كلمات مجردة.. أحرص جدًا على تسجيلها من كل الأطراف وأعرض عليهم بعد التفريغ والتحرير، ولا يتم نشر كلمة أي من المشاركين إلا بعد الحصول على موافقته على الصياغة النهائية، فلا يمسسها تعديل بعد ذلك بأي شكل من الأشكال.

اقرأ أيضًا 
نسور النيل .. تحالف مصالح وتدريب هام لحرب محتملة

مما لا شك فيه أن هذه الطريقة تعطل الأمور بعض الشئ، فيستحيل الإلحاق بالتريند.. لكنه أمر لا استهدفه أصلًا، فأنا مؤمن أن البشرية صارت تركض بسرعة أكبر من قدرتها على التوازن بكثير، فصرنا نفتقد الدقة في أدق وأهم تفاصيل حياتنا بدعوى أن هذا هو إيقاع العصر.. أي عصر هذا الذي نفقد القدرة على تنظيمه والعيش فيه حتى نجاري إيقاعه، على البشرية أن تفرض إيقاعها على منجزاتها وليس العكس.. ومن الواضح أن هذا الإيقاع لا يناسبنا، الحكم لا يحتاج أكثر من نظرة بسيطة على الأوضاع في العالم ككل وقارتنا بالأخص.

أحد الموضوعات الهامة التي تعيشها قارتنا الآن هو الوضع في السودان، أحد أكبر دول القارة من حيث المساحة ومن أكثرها ثراءً على جميع المستويات إلا الاقتصادي منها… للآسف.

تشهد رقعة السياسة السودانية -شديدة الحساسية والتعقيد- الكثير من التحركات خلال مرحلة ما بعد “الكيزان”، نظام الإنقاذ، بين الفريق عبد الفتاح البرهان ممثلًا عن مجلس السيادة والقائد عبد العزيز الحلو ممثلًا عن الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، على الأجندة الخاصة بإدارة ملف تحقيق السلام العادل في السودان.

فالوصول لسلام دائم مع أكبر فصائل الكفاح المسلح حجمًا وتأثيرًا في بلد أنهكته الحروب الأهلية، منذ استقلاله وحتى الآن، لأمر شديد الأهمية.. ما ظهر جليًا في شعار ثورة ديسمبر (حرية سلام وعدالة). ترقب كافة المحللين للوضع السوداني في الداخل أو الخارج توقيع إعلان المبادئ.. فكيف يرى السياسيين السودانيين هذه الخطوة وإلى أين يتوقعون أن تفضي؟ عديد وجهات النظر مطروحة في الشارع السياسي السوداني المزدحم.

كيانات سياسية عدة متنافسة درجة التناحر ومتقاربة حد الائتلاف.. أحزاب سياسية وحركات مسلحة.. سياسيون وثوار.. تحالفات واسعة وحركات منقسمة، كثيرة هي ومتنوعة مكونات الشارع السياسي السوداني، سأسعى خلال حواري هذا الوصول لإجابات عدد من متبني وممثلي وجهات نظر مختلفة.. وهم حسب الترتيب الأبجدي:

أ. أسامة عبد الرحمن – مدير مركز أبحاث الحكم الراشد ورفع القدرات.

أ. أمال الزين – محامية حقوقية وعضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني.

أ. عبدالعزيز أبو عاقلة – إعلامي بالحركة الشعبية لتحرير السودان ورئيس تحرير صحيفة سودانفويس الإلكترونية.

محمود إبراهيم – رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال “مكتب القاهرة” (الجبهة الثورية)

أول خطوة في النقاش نفهم الأول كل طرف شايف التحرك ده بأنهي شكل ومن أي زاوية، لهذا سألتهم:

توقيع إعلان المبادئ بين المجلس السيادي ممثلًا في رئيسُه “الفريق عبد الفتاح البرهان” وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ممثلة في قائدها “عبد العزيز الحلو”.. جاء بمثابة خظوة سياسية هامة، فماذا تعني هذه الخطوة؟

يقول مدير مركز أبحاث الحكم الرشيد، أ. أسامة عبد الرحمن: هذه الخطوة مهمة ومؤثرة جدًا في مسار السلام، لأن الحركة الشعبية لتحرير السودان (جناح الحلو) هي واحدة من أقوى الحركات المسلحة في السودان.. من حيث سيطرتها على حيز جغرافي كبير جدًا وتمتعها بجماهيرية واسعة حتى خارج حدودها الجغرافية، لذا فلا أكون مبالغ حين أقول إن هذه الخطوة هي عبور حقيقي نحو السلام.

بينما قالت المحامية الحقوقية آمال الزين، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، فألقت الضوء على جانب إجرائي وسياسي مختلف.. حيث قالت: أن توقيع الاتفاق خطوة فى طريق السلام الشامل وترسيخ الديمقراطية والنفاذ مباشرة لمخاطبة جذور الأزمة. أن المبادئ المتفق عليها طرحت القضايا الأساسية المتعلقة بالهوية وشكل الدولة والتنمية المتوازنة وأسست للقضاء على التمييز الديني والعرقي وبناء جيش قومي موحد. وكلها أمور جيدة قد تسهم في رتق فتوق سلام جوبا، الذى تم توقيعه مع عدد من الحركات المسلحة بما فيها الشق الثاني من الحركة الشعبية – شمال (جناح القائد مالك عقار).

لكن لابد من الإشارة لكون الاتفاقات الموقعة من قبل السلطة الانتقالية تم إبرامها بواسطة العسكر، وهذا تغول صريح على سلطات مجلس الوزراء، الذي خول له دستور الأنتقال إنجاز ملف السلام.. بينما جعل لمجلس السيادة بشقيه (العسكري والمدني) واجب الرعاية فيما يتعلق بهذا الملف. والأهم أن جُل هؤلاء العسكر ضالعين فى حروبات ما قبل الثورة وفاعلين فيها.. لذلك نلاحظ في هذه الاتفاقات “بوضوح” ضعف النصوص الخاصة بمعاقبة الجناة وإنصاف الضحايا وتسليم المطلوبين في جرائم حرب وإبادة جماعية للمحكمة الجنائية الدولية.

أما عبد العزيز أبو عقلة مؤسس موقع سودانيزفويس وعضو الحركة الشعبية فأبدى تفاؤل كبير بالخطوة التي أتخذتها حركته: هذه الخطوة تعتبر خطوة متقدمة جدًا.. فمنذ الاستقلال لم تتخذ للمؤسسة العسكرية السودانية خطوات حقيقية نحو تحقيق سلام عادل، بل كانت هي من تصدر الحروبات إلى الهامش، بالتالي حين يوقع قادة هذه المؤسسة مع قائد حركة من الهامش لها جيش وتفرض نفوذها على مناطق واسعة فهذا يُعد تقدم كبير نحو انفراجة على مستوى جذر مشكلة الحرب التي استهلكت زمن كبير من السودان دون حل.

من جانبه حرص أ. محمود إبراهيم في إجابته على توضيح موقف “الجبهة الثورية” التي يترأس مكتبها في القاهرة: نحن في الحركة الشعبية “الجبهة الثورية” ندعم أي مُطالب بحقوقه.. فأي خطوة في اتجاه السلام نحن معها.. وهذا ما أكدنا عليه كثيرًا، فنحن ندعم على طول الخط رفاق الحركة الشعبية “جناح الحلو” وأيضًا حركة تحرير السودان بقياد عبد الواحد محمد نور. لإننا كحركة شعبية “الجبهة الثورية” نرى أن تخلف أي من رفاق السلاح عن التوقيع سيعد خصم من عملية السلام برمتها.. فالعمل الذي تم هو دعم وخطوة للأمام في اتجاه السلام ويدعم بطبيعة الحال كل الحركات الموقعة سابقًا.

من المعلومات المجردة أن الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال هي أكبر حركات الكفاح المسلح حجمًا من حيث مساحة الأراضي التي تقع تحت سلطتها (المناطق المحررة) ومن حيث العُدة والعتاد وأيضًا من حيث التأثير السياسي.. فالنفوذ الشعبي والسياسي للحركة أوسع من نفوذها العسكري. فلماذا ياترى التوقيت الآن؟ بعد توقيع كافة حركات الكفاح المسلح عبر عدة اتفاقيات ضمت كل منها عدد من الحركات، ولماذا حدث الأمر بشكل مفاجئ؟

التوقيت.. لماذا التأخير ولم المفاجأة؟

لقاء البرهان والحلو
لقاء البرهان والحلو

قال ممثل الحركة الشعبية الموقعة على إعلان المبادئ، أبو عقلة: لم نختار التوقيت.. نحن “الحركة الشعبية” كنا مبادرين طوال الوقت ومرحبين دومًا بالتحرك نحو السلام، فسؤالك هذا توجهه “للعساكر” هم من اختاروا التوقيت بناء على حساباتهم لا نحن.

ثم أردف: المفاجأة الحقيقية ليست في التوقيت إنما في أقتناع المؤسسة العسكرية أخيرًا بأمكانية حدوث سلام عادل في السودان وأن يكون هناك تحول ديمقراطي، فبدون توقيع اتفاق مع الحركة الشعبية وجيشها الشعبي لن يتحقق لا سلام ولا استقرار.. فقط ستبقى البلاد عالقة في هذا المأزق التاريخي المستمر منذ الاستقلال.

إقرأ أيضا
المتحف اليوناني الروماني

ولم يرى محمود إبراهيم أن هناك تأخير: لا نرى أن هناك تأخير، فالمفاوضات معنا -كالجبهة الثورية- استمرت قرابة عشرة شهور قبل أن نصل للتوقيع على اتفاقية جوبا.. فمثل هذه الأمور تحتاج إلى وقت طويل من العمل الدؤوب، لذا فلا آرى أن هناك أي تأخير بل حدث الأمر في وقته المناسب، ولم يكن في الآمر مفاجأة فالخطوة لابد منها.. بالإضافة لوجود العديد من الضغوط الداخلية والخارجية لإتمام ملف السلام على أكمل وجه.

من جانبه قدم أسامة عبد الرحمن قراءة زمنية للمشهد ككل.. والذي حسب حديثه بدء منذ عدة أشهر: أعتقد أن المباحثات مع الحلو لم تبدء في وقت قريب إنما بدأت منذ مباحثات العام الماضي في جوبا، لكن هناك تحفظات من قبل الحلو حول مسار المفاوضات في جوبا والأجندة المطروحة لذلك أثر الإنسحاب، وانتظر قليلًا حتى يرى نتائج سلام جوبا بين الحكومة وتكتل الجبهة الثورية.

خلال هذه الفترة لم تكن هناك حرب بل كانت هناك اتفاقية منع للعدوان من الطرفين، فلم تطلق رصاصة واحدة من الطرفين طوال الفترة الماضية، بل على العكس كانت هناك حملات إغاثة تنطلق من الخرطوم إلى المناطق المحررة تحمل الغذاء والدواء. بالإضافة للتواصل المباشر بين الطرفين.. فرئيس الوزراء حمدوك زار كاودا (عاصمة الحركة الشعبية لتحرير السودان) مرتين خلال هذه المدة.

فالتواصل والمفاوضات غير الرسمية مستمرة وإبداء حسن النية موجود والحرب متوقفة، لكن هنالك ترتيبات سياسية لابد منها.. فالذي تأخر غالبًا هو هذه الترتيبات أما السلام الفعلي فأعتقد إنه تم منذ حوالي عام.

في حين رأت الزين المشهد من منظور سياسي تمامًا.. حيث أستفاضت: لا شك أن الأوضاع السياسية الآن في غاية الدقة والخطورة خصوصًا بعد إتفاق جوبا، حيث تم تنفيذ إنقلاب كامل على الثورة وعلى القوى صاحبة المصلحة في السير في طريق التغيير حتى إنجازه كاملًا وتم تعديل وثيقة الأنتقال المتفق عليها بالمخالفة لنصوصها وتعطيل المحكمة الدستورية ووقف تشكيل المجلس التشريعي والاستمرار في إصدار القوانيين وتمريرها بواسطة السلطة الاستثنائية لاجتماع المجلسين السيادي والوزراء، كل ذلك في محاولة للمحافظة على هذا الشكل الشائه للحكم وتثبيته وإيقاف عجلة التغيير بالإضافة للأوضاع المعيشية الصعبة مع سيطرة تحالف العسكر وأربعة أحزاب مع جزء من الحركات المسلحة على مقاليد السلطة.

كل هذا في مقابل حركة جماهير ما زالت نشطة وتنظيمات قاعدية فاعلة مثل اللجان المطلبية ولجان المقاومة وأسر الشهداء وأحزاب سياسية وتنظيمات مدنية أخرى تتمسك بأهداف الثورة وتلتزم بالنضال السلمي وطريق التغيير.. تتمسك بشكل قاطع بالدولة المدنية دولة الحقوق والمواطنة وترفض حكم الجنرالات.

إزاء هذا الوضع الدقيق كان لابد للسلطة الحاكمة بشقيها العسكري والمدني من محاولة ردم الهوة وخطب ود الجماهير والعالم الخارجي بإضافة خطوة أخرى في ملف السلام.. خصوصًا أن الخطوة السابقة لم تحقق إلا المزيد من الأعباء ولم ترضي أصحاب المصلحة في دارفور، ولم تحقق مكاسب تذكر بل لم تفلح حتى في وقف العنف.

للموضوع جوانب أخرى تم تغطيتها عبر المزيد من الأسئلة أوصلتنا للكثير من الإجابات.. فإلى الحلقة القادمة.

الكاتب

  • المائدة المستديرة رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان