” المرماح”.. موروث شعبي ارتبط بالفروسية وموالد الأولياء في جنوب مصر

ينتظرونه بفارغ الصبر، يستعدون له جيدًا، يجهزون الولائم لضيوفهم من محافظات مصر وخارجها ، ينصبون الخيم، يوزعون الدعوات، ويتنافسون على من يدرب خيله على أكمل وجه حتى يفوز ويعلي اسمه واسم عائلته بين القرى وبلدان الصعيد، يطلقون على خيولهم أسماء لتصف حالهم، يعزفون على المزمار حتى تتبختر الخيول بزينتها وهي ترقص بخطوات رشيقة، تفتخر الصعيد به إذ يعد أحد المواريث الشعبية المهمة لديهم، يرتدون أفضل ما عندهم من ثياب حتى يظهرون في أفضل شكل ليحتفلون بالمرماح.

المرماح  واستعراض مهارات الفروسية في محافظات الجنوب

المرماح هو نوع من التنافس بين الخيول في محافظات مصر الجنوبية أمثال قنا و أسوان والأقصر، حيث يقوم الفارس باستعراض براعته في الفروسية وركوب الخيل حيث يجري بينهم سباقات سرعة في مكان يتم اختياره وذلك وفقًا لمواصفات معينة، حيث تصاحب تلك المسابقات أجواء اجتماعية ونشاطات اقتصادية وتآلف بين الأسر والقبائل، إذ يُعد أحد الطرق لتقريب صلة الرحم بين القبائل.

يقول” محمد عادل العماري” أحد منظمين مرماح منشأة العماري في الأقصر، وأحد الفرسان المشاركين في المرماح، إن المرماح أحد المواريث الشعبية في الصعيد وأحد أهم المناسبات التي تقوم بها، حيث يتوافد عليه الآلاف من جميع محافظات مصر حتى من خارجها وقد يصل العدد لـ 150 ألف شخص.

تجهيزات المرماح

يضيف “عادل” في تصريحات “للميزان” أن المرماح يتم بمشاركة واسعة من أصحاب الخيول العربية الأجنبية، حيث يتم البدء في دعوة الجمهور قبله بشهر كامل.

و يتولى التجهيزات مجموعة من الشباب من قرية العماري قبل المرماح بـ 14 يومًا من تجهيز الخيام وتجهيز المكان الذي سيقام فيه المرماح، الذي يكون على أرض غير زراعية بمساحة 8 فدان حتى تتمكن من استقبال أعداد الجمهور الغفيرة، فضلًا عن تخصيص مكان لحلقات الذكر وأماكن لاستقبال الخيول المشاركة في المرماح، التي يصل عددها لـ 200 حصان.

أما في آخر 7 ليالي تقوم أهالي القرية المستقبلة للمرماح بذبح المواشي للاستعداد له دون تلقى الدعم من أي جهات أخرى ما يكلفها أموال طائلة، وفي الـ 5 أيام السابقة للمرماح تبدأ الأهالي في استقبال الجمهور الغفير الذي يأتي بخيوله الراغبة في المشاركة.

تجيهزات الخيول

أما عن تجهيزات الخيول للمشاركة في المرماح يوضح “عادل” أن كل فارس  يدرب خيله جيدًا حتى يستطيع المشاركة في المرماح مطلقًا عليه اسم يعبر عن أداه كالسندباد والسريع وغيرها من الأسماء كما يتم مراعاتها وكأنها أحد أفراد أسرته حتى إذ تعرض للتعب أثناء المرماح يتم إخراجه منه حتى لا تتدهور صحته:”بنعامل الخيول كأنها أحد أفراد الأسرة سوا في الأكل أو الشرب أو المتابعة عند الدكتور الخيل عندنا مش مجرد خيل عادي نستخدمه وقت الحاجة ونهمله بعدها لا الخيل عندنا هو واحد من ولادنا”

كما يقوم كل فارس بتلميع العدة الخاصة بالخيل وهى العدة العربي الأصيلة المأخوذة من العصر الإسلامي القديم.

وقت المرماح

عند انطلاق المرماح يدخل كل فارس ويعطي التحية عن طريق إعطاء النقطة كتحية لهم على العزف، ثم يقوم  بالرمح، وهو الإسراع بخيله ذهابًا وإيابًا في استعراض سريع و تشجيع كبير من عائلته وقبيلته والحضور.

بعد ذلك يبدأ كل فارس بجعل خيله  يلعب تحت العصا الزان، وهو ما يطلق عليه في عرف المرماح بـ “التقطيع” لمدة ربع ساعة لاستعراض مدة قدرته على السيطرة على خيله في الدوران.

إقرأ أيضا

بيت الست وسيلة والشعر العربي

يوضح “عادل” أن الشخص الذي يقع من على الخيل أثناء المرماح يحرم من المشاركة مستقبلًا كما أنه يجلب الإحراج لعائلته وقبيلته.

وفي الليلة الأخيرة من الاحتفال تقام الذبائح بجميع البيوت لوضع الولائم وإطعام الجماهير مع حفلة رقص للخيول.

و دائمًا ما يرتبط المرماح باحتفالات موالد الأولياء في الصعيد، مثل مرماح مولد العارف بالله عبد الرحيم القناوي، وأبو الحجاج الأقصري، والعارف بالله في سوهاج، ويُعد المرماح من أهم عناصر جذب السياحي لمحافظة الأقصر وأسوان، إذ يعجب السياح الذين يشاهدون تلك المشاهد ببراعة الفرسان في ركوب الخيل دون اللجوء إلى مدارس تعليم.