همتك نعدل الكفة
205   مشاهدة  

الموازنة العامة للدولة في عشرة أعوام (1-2) المصروفات العامة من الانهيار إلى الانطلاق

وزارة المالية
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



يبدأ العام المالي في مصر مع الأول من يوليو سنويًا، إذ تدخل في هذا اليوم الموازنة العامة للدولة حيز التطبيق، ومعها مجموعة كاملة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية، التي تُعطي مؤشرًا بالغ الصدق عن الحالة الاقتصادية العامة للدولة، وانحيازاتها الاجتماعية الحالية وما يواجهها من عقبات، فضلًا عن توضيح مدى فاعلية ما اتُخذ من قرارات في العام المالي السابق، وما أُعد من خُطط لمواجهة تحديات المُستقبل.

ويحل يوليو هذا العام وقد انتهت مصر من برنامج إصلاح اقتصادي –استمر تنفيذه ثلاث سنوات- كانت قد اتفقت على تطبيقه مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر عام 2016، في مُقابل منحها قرضًا مُمددًا بقيمة 12 مليار دولار تقريبًا، واجهت مصر بعده التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، الأمر الذي جعل الاقتصاديين في انتظار صدور الموازنة العامة للدولة هذا العام، لقياس نتائج هذا البرنامج وانعكاساته عليها في ظل الصدمة الأكبر للاقتصاد العالمي مُنذ الكساد العالمي الكبير في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي.

يشير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى أن الموازنة العامة أساسًا إلى قسمين رئيسين هما المصروفات والإيرادات، ويتفرع كُل منهما في تقسيم اقتصادي إلى عدة أبواب يُعبر كُل منها عن مورد أو مصرف مُعين لأموال الدولة، لذلك يأتي هذا المقال ليُحلل الجوانب الأساسية للموازنة العامة للدولة لعام 2019/2020، ويستعرض التطورات التي لحقت بها، في ضوء ما انتهجته الحكومات المُتتالية من سياسات في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي، وانعكاسات هذه التطورات على المؤشرات الكُلية للاقتصاد المصري.

المصروفات العامة

تُعرف المصروفات العامة بأنها “كُل إنفاق حكومي بغرض إشباع الحاجات العامة، مثل دفع الرواتب، وبناء البنية التحتية”، وتشمل المصروفات ستة أبواب هي على الترتيب: 1-الأجور وتعويضات العاملين، 2-شراء السلع والخدمات، 3-الفوائد، 4-الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، 5-المصروفات الأخرى، 6-شراء الأصول غير المالية، ويركز هذا المقال على ثلاثة أبواب فقط من بينها، هي: الأول، الثالث، الرابع، وذلك لأهميتها المُطلقة بالنسبة للمالية العامة من ناحية والمواطنين من ناحية أخرى.

 

الأجور وتعويضات العاملين:

تطور مُخصصات الباب الأول أجور وتعويضات العاملين خلال الفترة 2006/2007 – 2020/2021
تطور مُخصصات الباب الأول أجور وتعويضات العاملين خلال الفترة 2006/2007 – 2020/2021

يُعد هذا الباب واحدًا من أهم أوجه الإنفاق في الموازنة العامة للدولة، أولًا: من حيثُ حجم المُخصصات مُقارنة بإجمالي المصروفات، إذ بلغت نسبة مُخصصاته في مُعظم السنوات ما يزيد عن 25% منها، وثانيًا: من حيث أوجه الاستخدام، إذ تضُم الدولة موظفين يعملون في وزارات وجهات أخرى تابعة لها، تُدفع لهم أجور شهرية وتعويضات في حالة مرضهم أو عجزهم عن طريق هذا الباب.

وقد شهدت مُخصصات الباب الأول ارتفاعًا مُستمرًا مُنذ عام 2006/2007 –أول إقرار للموازنة في شكلها الجديد- عندما بلغت 51.4 مليار جنيه بنسبة 18% من إجمالي الاستخدامات، وصولًا للعام المالي 2019/2020 والذي بلغت مُخصصات الباب الأول فيه 301.1 مليار جنيه بنسبة 15% من إجمالي استخدامات الموازنة العامة، وهو ما حقق نسب نمو لمخصصات الباب في إجمالي الفترة تقترب من 600%، ويوضح الشكل التالي، نمو مخصصات الباب خلال فترة الدراسة.

ويُمكن تقسيم نسب النمو التي شهدها هذا الباب خلال فترة الدراسة إلى أربع فترات، أولًا- ما قبل ثورة “25 يناير” حيث نمت مخصصاته بمُعدلات 17% في المتوسط بسبب ما شهده الاقتصاد المصري من استقرار أدى إلى ارتفاع نسب النمو لتبلغ 7% خلال بعض الأعوام. وثانيًا – الفترة ما بعد “25 يناير” وحتى 2014/2015 حيث شهدت هذه الفترة مُعدلات نمو للباب أعلى من 20% وذلك بسبب الضغوط العُمالية والمُطالبات الفئوية برفع الأجور واستجابة الدولة لهذه المطالب بسبب حالة السيولة التي شهدتها البلاد من ناحية ومحاولة رفع شعور المواطنين بالعدالة الاجتماعية.

أما الفترة الثالثة فهي فترة الإصلاح الاقتصادي بداية من العام 2015/2016 وحتى 2017/2018، إذ استقرت نسب النمو في السنوات الثلاث عند مُعدلات 5% تحقيقًا لإعادة هيكلة الموازنة العامة. وأخيرًا فترة ما بعد انتهاء برنامج الإصلاح الاقتصادي التي تبدأ من العام المالي 2018/2020 الذي شهدا نموًا بنسبة 13% على لتستقر بعده نسب النمو عند مُستوى 11% خلال العامين التاليين لتقليل آثار التضخم التي بلغت ذروتها خلال الفترة السابقة وبمُعدلات لامست 37% خلال بعض أشهر عام 2017، وهو ما يعد عودة لمُعدلات النمو الطبيعية قبل ثورة “25 يناير”.

 الفوائد:

الموازنة العامة للدولة
تطور مُخصصات الباب الثالث الفوائد خلال الفترة 2006/2007 – 2020/2021

تُعاني الموازنة العامة للدولة من عجز هيكلي مُستمر تموله الحكومة عن طريق إصدار سندات وأذون خزانة أو اللجوء إلى قروض طويلة وقصيرة الأجل لتلبية الاحتياجات العامة، ويترتب على هذا الاقتراض خدمات ديون تتمثل في الفوائد المُستحقة عليه والمصاريف الإدارية اللازمة لإتمامه والناتجة عن التأخر في سداده.

بالتالي تُربط مُخصصات هذا الباب لخدمة هذه القروض، وتُخصص لهذا الباب نسبة مُعتبرة من مصروفات الموازنة العامة، بلغ أدنى مستوى لها خلال فترة الدراسة نسبة (15%) من إجمالي المُخصصات عام (2008/2009)، بينما وصلت أعلى نسبة لها (31%) عام (2018/2019)، ويوضح الشكل التالي نمو مُخصصات الباب خلال فترة الدراسة:

ويُظهر الشكل انخفاض نسب نمو مُخصصات هذا الباب من مُعدلات تراوحت ما بين 23: 40% خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي في الفترة ما بين 2016/2017 – 2018/2019 لتصل إلى مُعدلات 5% فقط خلال العام المالي الحالي في اقترابٍ شديدٍ من مُعدلات نمو ما قبل 2008/2009، ثم بدأت في الانكماش خلال العام 2020/2021، رغم الإنفاق الضخم الذي شهده العام المالي 2020 خاصة في النصف الثاني منه لمواجهة آثار جائحة كورونا، وهو ما يُشير إلى أنه في حال استكملت الحكومة خطواتها نحو الإصلاح فإن الفوائد ستتخذ طريقها إلى الانخفاض خلال الأعوام القادمة.

الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية:

الموازنة العامة للدولة
تطور مُخصصات الباب الرابع الدعم خلال الفترة 2006/2007 – 2019/2020 في الموازنة العامة للدولة

يضُم هذا الباب مُخصصات برامج الحماية الاجتماعية التي تُقدمها الدولة للمواطنين انطلاقًا من دورها الاجتماعي، وتتألف هذه البرامج من تدخُلات مُنتظمة تهدف إلى تخفيف أعباء مجموعة مُحددة من المخاطر الاجتماعية عن الأُسر والأفراد. والمخاطر الاجتماعية هي أحداث أو ظروف يُمكن أن تؤثر تأثيرًا مُعاكسًا على رفاهية الأُسر، إما من خلال فرض مطالب جديدة على مواردها أو من خلال خفض دخلها، ويوضح الشكل التالي تطور مُخصصات هذا الباب:

من الشكل السابق يُتضح أن هذا الباب إلى جانب البابين الأول والثالث تُشكل معًا أكبر أبواب الموازنة العامة من حيثُ المُخصصات في جانب المصروفات، إذ كان يُخصص لهذا الباب وحده ما لا يقل عن رُبع الموازنة، وبلغ أكبر تخصيص له خلال فترة الدراسة عام 2008/2009 بنسبة 39% من إجمالي المصروفات، بينما أقل تخصيص في عام 2019/2020 بنسبة 17%، ويرجع هذا الانخفاض كنسبة من إجمالي المصروفات إلى إعادة توزيع مُخصصات الباب بشكل أكثر كفاءة وفاعلية، ورفع مُخصصات أنواع أخرى كالدعم المادي المُباشر، ودعم السلع التموينية، على حساب دعم المواد البترولية غير المُباشر والذي يعيبه عدم كفاءة التوزيع، ويوضح الشكل التالي تغيُر توزيع مُخصصات الباب خلال فترة الدراسة:

الموازنة العامة للدولة
تباين مُخصصات باب الدعم فيما بين العامين 2011/2012 – 2019/2020

يُبين الشكل تحول مُخصصات الدعم من التركز في دعم المواد البترولية والكهرباء إلى شتى أنواع الدعم الأخرى بما فيها دعم المواد الغذائية المُتمثل في دعم السلع التموينية، والدعم النقدي المُباشر الذي يظهر في عدة برامج أهمها تكافل وكرامة.

الكاتب

  • الموازنة العامة للدولة وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان