الموريسكيون في مصر .. إذا كنت من كفر الشيخ فربما يكون جدودك من إسبانيا
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يُعْرف في التاريخ الجغرافي للأندلس، طائفة سكانية أخذت اسم الموريسكوس وتحولت بالعربية إلى الموريسكيين ، وجاءت التسمية من “موروس” بمعنى المسلمين الذين بقوا في الأندلس وتدينوا بالمسيحية، وهم يخفون الإسلام خوفاً على حياتهم، وما لبث أن تهجروا في بقاعٍ كثيرة، غير أن هناك جانب مخفي من تهجير الموريسكيين وهو استقرارهم بمصر.
بدأ استقرار الموريسكيين في مصر، بالإسكندرية ثم تفرعوا لينصهروا مع المجتمع المصري في القاهرة والمنصورة ودمياط ورشيد وكفر الشيخ، وطريقة وصولهم للإسكندرية كانت حينما وقعوا في الأسر عند المغرب، فافتدوا أنفسهم في جزيرة جربة التونسية مقابل مبلغ استدانوه من بعض المغاربة على أساس تسديده لهم في مدينة الإسكندرية.
اختيار الموريسكيين للإسكندرية تحديداً كأول بلدة ينزلون فيها، يوضح سببه الدكتور عبد الرحمن عبد الرحيم، في دراسته “الموريسكيون في مصر من خلال وثائق المحاكم الشرعية فى العصر العثماني”، حيث أن الموريسكيين كان يدفعهم الاعتقاد بأن الإسكندرية ثغر رباط يجب التمسك به لجهاد أي معتدي، وحث أهل مصر على الجهاد، وبقي أملهم في استرداد الأندلس باقياً حتى تضاءل بفعل الزمان.
اليقين في عدم عودة الموريسكيين إلى الأندلس دفعهم إلى ممارسة كافة الأنشطة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية في مصر، بعد أن كانوا يمارسونها في الأندلس، وشهدت مصر على أيديهم طفرةً قوية خلال القرنين السادس عشر و السابع عشر.
كان الحنين الأندلسي للموريسكيين موجوداً رغم الإقامة في مصر، وذلك بإقران أسماءهم منتسبة للأندلس فتجد غالبية الرجال يحملون لقب “ألأندلسي” ورغم ذلك لم يكونوا يعيشوا في عزلة عن أهل مصر، حيث صاروا عائلات مشهورة لاحقاً كعائلات الرويعي، والطرودي، والشاطبي، والبرجي .
وساهم الموريسكيون في تعمير الإسكندرية من الناحية الشمالية، مطلقين عليها اسم ” الجزيرة الخضراء”، كما يوضح ذلك كتاب العائلة والثورة، وجاء الاسم تيمّنا بالجزيرة الخضراء الأندلسية، كما سموا حي “الشاطبي” نسبة لمدينة شاطبة الأندلسية، وهو نفس الشيء الذي جرى في تسمية “المنشية”، حيث أطلقوا عليها هذا الاسم نسبة لمدينة لا مانتشا القشتالية.
ولم تكن أسماء المدن باللهجة الأندلسية هي الإرث الباقي للمورسكيين، بل شمل تأثيرهم أيضاً في النواحي الاقتصادية، كون أن عائلة الرويعي هذه هي التي كانت فيها “شهبندرة” التجار، وعلى المستوى الديني بدا تأثير المورسيكيين واضحاً، كون أن تأثير الثقافة الصوفية بعروس البحر المتوسط كانت على يد صوفية أندلسيين مثل الطرطوشي وأبو المرسي أبو العباس.
من الإسكندرية انتقل المورسكيين لكفر الشيخ، وربما هم الذين عمروا تلك المنطقة التي تتميز بالانخفاض السكاني، وأسس الموريسكيين في كفر الشيخ مدناً ترجع تسميتها إلى أطلال ماضيهم الأندلسي، فمنطقة الحمراوي في الزقازيق يرجع تسميتها لبلدة الحمراء الأندلسية، بل إن اسم كفر الشيخ نفسه سببه الموريسيكون، فقبل التسمية الحالية كان اسمها ” دنيقون”، وتحول اسمها إلى “كفر الشيخ”، حيث أن كلمة كفر تطلق على القرية الصغيرة، وحينما سكنها الشيخ طلحة التلمساني الأندلسي المغربي، مات فيها وبُنَي له ضريح فتسمت بـ “كفر الشيخ طلحة”، كما شمل تأثيره طنطا أيضاً، كون أنه خال السيد البدوي.
إقرأ أيضاً
صرخة فيليب ناتاسون.. كشفت تورط اليهود في حوادث القاهرة والإسكندرية عام 1954
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال