“الولد سر أبيه” كيف أثَّر والد عبدالله رشدي في منشورات نجله حيًا وميتًا
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
بين والد عبدالله رشدي ونجله تشابهات متعددة لم يتم الاهتمام بها من قبل، كون أن الإبن يتشدق دائمًا بجملة الأزهر قادم مرفقًا إياها عبر هاشتاج بالمنشورات التي تتعلق بقضايا المرأة، وكان رشدي (الإبن) خلال سنوات خلت مؤثرًا في بعض الأزهريين حتى حدث صدام بين منهج الأزهر وداعية الهاشتاج ليُطْرَح سؤال : هل منهج عبدالله رشدي العلمي قائم على تراث الأزهر نفسه.
والد عبدالله رشدي وتكفير مجتمعه منذ الطفولة
خلال فترة خمسينيات القرن الماضي ولد محمد رشدي محمد السعداوي “والد عبدالله رشدي” في قرية كوم جعيف التابعة لمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة.
نشأ والد عبدالله رشدي على شعور بتكفير مجتمعه منذ أن كان طفلاً، وليس في الأمر مبالغة فقد قال محمد رشدي عن حياته في مقدمة كتابه الكوكب الدري في بيان حقيقة العذر بالجهل بعد النبي، «كان أهل قريتي يعبدون الله على ما ورثوه عن آباءهم وأجدادهم، العبادات عندهم محتلطة بشيء من البدع، وكان لدي نفور فطري مما يسمونه حلقات الذكر التي تقام في الموالد، فلم أشارك فيها قط ولا في شيءٍ من الشركيات السائدة من نذر أو ذبح لأصحاب القبور».
نشأة والد عبدالله رشدي العلمية لم تكن دينية
لم يدرس والد عبدالله رشدي أي علم شرعي أو ديني منذ ميلاده وحتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي، فقد انتقل للقاهرة للدراسة العادية، وفي سنة 1970 سافر في بعثة علمية إلى الاتحاد السوفييتي والتحق بالأكاديمية الهندسية في مدينة أوديسا التابعة لدولة أوكرانيا وتخرج منها سنة 1973 م.
عاد محمد رشدي من بلاد السوفييت إلى القوات المسلحة حيث كان ضابطًا بها، وفي سنة 1976 سافر إلى ألمانيا لدراسة مصانع المباني، ومع العام 1980 سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة اللغة الإنجليزية.
الثلاث رحلات التي قضاها محمد رشدي في الاتحاد السوفييتي وألمانيا وأمريكا لم يذكر عنها سوى مواقف دينية مع شعوب البلاد التي زارها، دون أن يذكر ما قدمه في تخصصه وهو الهندسة.
في أغسطس سنة 1988 سافر محمد رشدي إلى المملكة العربية السعودية للعمل والعلم، لكن رغبته في العلم كانت لسبب آخر ذكره في ص 15 من كتابه حيث قال «غادرت مصر إلى السعودية والخلاف شديد بين بعض الجماعات الإسلامية والدولة، لكن كان هناك خلاف بين الجماعات الإسلامية وبعضها في المفاهيم الفقهية، ولم يكن واردًا قط في ذهني أن تتسلق آفة الخلاف شجرة التوحيد الذي هو أصل الدين»
تتلمذ والد عبدالله رشدي على يد أساطين رموز الفكر الوهابي السلفي بالسعودية آن ذاك فكان أولهم صالح بن عبدالرحمن الأطرم المدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود، وقرأ عليه التفسير والتوحيد ومصطلح الحديث والفقه على مذهب أحمد بن حنبل ومسائل التوحيد عند محمد بن عبدالوهاب فضلاً عن أطروحات المجتمع الجاهلي.
التلمذة على يد الأطرم تطورت فصار تلميذًا لـ عبدالرحمن بن جبرين عضو مجلس الإفتاء بالسعودية، وعبدالعزيز بن باز، ومحمد صالح العثيمين وصالح بن فوزان الفوزان وناصر العمر وعبدالله بن غديان ومحمد الحربي وجميعهم كانوا ولا زالوا من رموز السلفية الوهابية.
ظل محمد رشدي السعداوي 6 سنوات بالمملكة العربية السعودية وكانت من أشد سنوات السعودية توهبًا، خاصةً مع اجتياح العراق للكويت، وخلال السنوات الستة كان عبدالله رشدي مع أبيه في السعودية حتى نزلوا إلى مصر سنة 1995 م.
ما بين عبدالله رشدي وأبيه .. الاتفاق وحقيقة الاختلاف
ظاهريًا يختلف عبدالله رشدي مع أبيه في المنهج، فالوالد سلفيًا وهابيًا قُحًّا، أما نجله فهو لم يدخل حتى الآن في أي مناوشات جدية حول السلفية الوهابية، وذلك لأنه يرغب في مسك العصا من المنتصف، وهذا يفسر سبب صلة صداقة بين عبدالله رشدي ونجل الحويني، لأن والد عبدالله رشدي وأبو إسحاق الحويني أصدقاء منذ ثمانينيات القرن الماضي كما ذكر محمد رشدي في ص 240 من الكتاب؛ وفي نفس ذات الوقت يبدي عبدالله رشدي اقتناعه بأشياء صوفية مثل التوسل التي أغضبت السلفيين وقتها.
المرأة هي محور اتفاق الوالد وابنه، فالاثنين (الأب والابن) ظهرا في لقاءٍ حول فرضية النقاب ووقتها كان والد عبدالله رشدي داعمًا لفرضية النقاب وقد اختلف ابنه معه على الهواء في الاستدلال، لكن فيما بعد الإبن فأمسك العصا من المنتصف، حول فرضية النقاب لكنه تأثر بأبيه في نظرته للمرأة بصفتها مصدر الفتنة.
كذلك مسألة الأشعرية، فوالد عبدالله رشدي ضد الأشاعرة جملةً وتفصيلاً وكتابه الكوكب الدري دليل على ذلك، بعكس الإبن فحين سُئِل هل أنت أشعري لم يجب على السؤال وإنما اكتفى بمدح الأشاعرة.
مسألة أهل الفترة أيضًا اتفق الطرفين الأب والابن على عدم نجاة والديّ النبي من النار.
الصدفة القدرية هو موقف الأزهر من الأب والابن، فالأزهر سنة 2006 سمح بنشر كتاب والد عبدالله رشدي بتوقيع أمين مجمع البحوث الإسلامية وقتها إبراهيم عطا الفيومي والذي قال « الكوكب الدري في بيان حقيقة العذر بالجهل بعد النبي لـ محمد رشدي السعداوي لا يعارض العقيدة الإسلامية»، رغم أن منهج الأزهر لا يقوم على التكفير ولا يتبنى التوحيد وفق مدرسة محمد بن عبدالوهاب التي يروج لها الكتاب.
الأزهر كرر الأمر نفسه مع عبدالله رشدي فقد سمح له في سنوات المناظرات بأن يكون نجمًا حتى تبرأ الأزهر منه لاحقًا.
الموقف السياسي فقط هو الخلاف بين عبدالله رشدي وأبيه، فوالده كان رافضًا لمبارك وداعمًا للإخوان، بينما عبدالله رشدي حتى اليوم من العاشقين لمبارك والمتعاملين مع حازمون حتى أنكر أنه إخواني وصار مؤيدًا لحكم الرئيس عبدالفتاح السيسي وفي نفس ذات الوقت رأى في سلاطين آل عثمان أنهم أسياده.
لكن في الحقيقة فعبدالله رشدي يتشابه إلى حدٍ بعيد مع أبيه في المنهج تمامًا كتشابهه في نبرة الصوت، الفارق أن عبدالله رشدي يعي معنى الإعلام ولغة السوشيال ميديا بعكس أبيه.
اقرأ أيضًا
رجاءًا عبدالله رشدي إخرس .. ربما الصمت أفضل لك
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال