بابا شارو المُعلم والأستاذ ورائد فنون الإذاعة في الوطن العربي
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
في البدء كان الراديو، وهو أحد رواده الذين لهم بصمة واضحة في قيام وتطور الفن الإذاعي، شاءت الظروف أن أكون موجوداً في الاستديو عندما أعلنت الإذاعية الكبيرة نادية صالح خبر وفاته على الهواء في موجز الأنباء، ولم تستطع أن تتمالك دموعها، فقد رحل المعلم والأستاذ، إنه الإعلامي الكبير محمد محمود شعبان أو كما يعرفه المستمعون بابا شارو .
هو ابن الإسكندرية، ابن البحر والبراح، اسمه بالكامل محمد محمود شعبان سلامة، ولد في الرمل، عام 1912، درس في كلية الآداب، وتخرج من قسم الدراسات اللاتينية عام 1939.
كان حلم الأب أن يصير الابن محامياً، ولكن على عكس التيار صار محمد إعلامياً، فقد التحق بعد تخرجه بالعمل في الراديو تاركاً الجامعة، وكانت التوصية من عميد الأدب العربي وأستاذه وقتذاك الدكتور طه حسين.
بدأت الرحلة مع الراديو كمعد للبرامج ثم أصبح مقدّماً لها بالصدفة، وهي قصة معروفة، حيث تغيبت إحدى المذيعات المسؤولة عن تقديم أحد برامج الأطفال، فطلب منه أن يكون البديل إنقاذاً للموقف، وتشاء الظروف أن يجيد تقديم الحلقة، فيطلب منه الاستمرار في تقديم برامج الأطفال بالإضافة إلى عمله.
ثم كان العمل مع الدراما والصور الغنائية، ولا يعرف كثيرون أنه من أشهر مخرجي الراديو، فقد أخرج بابا شارو للإذاعة صوراً غنائية وبرامج درامية لا حصر لها مازلت جزءاً من وجدان عشاق الإذاعة حتى الآن.
بالطبع سيظل جوهرة التاج في تاريخ أعماله التي ارتبطت بالمستمعين حلقات ألف ليلة وليلة التي كتبها للإذاعة طاهر أبو فاشا، ألف حلقة تحمل اسمه حتى الآن.
مما قدّمه بابا شارو في الراديو، الدندورمة، وعيد ميلاد أبو الفصاد والراعي الأسمر، وهي أعمال صارت تراثاً إنسانياً تتدواله الأجيال حتى الآن.
عشرون عاماً قضاها بابا شارو في برنامجه الذي يقدمه للأطفال، والذي اكتسب هذا الاسم من صدفة أخرى وخطأ في قراءة الاسم فيظل ملتصقاً به عمره كله.
تتلمذ على يد بابا شارو إعلاميون كثر، فلقد كان مدرسة في فن الأداء، وكل الأجيال الإذاعية الشهيرة تتلمذت على يده، كما قام بابا شارو بالتدريس في الجامعة من عام 1978 إلى عام 1981 كأستاذ متفرغ لجامعة الملك عبد العزيز في السعودية، وأنشأ فيها كلية الإعلام، كما كان له الفضل في إنشاء معهد التدريب على العمل الإذاعي في مصر المعروف حالياً بمعهد الإذاعة والتلفزيون.
الصدف لعبت دوراً كبيراً في حياة بابا شارو، فمن معيد في الجامعة، إلى معدّ برامج في الإذاعة، إلى واحد من أشهر مقدمي برامج الأطفال، وأيضاً كانت الصدفة في لقاء الحب الذي انفتح له القلب، حيث لقاء صفية المهندس في داخل الإذاعة، وقصة حب وزواج استمرت عشرات السنوات.
رحل الرائد والأستاذ في العاشر من يناير من عام 1999، وبقي اسمه وأعماله مخلده في وجدان الشعب العربي كله من المحيط إلى الخليج، ولمن لا يعلمون، فإن أكبر استديو إذاعي في ماسبيرو أطلق عليه استديو محمد محمود شعبان، بابا شارو، تقديراً لدور هذا الإعلامي الكبير.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال