بجانبه الجميلات.. حكاية الصورة الأخيرة للشيخ محمد عبده في أوروبا
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مفاجأة قد يراها البعض غريبة في تراث الشيخ محمد عبده ، وهو العثور على صورة نادرة له وسط رموز متعددة الأفكار والبلدان نشرتها مجلة الإثنين والدنيا سنة 1942 م، حيث يبدو كما يصف الكاتب العراقي صادق الطائي واقفا وهو يتكئ بمرفقه على سياج متنزه باريسي، بينما تقف سيدتان إلى يمينه وإلى شماله، وهما تنظران إليه بينما هو ينظر في عين العدسة.
يجلس على الأرض أمامهم الشاعر التركي علي كمال وهو بالملابس الأوروبية بشاربه ونظارته الطبية التي يحدق عبرها بعدسة الكاميرا، بينما جلست على يمينه سيدة تحدق به في هيام وعلى يساره سيدة تحتضن كتابا مفتوحا وهي تنظر إلى الشاعر.
مناسبة التقاط هذه الصورة، أن نازلي فاضل الواقفة على يمين الشيخ محمد عبده، تزوجت زيجتها الثانية من الوزير التونسي خليل بو حجاب، وهو أبرز الشخصيات الفكرية في الجمعية الخلدونية، وقضت عقب الزواج رحلة صيف في باريس وهناك التقت الصحفي الليبرالي علي بك كمال الذي كان في فترة خطوبته وبجانبه خطيبته واختاها، وكانت هذه الصورة هي آخر رحلة للشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية إلى أوروبا.
ليس غريباً أن توجد نازلي فاضل مع الشيخ محمد عبده، حيث أنها استطاعت بحكم صلة القرابة مع الخديوي توفيق وعباس حلمي الثاني أن تحصل على عفو عن الشيخ محمد عبده الذي كان منفيا في بيروت، ليعود إلى القاهرة عام 1889، وليرتبط مع الاميرة بعلاقة ود وصداقة مميزة، وليكون أحد أهم وجوه صالونها الأدبي في قصرها.
أما الشخصية الأخرى فكان الصحفي علي بك كمال، جد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، واسمه الحقيقي علي بك رضا، وكان يكتب مقالاته في الصحف العثمانية باسم مستعار هو علي كمال، الاسم الذي طغى على شخصيته بعد ذلك، كان معارضا ليبراليا أبان حكم السلطان عبد الحميد الثاني، مما تسبب في نفيه من الدولة العثمانية فتجول في دول أوروبا والشرق الأوسط وتعرف على فتاة إنجليزية من أصل سويسري هي وينفريد برون التي تزوجها في 11 سبتمبر 1903 في لندن.
عاشا فترة معاً وأنجبا ابنهما عثمان كمال، الذي ما لبث أن تغير اسمه ابان اشتعال الحرب العالمية الأولى ويصير اسمه عثمان كمال جونسون، عاد علي كمال إلى اسطنبول بعد الانقلاب الدستوري عام 1908، لكنه كان معارضا ليبراليا لجمعية الاتحاد والترقي الحاكمة، وأصبح عضوًا في البرلمان عن الحزب الليبرالي وأصدر جريدته أقدام، والتي كشفت تفاصيل مذابح الأرمن عام 1915 م.
رغم عدم وجود أي سيرة ذاتية عن هذا الصحفي، لكن يبرز دور الشيخ محمد عبده في تشكيل فكر علي كمال ليبرالياً، نظراً لأنه تعلم على يديه الصحافة، فضلاً عن فنون السياسة وظل ملازماً لدروسه ومتابعاً لأخباره حتى وفاة الشيخ محمد عبده سنة 1905 م.
إقرأ أيضاً
وثائق وفاة الشيخ محمد عبده .. حدثت يوم صدور شهادة ميلاده وابنته ماتت حزنًا عليه
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال